الباحثة تتوسط لجنة الإشراف والمناقشة
الباحثة تتوسط لجنة الإشراف والمناقشة


دراسة أكاديمية عن: مآدب الطعام فى المخطوطات العثمانية

أخبار الأدب

الأحد، 20 ديسمبر 2020 - 08:39 ص

 

منى نور

شغل الطعام اهتمام الباحثين عبر العصور الإنسانية، لأنه قوام صحة الأبدان، وأول الأسباب فى اعتدال المزاج الإنسانى فكانت الحقب الزمنية فى حياة البشرية لها منظور فى نوعية الطعام، من هنا يعد المطبح مصدرا حضاريا عند كافة الشعوب عبر التاريخ. ومن بين هذه الدراسات التى تناولت أنماط الطبخ، كانت الرسالة الأكاديمية، التى حصلت عنها الباحثة (نادية طه عبدالفتاح عبدالباسط) على درجة الماجستير بامتياز، فى قسم الآثار والحضارة، كلية الآداب، جامعة حلوان، وحملت عنوان (المطبخ السلطانى وتصاوير مآدب الطعام فى المخطوطات العثمانية، من بداية القرن 10هـ/16م حتى نهاية القرن 13هـ/ 19م.. دراسة آثارية فنية.
فى مستهل عرضها لرسالتها أوضحت الباحثة أن أقدم وثيقة مدونة حول الطبع ترجع إلى الحضارة البابلية (1750ق.م)، وهو التاريخ الذى يتزامن مع حكم ا لملك حمورابى، الشرع الأول فى القوانين الوضعية فى العالم.
لافتة إلى أن المسلمين عرفوا فن الطبخ واعتنوا به فى حياتهم، حيث أن الدين الإسلامى حدد ونظم لهم أنواع المأكولات التى لا تتنافى مع تعاليمه، ولهذا حدث تطور فى فن الطبخ على مر العصور الإسلامية والشاهد على ذلك كتب الأغذية التى ألفها علماء المسلمين.
كان للموقع الجغرافى للدولة العثمانية أثر كبير على ثقافة الطعام لدى الأتراك، فبعد قيام الدولة العثمانية وتوسع أراضيها - التى شملت أجزاء من أوروبا وآسيا وأفريقيا، أصبح المطبخ العثمانى يعتمد فى غذائه على سلع ومواد غذائية متنوعة يتم استيراد معظمها من تلك البلاد الواقعة تحت سيطرة العثمانيين ولهذا كان المطبخ السلطانى فى الدولة العثمانية يعد من أكثر المطابخ قدما، وقد مر بمراحل تطور عديدة على مدى خمسة قرون تغير فيها انتاجه وارتبط به كيفية إعداد المآدب والولائم، وهى نشاط اجتماعى عرفه الإنسان منذ القدم.
وألقت الباحثة الضوء على المؤلفات التى أثرت على الطبخ فى العصر العثمانى مثل كتاب الطبيخ لصاحبه (شمس الدين محمد بنا لحسن بن محمد بن الكريم) من بغداد وسمى بالبغدادي، وقد استغل الأتراك هذا المؤلف سنوات وكانوا يقرأونه باللغة العربية، ثم تمت ترجمته إلى العثمانية منتصف القرن (9هـ/15م) على يد مترجم عثمانى يدعى (شرفانى).
وأوضحت أن الوليمة لم تكن مجرد تجمع لتناول الطعام، بل كانت مظهرا من مظاهر اكساب الدولة شخصيتها، وإظهار عظمة وعلو السلطان الحاكم الذى يمثل رمز الدولة.
وفى رسالتها تقوم الباحثة بدراسة العديد من اللوحات بالمخطوطات العثمانية المزوقة، كما تقوم بدراسة مآدب الطعام من خلال لوحات تلك المخطوطات، وفى رسالتها أشارت إلى أن بعض اللوحات الواردة بالمخطوطات أطلعتنا على الجوانب المتعلقة بأساليب تناول الطعام والمشروبات فى العصر العثماني، فضلا عن معرفة أهم الأطعمة والمشروبات المفضلة لدى السلاطين العثمانيين.
جاءت الدراسة فى بابين، فى الأول، قامت الباحثة بتقديم دراسة وصفية، قدمت تصاوير مآدب طعام السلطان داخل القصر على مدار ثلاثة قرون كاملة، وتناولت (تصاوير مآدب الطعام فى مناظر الاستقبال بالقصر، وعرضت تصاوير مآدب وولائم الطعام فى مناظر الاحتفالات المتنوعة)، كما قدمت تصاوير مآدب وولائم الجيش، وتصاوير المطاعم والدكاكين والمقاهى والحانات التى تشارك فى إعداد مآدب الطعام.
وفى الباب الثانى للرسالة، قدمت الباحثة دراسة تحليلية لتصاوير مآدب الطعام فى المخطوطات العثمانية، تناولت عمارة المطبخ السلطانى وأهمية الأطعمة والمشروبات، وفيه درست المطبخ من حيث التخطيط العام للمطبخ السلطاني، والهيكل التنظيمى للمطبخ  وتناولت الأوانى والأدوات المستخدمة فى إعداد وتقديم الطعام من خلال تصاوير المخطوطات)، وأشارت إلى الأزياء وأغطية رؤوس الطهاة والخدم القائمين على المطبخ السلطانى.
كما أشارت إلى أن المطبخ العثمانى كان متأثرا بالمطبخ العباسى وأن المطبخ العباسى كان - فى الأصل - متأثرا بالمطبخ المصرى وأن مأدبة السلطان الرئيسية كانت تبدأ بالرقائق يليها الأرز بعدها اللحوم (المشويات) مع الخضار، يلى ذلك تقديم أنواع كثيرة من الحلويات مثل البقلاوة أو الحلويات التى تطهى باللبن، ثم الفاكهة مثل العنب، الخلوخ، المشمش، التوت.
وأكدت الدراسة وجود بعض الأكلات العثمانية مثل الزردة (أرز عليه عسل وزعفران)، واللوكُم (الملبن)، والعاشورة بالرمان.
واختتمت الباحثة عرض رسالتها بسرد النتائج التى توصلت إليها ومنها أن بروتوكول ترتيب قوارير الشراب بمجالس الطرب، يكون بوضح أطول وأكبر القوارير فى المنتصف، وعلى جانبيها قارورتان أقل فى الطول والحجم مع اختلاف الزخارف.
ولفتت إلى تعدد الوضعيات المختلفة التى اتخذها الطهاة أثناء إعداد الطعام، فتارة يكون الطاهى واقعا وحاملا غطاء القدر بيده، وتارة أخرى يكون جالسا وواضعا غطاء القدر بشكل مائل، وكان يتم وضع الأطعمة داخل صحون مختلفة الأحجام، وترتيبها بشكل رأسي.
وأن البرتوكول المتبع عند تناول الشراب من الأكواب هو إمساك الكوب بطرفى اليد بواسطة السبابة والإبهام، مع استخدام المنديل بعد تناول الشراب.
وتوصلت الباحثة إلى أنه من خلال دراسة أوانى وأدوات الطعام والشراب بتصاوير المخطوطات العثمانية، تبين استخدام أوانى وأدوات مصنوعة من معدن الذهب، أو الفضلة، حيث عكس المصور الأوانى والأدوات باستخدام اللونين الأصفر الذهبى والرمادي، وبذلك ينفى الرأى القائل بأن السلاطين العثمانيين لم يكونوا يأكلون أو يشربون فى هذه الأواني، رغم امتلاكهم للكثير منها، وأنها كانت تقدم فقط للسفراء عند زيارتهم للبلاط العثماني.
وأشارت الباحثة إلى أنه لم يظهر بوضوح طريقة تناول الطعام أو الشراب فى لوحات مآدب استقبال السفراء والنبلاء، ولكن ظهر استخدام الوشاح لوقاية الملابس أثناء تناول الطعام.
وذكرت أن الطعام المقدم فى موائد الاستقبال الخاصة بالأمراض والشخصيات الهامة وكبار رجال الدولة، كان مقتصرا على الفاكهة، ويقدم داخل الحديقة، حيث جاءت مشابهة للمجالس الخاصة بالطرب والشراب للسلاطين العثمانيين.
وقالت أن ولائم قادة الجيش تميزت بالثراء، واستخدام الصحون المصنوعة من الذهب أو الفضة، كما كان يتم استخدام الملاعق، أما فيما باقى أفراد جيش الانكشارية، عُرفت ولائمهن بنهم الوعاء لما ما فيها من فوضى وقت تناول الطعام، فضلا عن عدم الاهتمام بطريقة ترتيب الطعام.
تم مناقشة الرسالة بقسم الآثار والحضارة، بكلية الآداب، جامعة حلوان، بإشراف د.هناء محمد على (آداب، حلوان)، د.عبدالناصر ياسين حسن (عميد آثار، سوهاج).
وقام بمناقشة الباحثة كل من: د.محمود إبراهيم (آثار، القاهرة) د.عبدالمنصف سالم (آداب، حلوان).

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة