مجلس النواب
مجلس النواب


«برلمان 2021».. تنوع حزبى وتمثيل تاريخى للمرأة والأقباط

آخر ساعة

الخميس، 24 ديسمبر 2020 - 12:45 م

أحمد ناصف

تجربة الانتخابات البرلمانية التى انتهت خلال شهر ديسمبر الجارى تقتضى التوقف طويلا بالقراءة والفحص والتحليل على ضوء الحقائق والأرقام التى أفرزتها، ومقارنتها بما شهدته التجارب السابقة فى برلمانات 2010 و2012 و2015.. انتهت الانتخابات لمجلس النواب المقبل الذى يبدأ أعماله يوم 9 يناير المقبل بعبور 567 نائبا، فيما يتبقى مقعد وحيد مؤجل لحساب دائرة ∀دير مواس∀ بالمنيا التى تم تأجيل الانتخابات بها، كما يتبقى نحو 28 مقعدا للمعينين بقرار جمهورى.  

من بين الـ 567 نائبا حتى الآن لدينا 148 سيدة و 100 شاب، وهو ما يُتوقع زيادته مع صدور قائمة التعيينات الرئاسية، بما يعنى أن تمثيل الشباب والنساء يكاد يلامس نسبة الـ50% تقريبا من تعداد المجلس، وذلك مقارنة بـ 20% فى مجلس 2015، وأقل من 10% فى كل المجالس السابقة.

بدأت انتخابات البرلمان هذه المرة وسط شكوك قوية حول قدرة الأحزاب والقوى السياسية الموجودة على خوض المعركة، ومدى استعدادها للاحتكام لصوت الشارع صاحب الحق الأصيل فى رسم خريطة البرلمان ومن ثم التمثيل السياسى لكل حزب.

أبرز ملامح تركيبة مجلس النواب 2020، وفقا لما أسفرت عنه نتائج الانتخابات، يتمثل فى التنوع السياسى والاجتماعى الواسع تحت القبة، وبعد انتهاء الانتخابات لدينا 13 حزبا سياسيا، من بينهم 12 شاركوا من خلال القائمة الوطنية من أجل مصر، بينما بلغ عدد أعضاء مجلس النواب المستقلين فى المجلس الجديد 93 نائبًا، وهو مايعنى أن تركيبة مجلس النواب الجديد اختلفت عن السابق حيث إن برلمان 2015 كانت التركيبة الأكبر للمستقلين بنسبة 344 نائبا مستقلا، و 243 من النواب الحزبيين، بينما الحزبيون فى مجلس النواب الجديد هم الأغلبية.

13 حزباً

فى المقابل، كان الحضور السياسى فى برلمان 2010 لا يتجاوز 6 أحزاب، ومع تداعيات 25 يناير وما أفرزته من نشاط فى الشارع تحرك العدد فى 2012. نظريا شهد المجلس حضور 26 حزبا، لكن انحصر الأمر عمليا فى 18 فقط، بالنظر إلى توزيع الجماعة الإرهابية والتيار الدينى لقوتهم على عدد أكبر من الأحزاب، فبرز ∀الحرية والعدالة∀ و∀النور∀ بنحو 66% من عدد المقاعد، إضافة إلى 8% لأحزاب التيار نفسه مثل: الأصالة، والبناء والتنمية، والحضارة، والوسط والاتحاد والإصلاح، لتكون الصورة النهائية 18 حزبا و74% لتيار الإسلام السياسى.

 تطور المشهد فى 2015 نحو مزيد من التنوع، وفاز ائتلاف دعم مصر بنحو 56% من المقاعد، وهو ما تغير فى الانتخابات الأخيرة بتراجع حصة القوة الأكبر تحت القبة لـ 52.8% تقريبا.

فى انتخابات 2015 فرضت ظروف الواقع نفسها على الحالة السياسية والانتخابية، وفى ظل معاناة الدولة المصرية من حالة الخلاص من أزمة حكم الجماعة الإرهابية، ومواجهة مؤسساتها حربا شرسة فى الداخل والخارج، والتحديات السياسية والأمنية التى فرضتها المؤامرات الممنهجة والهجمات الإرهابية التى كثفت نشاطها، كل ذلك فرض على القوى الداعمة للدولة التوافق على فكرة التحالف؛ لصياغة جبهة داخلية صلبة، وفى ظل هذه الأجواء شكلت قائمة ∀فى حب مصر∀، ثم ائتلاف دعم مصر، كتلة نيابية مؤثرة بنسبة 56%  تحت القبة. 

فى برلمان 2010 وبينما كانت الدولة مستقرة ولا تخوض حروبا دفاعا عن  أمنها القومى، قرر الحزب الوطنى مغالبة الأحزاب الأخرى وفاز بنسبة 73% من مقاعد البرلمان، وفى أجواء 25 يناير ومع تفاعل الشارع مع الأحزاب، سيطرت جماعة الإخوان وحلفاؤها على برلمان 2012 بنسبة 74% من المقاعد.

فى انتخابات 2020 نجح حزب مستقبل وطن فى تكوين قائمة وطنية، ضمت 12 حزباً وعشرات من النساء وشباب تنسيقية الأحزاب إلى جانبه، ويقول عصام هلال أمين عام مساعد الحزب إن ∀مستقبل وطن∀  كان بإمكانه خوض المنافسة منفردا واقتناص 50% من مقاعد المجلس عبر القوائم وحدها، إلى جانب الفوز بعدد كبير من المقاعد الفردية، لكنه حرص على دفع كل الأطراف إلى انتهاج مسار داعم للتوافق تلاشيا لمخاطر التشابك والصدام.

تمثيل تاريخي

وبالنسبة للمرأة يعد تمثيلها هو الأعلى تاريخيا فى المجلس القادم 2021 وفقا لتحليل نتيجة الانتخابات فإن مجلس الشعب فى الفترة من عام 2000 حتى 2005، تضمن 454 عضوًا بينهم 10 معينون، فيما جاء تمثيل المرأة فيه بإجمالى 11 سيدة منهن 4 معينات، أى بنسبة 2.42% من إجمالى عدد أعضاء المجلس.

وبالنسبة لمجلس الشعب خلال الفترة من 2005 إلى 2010، تضمن 454 عضوًا بينهم 10 معينون، جاء تمثيل المرأة فيه بواقع 14 سيدة منهن 5 معينات، بنسبة بلغت 3.08% من إجمالى أعضائه، فيما تضمن برلمان 2010− 2011، عدد نواب بإجمالى 513 نائبا منهم 10 معينون، جاء تمثيل المرأة فيه بواقع 65 سيدة منهن سيدة واحدة معينة بنسبة 12.67% من إجمالى أعضائه.

وفى برلمان 2011 − 2012 (برلمان الإخوان)، جاء إجمالى عدد أعضائه 508 أعضاء، بينهم 10 معينون، وجاء تمثيل المرأة فيه بواقع 9 سيدات بينهن سيدتان معينتان فقط، بينما بلغت نسبتهن فى البرلمان 1.77% من إجمالى أعضائه.

وفى مجلس النواب (2016−2021)، بلغ إجمالى عدد أعضائه 596 عضوًا بينهم 28 عضوًا تم تعيينهم، فيما بلغ إجمالى عدد السيدات به 89 سيدة منهن 14 سيدة معينة، بواقع 14.93% من إجمالى أعضاء المجلس.

وفيما يخص مجلس النواب الجديد (2021−2026)، فقد بلغ عدد أعضائه 596 عضوًا، بينهم 28 معينًا، فيما بلغ تمثيل السيدات فيه حتى الآن 148 سيدة منتخبة بنسبة بلغت 26.05% من إجمالى أعضائه، بينما ينتظر المجلس التعيينات التى ستتضمن سيدات أيضًا.

 المشهد على الأرض الآن يشير إلى أن ∀مستقبل وطن∀ لا يملك أغلبية مُهيمنة بالنظر إلى احتياج أغلب القرارات المصيرية والمشروعات المُكملة للدستور لأغلبية الثلثين، أى أن الثُلث المُعطل مازال فى ذمة الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، وهو ما يؤكد أن القوة داخل البرلمان الحالى عددية فقط، لكنها ليست مُغالبة سياسية، أو هيمنة كاملة يمكنها إقصاء بقية الأطراف.

تمثيل مشرف للأقباط

تمثيل الأقباط لم يكن بعيدا عن هذا المشهد والآن نحن أمام 31 نائبا ونائبة قبطية 28 نجحوا فى نظام القائمة و3 نواب على المقاعد الفردية ويعد هذا الرقم تواجدا قويا، وأكد رامى محسن رئيس المركز الوطنى للدراسات البرلمانية أن التهميش كان الشكوى الدائمة للأقباط فى مصر خلال العقود الماضية، وهو ما تلاشى نسبياً عقب ثورة 30 يونيو 2013، فشركاء الوطن أصبح لهم مكان فى كل مؤسسات الدولة المصرية، عبر التمثيل الملائم الذى رسّخ مفهومه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال السنوات القليلة الماضية. وانضم إلى اللجنة الاستشارية للرئيس الكثير من العلماء والخبراء الأقباط أمثال: الدكتور فيكتور رزق الله، الدكتور نبيل فؤاد فانوس، المهندس هانى عازر، المهندس إبراهيم روفائيل سمك، والدكتور مجدى يعقوب.

مشهد مجلس النواب المقبل يتفق كثيرا مع بقية برلمانات العالم، التى تشهد بروز قوة سياسية أكثر حضورا، مع تمثيل جيد وقادر على التدخل الجاد فى صياغة التشريعات المهمة، هذا ما يؤكده عبد الناصر قنديل الأمين العام المساعد لحزب التجمع لـ∩آخرساعة∪ مضيفا أن التمثيل النوعى خاصة للنساء والشباب يضمن عدم خروج قوانين ضد مصالح الفئتين، كما يضمن وجود عدد من الأكاديميين والتكنوقراط عدم إقرار مشروعات قوانين خارج المنطق، باختصار نحن أمام برلمان سيعلى مبدأ الإرادة السياسية والتشريعية وفق المستهدفات والمصالح الوطنية والاجتماعية، وليس وفق إرادة الأغلبية البرلمانية كما اعتدنا فى برلمانات سابقة.

يقول ياسر الهضيبى عضو مجلس الشيوخ ونائب رئيس حزب الوفد أننا نرى الآن مشهدا سياسيا وبرلمانيا متوازنا، كما نرى رغبة واضحة لدى كل التيارات فى القفز على الاختلافات الأيديولوجية وإعلاء قيم الممارسة البرلمانية الناضجة، وقيادة سياسية قوية تتطلع إلى إثراء الحياة السياسية وتمكين كل الفئات، كما أن الدولة على حياد واتصال متكافئ مع كل القوى والتيارات، وهى معادلة ربما لم يشهدها البرلمان المصرى طوال تاريخه الذى يتجاوز 150 سنة.

ويرى تيسير مطر عضو مجلس الشيوخ رئيس حزب إرادة جيل أن مشهد الأغلبية الحالى داخل البرلمان لحزب مستقبل وطن ليس لأنه لا يُعد حزب الدولة الرسمى كما كان حال الحزب الوطنى قبل 25 يناير، أو حزب ∀الحرية والعدالة∀ خلال حُكم الجماعة الإرهابية، كما أن الحزب لا يقود الحكومة ولا يملك تشكيلها أو إقالتها، باستثناء الأدوات البرلمانية التى تسمح له بالاستجواب والمساءلة، وكل ما فى الأمر أنه يدعم الدولة، كما تدعمها كل القوى والتيارات السياسية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة