صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


زواج التجربة.. «جواز على ورقة طلاق»

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 21 ديسمبر 2020 - 08:17 م

رانيا عبدالكريم

 

بعد إثارة الجدل حول المبادرة   
زواج التجربة.. «جواز على ورقة طلاق»
صاحب الفكرة: عقد مدنى يتفق عليه الزوجان بجانب عقد الزواج الشرعى 

نقيب الاجتماعيين: فكرة جيدة وحل مناسب للحد من ظاهرة الطلاق المبكر

عضو اللجنة العليا للدعوة الإسلامية: فكرة مرفوضة شرعاً.. وخطيرة اجتماعياًخبيرة العلاقات الأسرية:
ليس حلاً عملياً.. والأفضل التيسير فى تكلفة الزواج ليكون هناك ألفة ورحمة

 

 

حالة من الجدل أثارتها مبادرة «زواج التجربة» التى دعا إليها دكتور أحمد مهران رئيس مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، فى محاولة منه لإيجاد حل للحد من الطلاق المبكر، الذى أصبح منتشراً بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، لعدم قدرة الطرفين على التفاهم فى بداية الحياة الزوجية، هناك من يؤيد هذا الرأي ويتفق مع المبادرة، وهناك من يرفضها.

فى البداية تحدثنا مع صاحب المبادرة دكتور أحمد مهران رئيس مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، والذى تحدث عن أسباب إطلاقه لهذه المبادرة، قائلاً : «بحكم عملى كمحام وشغلى فى الفترة الأخيرة بقضايا المرأة والأسرة، أصبح لدى حالات كثيرة من السيدات التى لديها قضايا ومشكلات متعلقة بالطلاق».

مستكملاً: «هذا بالإضافة إلى أن الإحصائيات تقول إنه لدينا مطلقة كل دقيقتين و11 ثانية، ولدينا أكثر من 8 ملايين مطلقة، والدراسات والأبحاث التى نجريها فى المركز أكدت أن أعلى نسبة طلاق تتم بين حديثى الزواج اللذين لا يتجاوز زواجهم ستة أشهر أو عام».


وتابع مهران: «كل هذه الأمور جعلتنى أفكر في فكرة تجعلهم لا يتسرعون فى تقييم التجربة وإقرارهم بفشل العلاقة، ويستمروا على الأقل ثلاث سنوات قبل اتخاذ قرار الطلاق».


وأكد مهران أن فكرته لا تمس عقد الزواج نفسه، وأنه عقد مؤبد شرعى رسمى غير محدد المدة، وإنما هذا هو عقد اتفاق منفصل تماماً، من خلال وثيقة ملحقة بقائمة المنقولات التى نكتبها مع وثيقة الزواج، وتسمى «مشارطة زواج التجربة» يضع فيه الزوجين كل شروطهم، والمشكلات الزوجية المحتملة والمتوقعة، ووضع حلول متفق عليها من الطرفين، ووقت الخلاف يتم العودة إليها، ومن يخل بالعقد يكون هو المسؤول، فهناك بند جزاءات يلزم المخل بكل الحقوق تجاه الطرف الآخر، مشدداً «ولا يمنع الطلاق» .


لافتاً إلى أن هذا يحدث فى الطلاق فيوجد عقد اتفاق مدنى بجانب قسيمة الطلاق يتفق فيه الطرفان على الحياة بعد الطلاق وحقوق كل طرف منهما للابتعاد عن طريق المحاكم.

            
وكان الدكتور رشاد عبداللطيف نقيب الاجتماعيين الأسبق، من مؤيدى المبادرة باعتبارها قد تكون سبباً في الحد من حالات الطلاق المنتشرة بين حديثى الزواج، قائلاً: «فكرة جيدة، وحل مناسب للحد من ظاهرة الطلاق المبكر فى ظل الظروف المتوترة فى المجتمع».


متابعاً المهم أن تكون بعيدة عن وثيقة الزواج، وأن يكون هناك عقد زواج صريح مكتمل الأركان، ويلحق به هذا العقد المدنى، بحيث إنه يجعل الشخص قبل الطلاق يفكر جيداً فى الطرف الآخر الذى ارتضى أن يرتبط به ويكون شريك حياته.


وعلى الجانب الآخر كانت هناك اعتراضات ورفض للمبادرة، وأوضحت الدكتورة اعتماد عبد الحميد خبيرة العلاقات الأسرية والزوجية فى بداية حديثها أن سنة أولى زواج بها 60% طلاق. ورأت الدكتورة اعتماد أن مبادرة زواج التجربة ليست من الحلول العملية والشرعية، متسائلة «ليه نقعد لبعض بالورقة والقلم، وبنحسب كل حاجة؟، ده بيخلى فى تحفز دايماً بين الزوجين، بالإضافة إلى أن الزواج الجديد بين الشباب لا يوجد به قائمة منقولات».


لافتة إلى أنها منذ ثلاث سنوات كانت قد طرحت فكرة أن تكون هناك وثيقة تأمين ضد الطلاق بجانب وثيقة الزواج، بحيث إنه فى حالة الطلاق لا تلجأ الزوجة لأن تأخد حقها من بنك ناصر أو محكمة الأسرة، ولو حصل الطلاق بالتراضي تكون قيمة الوثيقة بين الطرفين، معلقة على أنه كان الهدف منها أن يشعر الطرفين أن بينهم جمعية مشتركة تحثهم على الاستمرار.


وأشارت خبيرة العلاقات الزوجية أنه من الحلول التى يجب اتباعها للحد من الطلاق، هى تسهيل وتيسير الأمور على الطرفين، بدلاً من زيادة التكلفة والعبء على الجميع، منوهة أن التيسير سيعمل على خلق مودة وألفة ورحمة، وكلما بسطنا الزواج كلما كان أنجح، وكلما كان هناك تراضى وتفاهم كلما كانت الحياة أفضل.

لافتة إلى أنه فى الماضى لم تكن هناك نسبة الطلاق الموجودة هذه الأيام، لعدم المبالغة والمغالاة فى المهور والتجهيزات، وكانت الحياة الزوجية أنجح ، مشيرة إلى أن مناهج التعليم لابد وأن ترسخ مبادئ قدسية الزواج، وأن نعيد فى مناهجنا التعليمية البيت والأسرة.


محمود الهوارى عضو اللجنة العليا للدعوة الإسلامية أشار إلى أن هذه المبادرة مرفوضة من الناحية الشرعية وخطيرة من الناحية المجتمعية، موضحاً أنه من ناحية الشرع فإن ما أصله الشَّرع وحدَّد غاياته ومراميه لا يخضع للهوى، ولا لوجهات النَّظر، ولا للتَّجربة ، وأن الله سبحانه وتعالى سمَّى عقد الزَّواج «ميثاقًا غليظًا»، وهذا يعني أنَّه محاط بسور من القداسة الدِّينيَّة ، فهو عقد دينيٌّ أصلًا، فإذا حوَّلناه إلى مجرَّد عقدٍ مدنيٍّ كسائر العقود، وصفقة تخضع لقواعد الرِّبح والخسارة لفقد الزَّواج معناه، وأصبح معاملة تجاريَّة لا روح فيها.        

لافتاً إلى أن الزَّواج في الشَّريعة الإسلاميَّة مبنى على التَّأبيد، وليس على التَّأقيت، والزَّواج المؤقَّت طريق الزنا المحرَّم.                                                
وتابع الهوارى «أمَّا ما يراه البعض من أنَّ هذه المبادرة تضمن الوفاء بالشُّروط الَّتي يضعها الزَّوجان؛ فإنَّ عقد الزَّواج الرَّسميَّ الجديد يضمن أن توضع الشُّروط المباحة، ممَّا لا يتعارض مع الشَّرع». لافتاً إلى أن الخطورة المجتمعيَّة تظهر في عدد حالات الطَّلاق الَّذي سيزيد جدًّا بسببه، وذلك أنَّنا حين نضع في نفوس الزَّوجين أنَّهما في فترة للتَّجربة إمَّا أن تنجح وإمَّا أن تفشل فقد لا يتحمَّلان ضغوط الحياة، واختلاف الطَّبائع، خاصَّة في الفترة الأولى للزَّواج فيتَّجهان للطَّلاق مع أدنى مشكلة فتزيد نسب الطَّلاق في المجتمع وليس العكس كما يأمل صاحب المبادرة. مشيراً إلى أنه الأولى من كل هذا أن يخضع الزَّوجان قبل عقد الزَّواج لبرامج تدريبيَّة وتوعويَّة تضمن إلمام الزَّوجين بمفاتيح الحياة، وأصول العشرة، وآداب إدارة البيوت، ومعرفة الواجبات والمسئوليَّات، لتكون إدارة الأسرة إدارة حضاريَّة في اتِّفاقها واختلافها.
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة