أحد أبناء قبيلة السينتينليز يحاول صيد الأسماك
أحد أبناء قبيلة السينتينليز يحاول صيد الأسماك


يحاربون من أجل البعد عن الإنسان

أغـرب القـبائل حـول العالـم

آخر ساعة

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020 - 10:54 ص

دينا توفيق

فى عزلة طوعية يعيشون.. ينأون بأنفسهم عن المجتمعات البشرية الأخرى.. حياة بدائية وسط الطبيعة بتقلباتها، لا يعرفون شيئاً عن التطور والتقدم التكنولوجي، ما يزيد الغموض حول واقع حياتهم.. إذا اقترب منهم أشخاص يقاتلون أو يفرون.. بقوانينهم يحكمون.. لا يخضعون لقواعد البلدان التى يعيشون فيها؛ عزلة كاملة وحكم ذاتى.. على عاداتهم وتقاليدهم يحافظون.. يتمسكون بمعتقدات قوية فيما يخص الأرواح والحياة الآخرة.. هكذا هى حياة أغرب القبائل وكأنهم أناس خارج كوكب الأرض.

فى القرن الحادى والعشرين، جعلت العولمة المجتمعات والثقافات المتباينة على الكوكب، أقرب من أى وقت مضى، ولكن لاتزال هناك أماكن − وأشخاص − لم تمسهم العولمة ومجتمعاتها، منغلقين على أنفسهم وقبيلتهم. ونظراً لطبيعة حياتهم المنعزلة، التى تمكنوا من خلالها الحفاظ على تقاليدهم التى تعود إلى قرون، فلا يوجد سوى القليل من المعلومات حول حالاتهم الاجتماعية وثقافاتهم ولغاتهم. من المستحيل معرفة تعدادهم.

فمن الصعب الوصول إلى قبيلة ∩السينتينليز∪، أكثر القبائل عزلة بالعالم، يرفضون الحياة الحديثة وأى شكل من أشكال الاتصال بالعالم الخارجي. فهم يستطيعون الحفاظ على خصوصيتهم؛ لأنهم يعيشون وحدهم فى جزيرة ∩نورث سينتينيل∪ إحدى جزر ∩أندامان∪ فى الهند، شرق خليج البنغال. خلال عام 2018، وفقاً لموقع ∩فوربس∪ الأمريكي، لفتت وفاة سائح أمريكى زار الجزيرة دون تصريح انتباه العالم إلى سكان الجزيرة الصغيرة المنعزلين؛ فإنها واحدة من القبائل القليلة المنفصلة عن العالم، وهم مدينون بهذه العزلة جزئياً إلى طبيعة المكان الجغرافية، التى تقع قبالة طرق الشحن الرئيسية فى المحيط الهندي، وتحيط بها شعاب ضحلة بلا موانئ طبيعية، تخضع إلى قوانين الحماية التى تفرضها الحكومة الهندية، وجزء آخر إلى دفاع القبيلة الشرس عن منازلهم وخصوصيتهم. وعلى مدى قرنين من الزمن، لم يتم الاتصال بهم تماماً؛ زار الغرباء الجزيرة عدة مرات، وغالباً ما كانت تنتهى بشكل سيئ لكلا الجانبين. وتعتبر الحكومة الهندية السينتينليز شعباً ذا سيادة، وله الحق فى مهاجمة أو حتى قتل المتعدين.

ووفقاً لتعداد عام 2011، واستناداً إلى تقديرات علماء الأنثروبولوجيا لعدد الأشخاص على الجزيرة، ربما يصل إلى 500 شخص، يرتبط شعب السينتينليز بمجموعات أخرى من السكان الأصليين فى جزر ∩أندامان∪، لكن تم عزلهم لفترة طويلة، كانت كافية حتى تجعل شعوب جزر ∩أندامان∪، مثل قبيلة ∩الجاراوا∪ وقبيلة ∩الأونج∪، لا يستطيعون فهم لغتهم. يعيش أفراد القبيلة فى أكواخ منخفضة الأسقف مائلة، مبنية فى مواجهة بعضها البعض، مع وجود نيران خارج كلٍ منها. أسلوب حياتهم يشبه أسلوب حياة شعوب ∩أندامان∪، فمن المحتمل أنهم يعيشون على الفاكهة والدرنات التى تنمو فى الجزيرة، وبيض من طيور النورس أو السلاحف. إنهم يحملون الأقواس والسهام، وكذلك الرماح والسكاكين.

فى عام 1771، قرر البريطانيون إعلان الجزيرة من ممتلكات بريطانيا الاستعمارية، وهو قرار كان مهماً للبريطانيين حتى عام 1880.. وبعد مائة عام هبط فريق من علماء الأنثروبولوجيا بقيادة ∩ترينوك ناث بانديت∪، تحت رعاية الحكومة الهندية، على الجزيرة؛ ومثل بورتمان، وجدوا فقط أكواخاً مهجورة وترك بانديت وفريقه الهدايا، من القماش والحلوى وغيرها. ولكن ضباط البحرية والشرطة الهندية الذين كانوا يرافقون بانديت سرقوا القبيلة، وأخذوا الأقواس والسهام والسلال وأشياء أخرى.

ظل بانديت وزملاؤه يحاولون بناء جدار الثقة مع أهل القبيلة، عن طريق سحب زورق من الشاطئ، وإنزال جوز الهند والهدايا؛ حتى بان ∩السينتينليز∪ سعداء بالقدور والمقالى المعدنية، وسرعان ما نما ولعهم بجوز الهند، الذى لا ينمو على الجزيرة. كانت الزيارات متقطعة حتى عام 1981؛ حيث أصيب مخرج فيلم ∩ناشيونال جيوجرافيك∪ عام 1974، بسهم فى ساقه. ومر ملك بلجيكا المنفى ∩ليوبولد الثالث∪ بالقرب من الجزيرة فى جولة بالقارب عام 1975، وحذره الحارسون من السهام. لم تتجاوز الصداقة الضعيفة بين سكان الجزر وعلماء الأنثروبولوجيا منح جوز الهند، ولم يتعلم أىٌ من الطرفين كيفية التحدث مع الآخر. ولم ترحب القبيلة بالزوار؛ حيث كان يستقبل البعض منهم علماء الأنثروبولوجيا بالسهام على الشاطئ. علقت الحكومة الهندية زيارات علماء الأنثروبولوجيا عام 1996. وعندما حلقت مروحيات خفر السواحل الهندية فوق الجزيرة بعد كارثة تسونامى عام 2004، وجدوا أن ∩السينتينليز∪ فى حالة جيدة ولم يكونوا سعداء على الإطلاق برؤية الغرباء، ولم يترددوا فى مهاجمة المروحية بالسهام.

أما قبائل ∩يالى∪ آكلو لحوم البشر؛ فهى مجموعة قبائل فى ∩بابوا∪، إحدى مقاطعات إندونيسيا، والسكان الأصليين الذين يسكنون منطقة فى الجزء الشرقى من وادى ∩باليم∪ فى وسط سلسلة جبال ∩جاياويجايا∪ فى بابوا. كلمة يالى لا تشير إلى القبائل أو ثقافتهم، بل إنها تعنى فقط سكان الشرق. ويطلق على ∩يالى∪ أيضاً اسم ∩أسياد الأرض∪، فإنهم يعيشون فى الغابات وعلى المرتفعات؛ فى قرى صغيرة على الجوانب وعلى قمم الجبال شديدة الانحدار، أكواخهم المدببة من الأعلى مصنوعة من أوراق ∩كاذى∪. ويعرف عن أفراد القبيلة أنهم أشخاص قصيرون؛ أقزام حيث يبلغ طول الرجال 150 سم فقط، ممتلئو الجسم ما يساعدهم فى الصعود والهبوط من على التلال طوال حياتهم.

لم يكن لديهم أى اتصال بالعالم الخارجى حتى الستينيات، ومازالوا يعيشون فى منطقة ذات سيادة تحت سيطرة إندونيسيا. يالى هم فى الغالب نباتيون؛ الغذاء الرئيسى هو البطاطا الحلوة والقلقاس اللذان يزرعونهما على سفوح الجبال، كما أنهم يأكلون الخنازير فقط فى الاحتفالات، إلى جانب صيد الأسماك ومهاراتهم فى الأقواس والسهام. يظن من يسمع عن القبيلة أنهم أكلة لحوم البشر فقط، إلا أنهم يمارسونها كوسيلة لإخافة القبائل الأخرى. لكن فى أحيان يهاجمون الأعداء ويأخذون الرهائن ثم يأكلونهم فى احتفالات خاصة ويقومون بطحن عظامهم مع التراب ونثرها فى وديان القبائل المعادية لتخويفهم.

ومن آسيا إلى القارة السمراء، وبالتحديد فى جنوب غرب إثيوبيا، حيث يتدفق نهر أومو عبر الغابات الخضراء، تعيش القبائل المختفية فى أكواخ عشبية، وبالقرب من وادى ∩أومو∪، تضم قبائل ∩سورما∪؛ قبيلة ∩سوري∪ وقبيلة ∩مورسي∪، ويعيش حوالى 7 الآف شخص منهم فى أكواخ بسيطة مستديرة مسقوفة بالقش؛ لا توجد مياه جارية ولا توجد وسائل راحة غربية مثل المراحيض أو أجهزة التليفزيون. تعتمد سبل عيش القبيلة على الزراعة؛ يأكلون الشعير والذرة فى شكل عصيدة، ويشرب أفراد القبائل دم وحليب الأبقار، إلى جانب أكل الماشية من بين أغلى ممتلكاتهم. وتخوض العائلات المجاورة أو حتى القبائل بأكملها حرباً على الماشية؛ حتى أن مهر العروس يكون من الماشية يقدم من صهر المستقبل.

ولاتزال الجولة داخل أفريقيا، ولكن بين وسط وجنوب شرق القارة؛ حيث تنتشر قبائل ∩ياو∪؛ الشعوب الناطقة بالبانتو، التى تقطن أقصى جنوب تنزانيا، والمنطقة الواقعة بين نهرى ∩روفوما∪ و∩لوغندا∪ فى موزمبيق، والجزء الجنوبى من مالاوي. بحلول عام 1800، أصبحت القبيلة معروفة بالتجار الذين يتنقلون بين القبائل الداخلية والعرب على الساحل الشرقي. وكان جزء كبير من هذه التجارة فى العبيد، مما أدى فى النهاية إلى اشتباكات مع القوى الأوروبية التى كانت تسيطر على أراضى ∩ياو∪ فى القرن التاسع عشر. لم يتحد قبائل ∩ياو∪ المنتشرة فى الثلاث دول أبداً، ولكنهم عاشوا كمجموعات صغيرة يحكمها زعماء كانوا فى الغالب قادة عسكريين وتجارا؛ وخلال عام 1900، أصبحت جميع أراضى ياو تحت الحكم الألمانى والبرتغالى والبريطاني.

وتشتهر قبائل ياو بالزراعة واستخدامها تقنيات القطع والحرق لمحاصيلهم الأساسية مثل الذرة والذرة الرفيعة. كما يحصلون على البروتين من صيد الأسماك فى المناطق القريبة من البحيرات أو الأنهار. وفى مالاوي، يزرعون التبغ كمحصول نقدى مهم. يعيش أفراد ياو فى قرى مجاورة بعضها لبعض، تضم من 75 إلى 100 شخص تحت حكم زعماء تقليديين. عند الزواج، يترك الرجل قريته ليعيش فى قرية زوجته، بحيث تتكون القرى أساساً من خلال الإناث، مع أزواجهن. تتميز الحياة الاجتماعية فى ياو بالاحتفالات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعبادة أرواح الأسلاف، ولكن من خلال الاتصال العربي، فإن معظم الياو هم من المسلمين، وتتضمن بعض الطقوس الإسلامية.

ومن دفء إفريقيا إلى ثليج سيبيريا، تعلمنا قبائل ∩تشوكشى∪ من شعوب القطب الشمالى القديمة، الذين يعيشون فى شبه جزيرة ∩تشوكشي∪ أو ∩تشوكوتكا∪ فى سيبيريا، شمال آسيا، حيث تقع فى الجزء الآسيوى من روسيا. يعيش معظم التشوكشيين، الذى يصل عددهم إلى ما يقرب من 16 ألف نسمة، فى منطقة ذاتية الحكم، ولكن يعيش البعض أيضاً فى أجزاء أخرى من روسيا، وفى أوروبا وأمريكا الشمالية. وهاجرت قبائل تشوكشى منذ حوالى ستة آلاف عام، من الجنوب على طول شواطئ بحر ∩أوخوتسك∪، إلى منطقتهم الحالية. عانت بيئتهم وثقافتهم من الدمار فى ظل الحكم السوفيتي، من خلال اختبار الأسلحة والتلوث.

ونظراً للمناخ القاسى وصعوبة الحياة، فإن كرم الضيافة والكرم يحظيان بتقدير كبير بين أفراد قبائلها. يعتقدون أن كل الظواهر الطبيعية لها أرواحها الخاصة. كما أنهم أحد الشعوب الشمالية القليلة التى طورت طريقتين منفصلتين ولكن مترابطتين فى الحياة، مثل طائر يستخدم جناحين؛ هى، ثقافة رعى الرنة وثقافة صيد الثدييات البحرية.

وعلى مدى قرون، طور رعاة غزال الرنة فى تشوكشى سلالة تسمى ∩ليجيكور∪ أى ∩الرنة الحقيقية∪. يتمتع هذا الحيوان بقدرة فريدة على البقاء على قيد الحياة فى الظروف المناخية القاسية. أول ذكر للقبيلة فى المصادر الروسية كان بين عامى 1641 و1642. وفى نهر الأزيا، قاومت قبائل تشوكشي، القوزاق مجموعة أثنية للسلافيين الشرقيين الذين كانوا يحاولون جمع ∩الجزية∪ للقيصر. لم يستسلم شعب تشوكشى المستقل وقاتل لهذه المطالب، واضطرت الحكومة القيصرية إلى الاعتراف بأن ∩تشوكشى يدفع الجزية بالقيمة التى يحددونها بأنفسهم.∪ وعلى الرغم من الضغوط الشديدة من أجل استيعاب قبائل تشوكشي، بما فى ذلك قمع طويل للغة التشوكشية لصالح اللغة الروسية، لايزالون قادرين على الحفاظ على ثقافتهم ولغتهم الأم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة