الإثنين، 21 ديسمبر 2020 - 10:47 م

كعادتها شوارع بولاق الدكرور تحمل بين جدرانها عشرات القصص الإنسانية، لكن ما تحمله ملامح الحاجة فريدة يعجز اللسان عن وصفه وتدمع الأعين لأجله.

في بدروم مساحته لا تتعدى ستة أمتار ووسط قطط تعيش إلى جوارها وحمام صغير متهالك، ومكان خال إلا من بعض المقتنيات التي تحمل ذكرياتها الجميلة.

رحل الزوج ومعه ذكريات فريدة محمد شحاتة (80 عاما)، وزادت الأوجاع مع وفاة اثنين من أبنائها، قبل أن تنتشر قصتها بشكل غير مسبوق على مواقع  التواصل الاجتماعى وهي تمسح السلالم في أحد العقارات بمنطقة المنيل من أجل لقمة تستر بها جوعها.

فريدة التي أفسد الشيب صحتها تستيقظ كل صباح، تحمل معها أدوات مسح السلالم لتجمع من المال ما يمكنها من شراء الطعام لأحفادها بعد وفاة زوجها وابنها وبنتها لتتشابه الظروف في قسوة الحياة.

اقرأ أيضا|حكايات| صغير بـ«قلب ميت».. رحلة اصطياد العقارب في «حضن الجبل»

بصعوبة تجمع فريدة قوة لسانها لتلقي الكلمات بصعوبة؛ "أعمل بمسح سلالم العمارات قرابة ٣٠ سنة بعد وفاة زوجي بعد ما خلفت منه أربعة مات منهم اثنين وباقي ولد مدمن الهيروين ومش بشوف وشه خالص وبنتي التانية متجوزة وما أعرفش عنها حاجة".

 ما يرويه جيران فريدة لا يحمل من واقع قصتها إلا القليل؛ حيث تمضي في حديثها بتأكيدها أنها تعمل لتصرف على ثلاث أحفاد من ابنتها المتوفاة بعد أن تركهم والدهم وتزوج من أخرى.

تقول فريدة:  "معاشي 360 جنيها لا يكفي علاجي ودفع كهربا ومايه واهو الحمدلله عايشه وراضيه بقضاء ربنا.. بحاول اشتغل عشان عيال بنتي فيهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.. كل ما ربنا بيكرمنى بيكون بسببهم".

 
ما يبدو مثيرا للدهشة أن من علمتها حفظ آيات وسور من القرآن الكريم هي جارتها الست "أم مينا".. وهنا ترفع يديها وتدعي: "ربنا يسترها عليها دي حبيبتي". 

ربما ما يخفف آلام الحاجة فريدة أهل منطقة بولاق.. وهنا تقول: "أهل المنطقة اللي بيجبلي أكل واللي بيديني فلوس والحمدلله لأني تعبت من مسح البلاط في العمارات وحيلي اتهد".

وبصبر ووقار تنهي كلماتها، قائلة: «الحمد لله منحني الله نفسي قبل ما أقابل وجه كريم  أن أستر أحفادي في شقة صغيرة وحياة كريمة لهم.. نفسي في شقة من الرئيس عبدالفتاح السيسي ربنا يجبر بخاطره زي ما جبر بخاطر ناس كتير".