محمد قناوي
محمد قناوي


محمد قناوي يكتب: ليلة في حب محمود ياسين.. فارس المسرح المصري

محمد قناوي

الأحد، 20 ديسمبر 2020 - 04:01 م

 

ما بين الفنان الكبير الراحل محمود ياسين والمسرح حالة عشق وغرام؛ فالمسرح أول قصة حب في حياته بدأت هو طالب في المرحلة الاعدادية بمدينة بورسعيد الباسلة؛ وخاض تجربته المسرحية الأولى وهو في هذه السن الصغيرة؛ عشق خشبته من خلال زيارته الدائمة لنادى المسرح فى مدينته الباسلة.

في كل لقاء كان يجمعني به ويتطرق حديثنا عن بورسعيد والمسرح ؛ أجد عيونه تلمع؛ وكلماته تخرج بحب شديد يصل الي درجة العشق  فيقول لي يا "قني" – كما كان يحب ان يناديني - : بورسعيد مدينة تفردت بين المدن كافة بامتلاكها ناديا للمسرح منذ سنوات طويلة ؛ فلم يكن هذا النادي في اي بلد في الدنيا ولا حتي بلد شكسبير؛ فقد كانت المدن تتميز بوجود ﺃﻨﺩﻴﺔ ﻟﻠﺭﻤﺎﻴﺔ ﻭﻟﻠﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺠﺩﻴﻑ، ﻭﺃﺸﻬﺭﻫﺎ ﺃﻨﺩﻴﺔ ﺍﻟﻜﺭﺓ ﻭﺍﻟﺠﻭﻟﻑ ﺍﻵﻥ.. ﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﻨﺴﻤﻊ ﻋﻥ ﻨﺎﺩ ﻟﻠﻤﺴﺭﺡ ﻓﻬﺫﺍ ﻤﺎﺘﻔﺭﺩﺕ ﺒﻪ ﺒﻭﺭﺴﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺯﻤﻥ ؛ ﻴﻘﻊ ﻤﻘﺭﻩ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﻼ ﻓﺎﺨﺭﺓ ﻤﻘﺎﻤﺔ ﺒﺎﻟﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻴﻨﺎﺀ، ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻔﻨﺎﺭ،ﻭﻗﺩ ﻋﺭفت نادي المسرح ﻷﻭل ﻤﺭﻩ ﻭأنا ﻤﺎﺯﺍلت ﺘﻠﻤﻴﺫﺍ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻰ ﺇﻋﺩﺍﺩﻯ عندما ﺫﻫﺏت لزيارة شقيقتي ﺃﻭل ﺒﻨﺕ ﺘﺯﻭﺠﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ، ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﻜﻥ ﺒﺎﻟﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻨﺎﺭ ﻓﻠﻤﺤﺕ ﺍﻟﻼﻓﺘﺔ ﺍﻟﻨﺤﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ"نادي المسرح" ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺭ، فأﺩﻫﺸني ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻔﺨﻡ.

في البداية ﻟﻡ أﺩﺨﻠﻪ ﻓﻬﻭ ﻤﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﺼﻔﻭﺓ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ، ﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ؛ ﻭﺍﻟﻤﻭﻅﻔﻭﻥ، ﺠﻤﻌﻬﻡ ﺤﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺘﺤﺩﻴﺩﺍ، ولكن بدأت أتتبع ﺍﺨﺒﺎﺭﻩ، الي ان جاء اليوم الذي دخلته لمتابع ﻨﺸﺎﻁﻪ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ، من ﻨﺩﻭﺍﺕ ﻭﻋﺭﻭﺽ ﻭﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﻀﺭﻫﺎ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻋﺎﻤﺔ ﻤﺸﻬﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺼﻤﺔ "القاهرة"، وجدتهم ﻴتحدثون ﻋﻥ ﻤﺴﺭﺡ ﺸﻭﻗﻲ،"ﻤﺠﻨﻭﻥ ﻟﻴﻠﻰ ﻭﻗﻤﺒﻴﺯ ﻭﻤﺼﺭﻉ ﻜﻠﻴﻭﺒﺎﺘﺭﺍ"؛ ﻭﺃﻋﻤﺎل ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ كنت اسمع ﻋﻨﻬﺎ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ؛ كان هذا عالم جديد لتلميذ في المرحلة الاعدادية ؛ وفيه تعرفت  ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺒﻜل ﻤﺩﺍﺭﺴﻪ ﻭﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺩﺭﻴﺞ ﻭﺠﺩت ﻨﻔﺴي اﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﻓﻠﻙ ﺍﻟﻐﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻁﻭﺓ ﻷﺨﺭﻯ، ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ اﺩﺭﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﺨﻁﻭﺓ ﺴﻭﻑ ﺘﺼل بي "؛ وﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺔ ، ﻜﻭنت ﻤﻊ ﺃﺼﺩﻗﺎئي ﻓﺭﻗﺔ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﻭﺍﻁﻠﻘنا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺴﻡ  ﻓﺭﻗﺔ ﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ ؛ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ".

كل ذلك جعل حلم المسرح حلم محمود ياسين الوحيد الوقف على خشبته اكبر امنياته ، وعندما أنهى دراسته الثانوية ألتحق بكلية الحقوق جامعة عين الشمس وسافر للقاهرة من أجل الدراسة ولكن لم يكن ذلك هو السبب الحقيقى فكان سببه الحقيقى أن يكون بجانب المسرح القومى ؛ الذي ظل يتردد عليه كل يوم ويشاهد مسرحياته، إلى أن أعلن المسرح القومى عن مسابقة فى التمثيل لقبول أعضاء جديدة وكان محمود ياسين حينذاك فى السنة الأخيرة من كلية الحقوق لكنه لم يتردد لحظه فى التقديم للمسابقة الذى نجح فيها وجاء ترتيبه الأول، ومن هذه اللحظة أصبح المسرح ملعبه الأساسى وخاض فيه مايقرب من خمسة وعشرون عاما، فعلى الرغم من نجاحه فى السينما والتلفزيون إلا أنه لم يترك المسرح أبدا وقدم العديد من العروض المسرحية الناجحة.

ولانه احب المسرح وعشقه فقد أحبه المسرح ايضا وخلده ؛ وامس اقيم علي خشبة المسرح القومي الذي كان بمثابة الحلم لـ"ياسين"حفل تأبين لفارس المسرح المصري ؛ ولكنني اري أنها ليلة حب في محمود ياسين  تضمنت العرض المسرحي "الحلم" كتابة عمرو محمود ياسين وإخراج ناصر عبدالمنعم، وشارك في بطولته الفنانين، أشرف عبد الغفور، سوسن بدر، محمد رياض، مفيد عاشور، وتعتمد فكرته على استعراض مراحل نشاة وحياة المبدع الراحل محمود ياسين ومسيرته الفنية يحكيها الرواة على المسرح، مصحوبة بعرض لقطات فيديو لمجموعة منتقاة من أعماله تتكامل معاً لتجسد مسيرته الفنية والحياتية الى جانب عرض فني ضم العديد من الصور الفوتوغرافية للفنان الكبير الراحل والتي تم تطويعها كاستعراض حركي مبهر؛ واختتمت الإحتفالية  بتسجيل صوتى للفنان الراحل تشعر انه سجله خصيصا للحاضرين حفل تأبينه حيث قال محمود ياسين فى التسجيل الصوتى : "كنت اتمنى التواجد معكم وسط هذا الجمع الطيب المحترم ولكن الخير والبركة بمن حضر كل الشكر والتقدير لحضراتكم.. حفظ الله مصر وحفظ شعبها العظيم". 

وفي نهاية الاحتفالية قامت الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، بتكريم اسم الفنان الكبير محمود ياسين وذلك بحضور د.أشرف زكي، رئيس أكاديمية الفنون، المخرج خالد جلال، رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافى، والمخرج إسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى للمسرح، والفنان ايهاب فهمي مدير المسرح القومي -الذي اشرف علي الاحتفالية - والفنان يوسف اسماعيل – رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري - والفنان الكبير حسين فهمي، والقديرة سميحة أيوب، والقديرة سميرة عبد العزيز، وعدد من محبي الفنان الراحل وقامت وزيرة الثقافة بإهداء أسرته درعاً تذكارياً يليق بمكانته وقيمته الفنية العملاقة، وامتناناُ وعرفاناً بما قدمه من إثراء للفن المصري والعربي على حد سواء وتسلمه نجلاه عمرو محمود ياسين، ورانيا محمود ياسين.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة