أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

العقد المسروق!

د. أسامة السعيد

الإثنين، 21 ديسمبر 2020 - 09:29 م

إذا كنت من المشغولين مثلى بحساب أين ذهب العمر؟ أو كنت من المهمومين بما تفعله بنا السنون، فأعتقد أنك ستشاركنى ذلك الإحساس المر عندما تطرح سؤالا بسيطا لكن الإجابة عليه لن تكون بنفس البساطة.. أين ذهبت السنوات العشر الأخيرة من عمرنا؟
عِقد كامل (من يناير 2011- يناير 2021) يصيبك إحساس متناقض عندما تتأمل ما جرى بتلك السنوات العشر. فى البداية ينتابك إحساس بأنها كانت مليئة بأحداث جسام جديرة بأن يشهدها قرن كامل، وربما ستصنع تلك العشرية المسروقة مستقبلنا بالفعل لمائة عام مقبلة، لكنك سرعان ما ستدهش وتسأل نفسك كيف مرت تلك السنوات بسرعة الضوء؟!
أوطان كاملة كانت مستقرة، يأتيها رزقها رغدا، باتت اليوم فى زمرة الفقراء والمحتاجين، وشعوب طالما جاهرت بمللها من حياتها الهادئة، صارت اليوم وهى فى مخيمات اللاجئين تحلم باستعادة تلك الأيام القديمة بأى ثمن، لكن بعضا من الأحلام اليوم يبدو من رابع المستحيلات.
أين ذهبت تلك الأيام التى كانت أقسى الخلافات بين أبناء الوطن الواحد تدور حول فريق كرة القدم الذى تشجعه، وكان الخلاف الأبرز بين الأصدقاء هو أين سيسهرون فى نهاية الأسبوع، أو كيف سيقضون إجازة الصيف، صار اليوم الأصدقاء يتقاتلون على كل شيء، وربما يقتلون بعضهم بعضا، بعدما أطاحت الفتنة والانقسامات السياسية والمذهبية والطائفية بأبواب كانت البيوت تبيت آمنة خلفها.
كيف استطاعت السنوات الماضية أن تخرج أسوأ ما فينا؟! تحللت الأخلاق، توارت روح التسامح، وحلت مكانها سلوكيات الغابة، القوى ينهش الضعيف، والجاهل يهين العالم، والصغير يتعمد الإساءة للكبير، وفئران السفينة الذين كان كل طموحهم أن يظلوا قابعين فى ركن مظلم، تصدروا المشهد فى كثير من الأوطان، وفرضوا أفكارهم الظلامية، وأقنعوا الملايين من الضالين أن تلك هى سبيل النجاة!!
ستمضى السنوات، لتأتى بتحديات جديدة، وربما لن تكون أهون مما مضى، لكن السنوات العشر الماضية ستبقى فى الذاكرة شاهدة على تغيرات كبيرة فى مجتمعاتنا العربية، التى لن تعود أبدا كما كانت قبل ذلك العِقد المسروق من عمرنا.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة