آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

محمود ياسين .. مسافر مع الكلمات

آمال عثمان

الجمعة، 25 ديسمبر 2020 - 07:28 م

داخل المسرح القومى جمعنى به أول لقاء منذ ثلاثة عقود، وهنا أيضا داخل الصرح الفنى العريق كان الوداع، وما بين اللقاء الأول والأخير ذكريات ومواقف وكلمات، رسّخت صورة لفنان قدير شديد الصدق والوعى والاحترام، فنان عاشق لوطنه مؤمن برسالته الفنية، ومسئوليته الاجتماعية والوطنية، ولقيمة وخطورة الكلمة، وأن الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، والنبل البشرى هو الكلمة، ومفتاح الجنة فى الكلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة.
أدرك النجم القدير محمود ياسين منذ طفولته أن الكلمة مسئولية، وشرف الرجل هو الكلمة، لذا أضاء بحنجرته الذهبية سماء الفن، بكلمات زلزلت خشبة المسرح القومي، وسطعت فى عقول جمهوره، وأدوار أضاءت شاشة السينما بأعمال حفرت لنفسها مكانة رفيعة، وظلّت حصنا للوعى والحرية والضمير الإنساني، لذا لم يكن الاحتفال الذى أقيم فى المسرح القومى تأبينا لنجم راحل، بقدر ما هو تكريم لأحد رموز المسرح والسينما والتليفزيون، والاحتفاء بمشوار عطاء وإبداع فنان صاحب إحساس ينفذ إلى أعماق الروح، وصوت رخيم يخطف الألباب، ونجم أخلص لفنه وسافر بجمهوره مع كلمات عظيمة، أبدعها كوكبة من كبار الكتاب، وجسّدها فارس المسرح بأدائه الرصين وإحساسه المتدفق.
جسّد عمرو محمود ياسين «حلم» والده الذى بدأ من المدرسة فى مدينة بورسعيد، ووضع قدمه على بداية الطريق حين صادف لوحة نحاسية، كُتب عليها «نادى المسرح»، التقى فيها بعشاق «أبو الفنون» ومريديه، ومن هذا المكان الذى يقع فى شوارع بورسعيد، أصبح التمثيل على خشبة المسرح القومى حلما واختيارا وهدفا، رافقه حين شارك فى فريق التمثيل بكلية الحقوق جامعة عين شمس، بعدها بدأت ملامح الحلم تتجسد حينما شارك فى مسابقة أعلن عنها المسرح القومي، ونجح وكان ترتيبه الأول، وأضحى الحلم حقيقة حين كتب له القدر المشاركة فى مسرحية «الحلم» للمخرج عبد الرحيم الزرقاني، ثم توالت النجاحات وقدم أدوارا عظيمة على خشبة المسرح الذى عشقه، وصار مديرا له فى فترة من أنجح وأعظم الفترات، وتكتمل رحلة «الحلم» التى أخرجها الفنان ناصر عبد المنعم، بالنجاحات السينمائية التى جعلت حلمه يأخذ شكلا وروحا جديدة، وصار المحامى الذى خلع ثوب المحاماة، يقف بطلا أمام المبدعة شادية، ويكبر الواقع ويصبح أكبر من الحلم، حين واصل البطولات أمام نجمات الزمن الجميل. رحلة طويلة ومشوار حياة فنان خلوق، رواها الفنان أشرف عبد الغفور، المبدعة سوسن بدر، الفنان محمد رياض، والفنان مفيد عاشور.
شكرا للفنان إيهاب فهمى مدير المسرح القومي، وكل من ساهم فى هذا اليوم، ومنحنا فرصة توديع فنان غير قابل للأفول من ذاكرة جمهوره وعشاق فنه، أو المحو من سجل العظماء فى تاريخ الفن المصري.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة