د. محمد أبو الفضل بدران
د. محمد أبو الفضل بدران


يوميات الأخبار

الظلام يدل على النور

الأخبار

الأربعاء، 23 ديسمبر 2020 - 07:22 م

هل نتخيل مدرسا الآن يهدى تلميذا كتابا ويكتب له إهداءه بالشعر؟

واردات الإلهام
الظلام يدلّ على النور الخفى
فى قلبك نورٌ باطن فافتح كُوّةً له حتى يصل إلى عينيك فتراه.
المذنب عاصٍ تيقّن أن رحمة الله ستنجيه
الطريق قصير مها طالت المسافات.
ما ماتَ مَنْ قد مات، بل ماتَ مَن سيموتْ.
لا تكذب الهاجسَ الذى يأتيك ولا النداء الذى تسمعه، اتبع هذا الصوت وستجد مبتغاك
حاجتُك إلى الخلوة أحوجُ من حاجتك للناس.
لا تشغلْ بالكَ بالآخرين وادخلْ سُوق رأسك.
فتّش فى خفايا قلبك وستجد ما تبحث عنه.
الأسماء رموز الغّيْر، فمنْ مِنَّا سَمّى نفسه؟
فى كل مكان سوف تراه فلماذا تهرب من مَلقاه؟
المطر يسُاق إلى حَبّ نثَرتْه رياحٌ بالصحراء، فحين التقيا نبَت الزرعُ بصحراء القلب.
كُلٌ بيحث عن... لكنى أبحث عنك.
قلبك يناديك فاتبع قلبك.
هذا زمنٌ يحيا فيه الناس بلا أسماء
فاخترْ اسمك واحفرْ اسمك فى كفك، لا تُسلم كفّك للغير فقد تصبح يوما وتصافح أحداً.. لا تبصر كفك، فاخترْ اسمك، لا تتركْ قومك يختارونه.. فسيفنى جسدك وسيبقى اسمك
فلماذا تفنى "أنت" ويبقى ما اختاروه؟!
 كيف نقضى على البطالة؟
من أكبر المشكلات التى تواجه العالم البطالة التى انتشرت بعد جائحة كورونا وفى مصر زادت البطالة بعد عودة المصريين العاملين بالخليج وليبيا والعراق وتوقف السياحة وزيادة عدد خريجى الجامعات والدبلومات فى تخصصات لا تحتاجها أسواق العمل، ربما فتحت أعمال إنشاء الطرق والكبارى والعاصمة الجديدة مجالا للعمل حتى وصلت البطالة إلى 7% لكن العدد كبير ولذا ينبغى أن يأخذ القطاع الخاص دوره وأن يقوم رجال الأعمال بدورهم الوطنى بافتتاح مشروعات جديدة ومصانع كثيرة تأخذ هذا الشباب لنفيد منه وليتعمق فيه الانتماء لبلده ولو أن كل محافظة أقامت مصنعًا كبيرا يصنّع ما تحتويه هذه المحافظة من موارد طبيعية، ولو بدأ المثلث الذهبى المنتظر فسيستوعب آلاف الشباب العاطل.. ولا أدرى سبب البطء فى بدء مشروعاته.. والناس تنتظر فلا تجعلوها تنتظر كثيرا.
 يصلُ ويُسَلَّم إلى:
 وزير التربية والتعليم:
ماذا يفعل وَلِى أمر طالب فى الثانوية العامة حيث لا مدرسة فقد أُغلقت المدارس ولا كتب والمنصة التعليمية لما تبدأ بعد.. هل يجد أمامه سوى الدروس الخصوصية؟
 محافظ قنا
لماذا بنيت جوانب محور الشهيد باسم فكرى، ولاسيما الكوبرى فوق النيل بحوائط خرسانية تحجب المناظر الطبيعية والنيل.. حبذا لو سُوّرت بأسياخ حديدية لا تحجب الرؤية.. فهذا منظر بديع جميل.
 مجلس النواب
لقد نص دستورنا على احترام اللغة العربية مكونا رئيسا للدولة دون أن يُترجم هذا إلى قوانين ترعى اللغة العربية وتحافظ عليها وتفرض وجودها فى المكاتبات الرسمية وواجهات المحلات التجارية وغير ذلك؟
 كارين كنايسل
ألقت السيدة كارين كنايسل وزيرة خارجية النمسا كلمتها فى الأمم المتحدة باللغة العربية احتراما لهذه اللغة التى تجيدها وتقديرا للعرب فهل نحتفى نحن بهذه اللغة التى وهبنا الله إياها؟ شكرا لك أيتها الوزيرة.
 وزير التعليم العالى
شكرا على إيجاد مكتب تنسيق للجامعات الخاصة حتى لا يكون المقابل المالى هو المحدد لكليات دون غيرها دون مراعاة لمستوى الطلاب العلمى ودرجاتهم فى الثانوية العامة، آمل أن يطبق هذا النظام بدءًا من العالم الحالى.
من مقامات ابن بدران
من المواقف الطريفة أننى حققتُ مع أستاذى البروفيسور الألمانى اشتيفان فيلد العميد بجامعة بون بألمانيا مقامات ابن ناقيا البغدادى (410هـ/1020م-485هـ/1092م) الذى عُرِف بلقبه البندار أو البزار، وهو كاتب وشاعر عربي من بغداد عاش فى القرن الخامس الهجري وقد عكفنا معا سنة كاملة على تحقيق مقاماته الممتعة لكن المخطوطة لم تكن كاملة بل سقطت منها ورقة المقامة الثامنة فرأيته مهموما متأسفا على ضياعها واقترحتُ أن أكتب المقامة الثامنة الضائعة وترجمها أحد الأصدقاء المستشرقين للألمانية، وها أنذا أنشرها بعيدا عن مقامات ابن ناقيا المحققة:
"حدثنى بعضُ العامة: قال: بينما أوشكت الشمس على الشروقْ، يممتُ متجهاً نحو السوقْ، كى أبتاع وأشترى، حتى وصلت إلى السوق فى الضحى، فصرتُ أشعثَ أغبرَ كجُحا، وإذا بصياحٍ يخترق النهارْ، فتهافت إليه الناس والتجارْ، فإذا بهالة من القومْ، وقد التفوا كأنهم ينتظرون هلال الصومْ، وقد وقفَ رجلٌ فى وسطهمْ، يصرخ فى وجوهمْ: بُعدًا، بُعْدًا، وجوعاً، سُهْدًا، أما ترحمون غلاما يحتضرْ (إِنَّهَا لإحْدَى الْكُبَرِ) والناس تتتابع نحوه متابعة، كأنه خليفة جاءوه للمبايعة، فصاح به أحدهم: وأين الغلام يا هذا؟ فأشار إلى تحت قدميه وكبَّر، ثم حوقل واستغفر، فإذا بغلام مُغطى بالوبَرْ، مصفَرٌ كأنه حجرْ، فصاح الرجل فى الناس: ألا أحد منكم يعرف الحجامة؟ أنقذوه قبل يوم القيامة، فصحتُ به: يا هذا وما الذى حدث للغلام؟ قل ولا تطلْ الكلام، فأجهش بالبكاء، ورفع يديه للسماء: "اللهم غفرا، فإنه غلام لا يعقل، وليس له طلةٌ ولا منزل" ثم التفت إلينا وقال: إنه كان يلعب فى البر، فصادف ذا الطفيتين فألقى عليه بحجر وفر، فلبِسَته جِنّيّةٌ منذ شهر، فما يأكل إلاّ لمامًا، وما ينام إلا قياما، وقد ألقته أمه فى السوق ومضت باكية، لأن الجنّية تريد من الدنانير ألفاً وثمانية، ومن أين لهذه العجوز بهذا المبلغ المكنوز.. فهل فيكم من رجل همام، ذى حسب وأنساب كرام، يتبرع لإنقاذ هذا الغلام.. وضرب الغلام بكفّه، وصاح: اخرجى.. اخرجى، يا شَمْهورش يا بهْمورشْ، برهتيه كرْهومش.. آل صباى.. أدْوناى، الحَاجَةَ، السرعةَ، السرعةَ" ثم أدار رأسه نحونا وقال: أليس فيكم من أحد كريم، ثم أنشد (من الوافر).
لقد أسْمَعْتَ لو ناديتَ حيًّا
ولكنْ لا حياةَ لمَنْ تُنادى
ثم مالَ إلى الغلام وهَمهمْ، وبكى وغمغمْ، ثم قال: لقد أقسَمَت الملعونةُ لتفقأنَّ عينيْه بعد ساعة، فأنْقذوه يا جماعة.. ثم فرط منديله، وألقى عليه بنقود قليلة، وقال: ها كم آخر ما عندى، وهبْتُهُ للجِنّيّة حتى تخرج من كبدى، فألقى كل الحاضرين نقودا لا تُحصى، وهو يعدّ وينسى، ثم خاطب الجنيّة قائلا: أقسمتُ عليك بكل الكلام السريانى المترجَمْ.. وهدّد بالاسم الأعظم، أخرجى من أظافر قدميْه أو من أطراف يديْه، ثم صاح وقالْ: خرَجَتْ يا رجالْ، فتصايح الناس فرحينْ، مهللين مُكبّرينْ، وجمَعَ كلَّ الفلوسْ، وجرى بالطفل كالمَلْحوسْ، واخترقَ الطوابير وغنّى: "مقادير يا أهل العنا مقادير"!
 من أساتذتى فى المدارس
ربما لا يعرف المدرس مدى تأثيره فى التلميذ وقد حظيت بأساتذة مخلصين محبين عملهم فكانوا يحرصون على تطوير أنفسهم علميا ويحافظون على مظهرهم أيضا فيرتدون الملابس النظيفة المُرتبة ويسلكون فى المجتمع سلوكا حميدا، ومن الغريب أن معظم من كانوا يدرّسوننا قدموا من القاهرة والدلتا أى ابتعدوا عن ديارهم مسافة ألف كليومتر تقريبا فى الوقت الذى نرى فيه مطالبة الخريجين الجُدد أن يعملوا بمدارس بجانب بيوتهم فقد جاء الأستاذ السيد أحمد مصطفى الجندى من الإسكندرية وكان حديث التخرج وفى تعامله شدة الوالد وحبه، مُزِجا معا، وكان عاشق اللغة العربية وهو أول من علمنى علم العروض (موسيقى الشعر) فى المرحلة الإعدادية وأدين له بكل إخلاص ومازلت أهاتفه لأسمع صوته وأطمئن على صحته متعه الله بالصحة والعافية ومنهم الأستاذ عبد الرحيم نور والأستاذ محمد محمود طه والأستاذ كامل مهدى الحادى والأستاذ أبو الصفا محمود عبد الجليل الذى أخدنى إلى معابد الأقصر وأنا فى الصف الأول الابتدائى وكانت هذه أول رحلة لى فى حياتى؛ رحمهم الله، والأستاذ فتحى أحمد عبيد النجار الذى أراه بحر العلوم العربية نحوا وبلاغة وصرفا وأدبا وقد تعلمتُ على يديه ما أفادنى فى تخصصى بعد ذلك، ولا أنسى ما حييت أنه أهدانى كتابا وكتب لى إهداء شعريا:
يا فضلُ خُذْ هذا الكتابَ هديةً
مِنّى، وخيرُ هديةٍ لَكتابُ
فيه البلاغةُ والفصاحةُ فيه مِنْ
أدبٍ، وفيه من العلوم لُبابُ
هل نتخيل مدرسا الآن يهدى تلميذا كتابا ويكتب له إهداءه بالشعر؟ وكنتُ قد تحدثت من قبل عن العالِم الشيخ كمال حجزى والأستاذ محمد الأمين عبقرى العربية والأستاذ حمزة دردير رحمهم الله تعالى، والأستاذ قناوى أحمد قناوى مدرس اللغة الفرنسية ـ متعه الله بالصحة والسعادة - حيث يحرص على مهاتفتى وتهنئتى بالأعياد والمناسبات السعيدة وكان الأستاذ دسوقى البجع صاحب الخط الفرنسى المبهر والشرح الجميل وأما الأستاذ على عيسى فقد درَّسنا اللغة الإنجليزية فى يُسر وابتسام وكان يدعو بعض الانجليز للحصة حتى يتحدثوا معنا ونسمع اللغة من أبنائها ويرشدنا إلى قراءة قصص وروايات بالإنجليزية.
كان جيلا من الأساتذة لا يعوض خلقا وعلما، ومن العجيب أنهم كانوا يُحضروننا قبل طابور الصباح فى حصص إضافية دون مقابل وبعد انصراف التلاميذ يستبقى بعض الأساتذة بعض الفصول فى حصص إضافية مجانا، والطريف أننا لم نكن نجرؤ أن نقابلهم فى أى شارع بعد الانصراف وإنما كنا نجرى بعيدا عنهم احتراما لا خوفا.. وسأحكى تباعا عن بقية أساتذتى الذين أكن لهم كل تجلة وتقدير.
فى النهايات تتجلى البدايات
تجاوزْتُ نصفَ الطريقْ
ولم يبق فى صحبتى
غيْرُ ذكرى
ونصفُ صديقْ!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة