د. ماركو يوسف بجوار د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى
د. ماركو يوسف بجوار د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى


د. ماركو يوسف فى حواره لـ «الأخبار»

حوار| ماركو يوسف: اكتشاف الجين المسبب لسرطان الكبد منحني «جائزة نيوتن»

وفاء صلاح

الخميس، 17 ديسمبر 2020 - 08:00 م

بينما يعزف الكثير من باحثينا على نغمة ضعف الإمكانيات وعدم وجود المناخ المشجع على الإبداع، تبريرا لضعف إنتاجهم العلمى وقلته، هناك من اختار أن يعزف على نغمة أخرى، وهي الإصرار والتحدي، لينجح في تجاوز أمواج الصعاب العاتية، ليحط بسفينته على شاطئ الإنجازات.

من بين هؤلاء، ابن مركز سمالوط بصعيد مصر، الدكتور ماركو يوسف زكي، المدرس بكلية الصيدلة جامعة المنيا، والذي أصبح خلال الأيام الماضية هدفًا لمحطات التليفزيون المحلية والعالمية، بعد أن أصبح أول مصري يفوز بجائزة نيوتن العالمية التي تمنحها بريطانيا، متفوقا على 27 باحثا من دول مختلفة.

«الأخبار» التقت به للتحاور معه حول «الفكرة»، التي تمثلها قصة نجاحه، والتى يمكن أن نقدمها نموذجا للباحثين الجادين الراغبين في رفع شعار «صنع فى مصر».

هل كانت هذه هي المرة الأولى التي يفوز بها مصري بجائزة مسابقة نيوتن؟

نعم هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها باحث مصرى على جائزة  نيوتن.

فى وجود منافسين من دول أخرى، ربما توفر لباحثيها إمكانيات كبيرة، هل كنت تتوقع الفوز؟

لم أكن أتوقع الفوز بالجائزة لشدة المنافسة ووجود أبحاث أخرى رائعة.

من هو أول شخص فكرت فى إبلاغه بخبر فوزك بالجائزة؟

زوجتي بالطبع، تلك السيدة العظيمة التي ساندتني وشاركتني سهر ليال طويلة حتى أحظى بهذا التكريم، فقد كان تشجيعها لى دافعا كبيرا على الحصول على المركز الأول.

بما أن تعليمك الأساسي كان في مصر، هل ترى أن المناخ التعليمي لدينا قادر على إفراز باحثين متميزين مثلك؟

أي مناخ قادر على إفراز الباحثين فى مختلف المجالات لأن التعليم في أصله مجهود جماعي، لكن الفرد مسؤول عن تطوير نفسه وقدراته من خلال البحث والتعلم حتى يستطيع الوصول للهدف المنشود الذى يطمح فيه.

هل ترى أن خطة تطوير التعليم التي ينتهجها الوزير طارق شوقى يمكن أن تقود إلى خلق العشرات من أمثال ماركو زكي؟

خطة التعليم طموح جدا وتهدف لجعل الطلاب ملمين بالتطورات التكنولوجية المتسارعة، وبالفعل أثق أننا سنجني ثمار هذه الخطة فى المستقبل.

يلفت انتباهى دوما عند الحديث عن مشاكل البحث العلمي بمصر، شكوى دائمة من بعض الباحثين مفادها أن ضعف الإمكانيات المادية والتكلفة العالية لنشر الأبحاث، يعطل مسيرتهم، فما هي نصيحتك لهؤلاء؟

أنصح الجميع بتحديد الهدف والتمسك بتحقيقه مهما كلفهم ذلك، ثم الثقة بالنفس والإيمان بالله، وهذه الوصفة هي التي مكنتني من قهر الصعوبات حتى وصلت لهذه المكانة.

فكر متطور

ألم يحبطك الشكوى الرئيسية في مصر من وجود انفصال بين البحث العلمي والتطبيق؟

لا أنكر أن الانفصال بين البحث والتطبيق يعد عقبة كبيرة في مصر، ولكني لمست فكرا متطورا ومتميزا في وزارة التعليم العالى بقيادة الوزير خالد عبدالغفار، وأثق أن ذلك سينعكس على العملية البحثية والعلمية فى مصر.

ما ملامح هذا الفكر المتطور من وجهة نظرك؟

هناك زيادة ملموسة في تمويل الأبحاث، ورغبة تستشعر وجودها في زيادة هذا التمويل، كما أن هناك الكثير من الجهات المانحة سواء داخل مصر أو خارجها أصبحت تقدم تمويلا للأبحاث، ولكن قد تكون المشكلة فى البحث نفسه.

ماذا تقصد بأن المشكلة قد تكون فى البحث نفسه؟

بعض الأبحاث يكون هدفها فقط الحصول على درجة علمية، وهذا يؤدي الى انفصال البحث عن التطبيق، بينما من المفترض أن يسعى لحل مشكلة ما، وإذا توفر هذا الهدف ودعم ذلك إيمان بالله وثقه بالنفس، فإن النجاح سيكون حليفه من أجل تقديم الخير إلى البشرية.

مسببات سرطان الكبد

كيف نطبق هذا الكلام على اكتشافك للجين المسبب لسرطان الكبد الذى منحك الجائزة؟

يعتبر سرطان الكبد هو أكثر أنواع السرطان في مصر انتشارًا، نتيجة انتشار الالتهاب الكبدي "سي"، وقامت الدولة المصرية بمجهودات كبيرة  للقضاء على الالتهاب الكبدي، لكن يبقى سرطان الكبد فى مصر الأكثر شيوعا.

وقد اهتم المشروع البحثي الخاص بي بشقين أساسيين، الأول: هو تحديد العوامل المسببة لسرطان الكبد ومحاولة اختيار مسببات جديدة يمكن مهاجمتها لمنع السرطان من الحدوث، وقمت باستخدام أحدث الوسائل العلمية ودراسة الخريطة الجينية في نموذج لسرطان الكبد في الفئران لتحديد ومهاجمة البروتينات الضارة المتسببة فى المرض، لمنع السرطان من الحدوث.

أما الشق الثانى فهو محاولة السيطرة على سرطان الكبد بعد حدوثه عن طريق السيطرة على نوع من أنواع الخلايا المغذية للخلايا السرطانية، وأثبتت ابحاثنا العلمية أن مهاجمة بروتين «سلفاتيز 2» يحد من قدرة الخلايا السرطانية على النمو وتجعل الخلايا السرطانية سهلة القتل بواسطة أدوية سرطان الكبد المتاحة حاليا.

هل الخطة الطموحة التي تبنتها الحكومة المصرية خلال الفترة الأخيرة لتوفير أدوية الكبد مثل السوفالدي، يمكن أن تكون مهمة فى السيطرة على فيروسات الكبد التى تتسبب في الإصابة بالسرطان؟

بكل تأكيد هناك مجهود كبير يحدث فى مصر، وتمت الإشادة به من جهات عالمية عديدة، كنموذج متفرد لحل أزمة صحية عنيفة، وهذا سوف يؤدى إلى تراجع لعدد مرضى سرطان الكبد في المدى المتوسط والبعيد إذا تمت السيطرة على باقي مسببات سرطان الكبد.

وللأسف فإن المصابين بسرطان الكبد، يمثلون ما يقرب من ربع مصابي السرطان في مصر، والسبب الرئيسي في هذه الإصابات، هو الالتهابات السابقة بـ«فيروس سي»، ومعروف أن الدولة المصرية قامت بمجهود ضخم جدا للتخلص من الفيروس في فترات قصيرة جدا، وهو مجهود ضخم وجبار، ولكن المشكلة أنه في أغلب الأحيان، وحتى بعد علاج الفيروس، تكون بعض آثاره موجودة.

كما أن من أهم مسببات سرطان الكبد أمر آخر هو انتشار السمنة ومرض السكري، حيث يعد من مسببات السرطان، ويهدف بحثى إلى منع سرطان الكبد من الحدوث لدى الناس الذين لديهم بعض المسببات التى تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة