صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


مبادرة الوعي الشعبي.. شمعة في مواجهة الظلام

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 20 ديسمبر 2020 - 03:49 ص

لاحظت في الفترة الأخيرة توالي الإقبال على الحملة الشعبية التي أطلقها الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ/ أحمد رفعت عبر صفحته الشخصية على موقع فيس بوك، والتي تستهدف مواجهة تزييف تاريخ مصر و تبييض الوجه القبيح للاحتلال البريطاني، و تشويه دور أبناء الجيش المصري العظيم في ثوراتهم الثلاثة، والتي بدأت بالثورة العرابية ضد المحتل التركي متمثلا في الخديوي توفيق، مرورًا بثورة يوليو المجيدة صاحبة الأيادي البيضاء على كل المصريين، و انتهاءًا بثورة 30 يونيو المباركة، و التي أنقذت مصر والأقليم و العالم أجمع من موجات عنف و دمار وإرهاب كادت تطيح بكل دول المنطقة تقريبا.

إن الأهمية البالغة لهذه الحملة تتمثل في الاستجابة لنداء الرئيس عبد الفتاح السيسي المستمر في كل مناسبة وكل مجال، و دعوة سيادته لبناء وعي شعبي حقيقي وصادق، وكيف أنها مهمة حيوية واستراتيجية كتلك تحتاج لتصدي جميع فئات وأفراد المجتمع، فمعركة الوعي في مرحلة حروب الجيلين الرابع والخامس، واستغلال الوقائع التاريخية المزيفة والمبتورة في تعبئة الشعوب ضد دولهم ومؤسساتهم، أصبحت لا تقل خطورة ولا أهمية عن مواجهة الإرهاب المسلح.

و لن يتأتى وعي شعبي حقيقي يوفر الدعم الفكري الحقيقي للدولة المصرية و مؤسساتها المختلفة، دون انهاء الجدل التاريخي المقيت عن الحقبة الملكية و ما شهدته من احتلال بريطاني مازالت آثاره الكارثية مستمرة حتى اليوم، والحقبة الجمهورية والتي عادت فيها مصر لأهلها، و نالت استقلالها الفعلي والحقيقي ربما للمرة الأولى منذ نهاية دولة الفراعنة.

سيكون لهذا الأمر عددا كبيرا من النتائج الهامة، أبرزها على سبيل المثال قطع الطريق على الأعداء داخليا وخارجيا وكشف زيف مزاعمهم، ما سينعكس على إعلاء المصلحة الوطنية في كل المؤسسات المصرية، وسيزيد من معدلات انتماء المصريين لبلادهم وجيشهم، كما سيساهم هذا الأمر أيضا في بناء الشخصية المصرية وفق قواعد وأسس وطنية موحدة، ستكون في المستقبل بمثابة جهاز مناعي جماعي قادر على مواجهة الفيروسات السياسية والإيديولوجية المختلفة.

غير أن هذه الدعوة التي قام بها الكاتب الكبير قد تزامنت مع موقف غاية في الخطورة، وهو وصولي للصفحة الخاصة بأحد وزراء الحكومة الحالية، و التي كانت للأسف عبارة عن متحف مفتوح لتمجيد هذا الزمن، وتعظيم المكتسبات الوهمية التي حصلت عليها مصر في حكم أسرة محمد علي، مع إبراء كامل لذمتهم من أزماتها و ميراثها الكئيب، والمتمثل في تعاظم الديون التي عصفت بالاستقلال السياسي والاقتصادي المصري في هذه الحقبة، وما هو استكمل بفقدان الاستقلال الشامل بعد سقوط مصر في دوامة الاحتلال البريطاني لأكثر عن سبعين عام تقريبا.

كان الأمر صادمًا لي أن يكون لدينا مسئولين يدافعون بهذه القوة عن زمن كان الاحتلال البريطاني يسيطر فيه حتى على ترتيب الكراسي داخل قاعات الحكم، و يعين فيه القيادات المصرية التي يريدها، و يقيل فيه من يرغب دون حساب أو رادع، يتساوى في ذلك الخديوي و رئيس الوزراء مع أصغر موظف أو طالب مصري في أي مكان!

خطورة أن يمتلك مسئولا حكوميا مثل هذه القناعات، في انعكاس هذه القناعات على كل واجباته ووظائفه الحكومية، حيت يتم ترجمة هذه القناعات لا إراديًا إلى فكر يليه توجه يتبعهما خطط تنفيذية لا ترتقي لطموحات الدولة المصرية ولا ترضي شعبها العظيم.

إلا أن هذا الانزعاج قد زال بعدما لمحت صورة ضخمة للزعيم أحمد عرابي معلقة على إحدى مباني الكلية الحربية أثناء زيارة السيد الرئيس الأخيرة لها الأسبوع الماضي، وأيقنت أن الكلية الحربية كما تغذي بلادنا كل عام بدفعات متتالية من المقاتلين الأقوياء والمدربين، فهي حريصة في الوقت ذاته أن يتسلح هذا المقاتل بالوعي الحقيقي والصادق، والذي يحول وظيفته من مهنة إلى رسالة سامية ومقدسة يهون لأجلها كل غال ونفيس.

وفي النهاية، أرجو أن تعتنق كافة مؤسسات الدولة هذه المبادرة الكريمة، جنبا إلى جانب مع رجال الأعمال الوطنيين، كما أرجو من الأستاذ أحمد رفعت أن تترجم هذه الأهداف النبيلة إلى برامج عمل وأفكار جديدة وخطط مبتكرة تستهدف كافة فئات الشعب، لاسيما فئتي الشباب والأطفال، فهم أبرز المستهدفين من أعداء مصر، و ضحايا انفتاح معلوماتي جاء كتسونامي ثقافي نجح عبر الوسائل التكنولوجية في هدم كثير من الثوابت الوطنية في أعين غالبية هذا الجيل.

كما سيكون من الرائع أن تترجم هذه الأهداف إلى برامج عبر الجوال، أو ارسال رسائل نصية قصيرة يومية للشباب عبر مشغلي التليفون المحمول، أو حتى أن تترجم لألعاب تناسب الأطفال، فلا شك أن قنوات الاتصال المناسبة ومدى فاعليتها ومواكبتها للعصر ستحدد بشكل حاسم مدى نجاح هذه الحملة، و قوة تأثيرها على الفرد و المجتمع.

و كما قالوا قديما بأن العلم نور، فالوعي هو الآخر نور، و الجهل و غياب الوعي ظلام دامس، ومصر تستحق أن يشعل كل منا شمعته في مواجهة هذا الظلام.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة