صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


كيف نصح حكماء الفراعنة أبنائهم لاختيار الصديق الوفي

شيرين الكردي

الأحد، 27 ديسمبر 2020 - 03:26 ص

كان المصري القديم اجتماعي بطبعه، عرف قيمة الصاحب الحقيقي؛ والصديق الوفي، وعرف أنه من الندرة بمكان ولذا فقد حث أبناءه على البحث عنه والتمسك به، ووضع لذلك قواعد وأصول يجب الالتزام بها من أجل الوصول إلى ذلك الصاحب الوفي، كما أكده الباحث الآثري الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية.

أضاف «دقيل»، أن الحكيم "بتاح حتب" يوضح لنا كيفية اختيار الصديق من خلال تلك النصائح الرائعة التي يقدمها لابنه؛ والتي يقول فيها: إذا كنت تبحث عن أخلاق من تريد مصاحبته، اقترب منه، وكن معه منفردا، وامتحن قلبه بالمحادثة، فإذا أفشى شيئا قد رآه، أو أتى أمرا يجعلك تخجل منه، فعندئذ أحذر حتى أن تجاوبه، وكن صبوح الوجه ما دمت حياً .

اقرأ أيضا| باحثة تكشف سر تقديس الفراعنة للنيل وحقيقة إلقاء الفتيات به كقربان

ويستمر في نصائحه القيمة تلك، فيبين لابنه دوره نحو صديقه، فيدعوه إلى عدم كشف أسراره قائلا: "تخير جيداً أصدقاءك، ولا تؤاخ خادم رجل آخر، ولتغض النظر عما يجانب الصواب في بيت أجنبي، فإذا رأته عينك اسكت ولا تقله لغريب، واحترس من أن تكشف أسرارا وإن قالها رجل في بيتك فتظاهر بالصمم.

كما يدعو الحكيم "آني" إلى حسن أختيار الصديق، فيقول: ابتعد عن الرجل الشرير، ولا تتخذ منه صديقاً، وتخير إخوانك بعد أن تبلوهم، وتتحقق من صدقهم واستقامتهم، وتجنب من كان سيء السيرة.

وحذر الحكيم "بتاح حتب" ابنه ليس بالابتعاد عن الصديق السيء وفقط؛ بل دعى بالابتعاد عنه ونبذ كل من ساءت تصرفاته حتى ولو كان ابنه، فيقول: إذا ضل ولدك وخالف نهجك ولم ينفذ تعاليمك، وساءت تصرفاته في دارك، وتحدى كل ما تقوله، وتدنس فمه بقول قبيح فانبذه فإنه ليس ولدك، ولم يُولد لك، انبذه، واعتبره شخصا مقتته الأرباب ولعنت خطاياه.

ويستكمل "بتاح حتب" نصائحه لابنه في هذا الجانب، فيقول: لا تحترم شخصا بذله، ولا تجهدن نفسك لتبحث عن مساعدته، ولا تقبل الرشوة من أحد ولا تخجل أمام أحد وتحني رأسك له، ولا تلقي بنظرك لأسفل، وأقرئ الناس السلام، وختم نصائحه تلك بقوله: أتبع ليك ما دمت حيا، ولا تفعلن أكثر مما قيل لك، لأنه مكروه عند النفس أن ينقص من وقتها.

أما الملك "أمنمحات الأول" فينصح ابنه "سنوسرت الأول" -خلال عصر الأسرة الثانية عشرة - قائلاً له: لتكن حارس نفسك عندما تنام، إذ ليس للرجل أصدقاء في ساعة الشدة.

ومن أجل ذلك؛ كان حسن اختيار الصديق والتعامل مع الغير من الأمور التي يتفاخر بها المصريون القدماء، وها هو أحد حكمائهم يتفاخر بأنه ذو خُلق حسن؛ فيقول: لم أنتهك حرمة بيت أحد من الناس، ولم تكن عندي أرملة حزينة، ولم أنزع ملكية أرض أحد الفلاحين، وما كان هناك رجل تعيس بين رجالي، وما كان هناك جائع واحد في عهدي.

والعجيب أن بعض حكماء المصريين القدماء حثوا على حُسن التعامل مع الغير حتى ولو كان هذا الغير هو الحاكم الظالم، بل واعتبروا أن مهادنة المسؤول خلقا كريما يجب أن تتحلى به الرعية؛ فها هو أحدهم ينصح ابنه بالرضوخ وعدم مناهضة المسؤول؛ فيقول: أمّن ظهرك لمن هو أعلى منك، وبذلك يبقى بيتك بخيره، وتتسلم مرتبك في حينه، ومقاومتك لمن في يده السلطة قبيح، والإنسان يعيش ما دام متساهلا!

وقال آخر: إذا كان رئيسك فيما مضى من أصل وضيع فعليك أن تتجاهل وضاعته السابقة، واحترمه حسبما وصل إليه لأن الثروة لا تأتي من تلقاء ذاتها.

ولم يكن الرضوخ للمسؤول اتجاها عاما عند المصريين القدماء، فها هو الملك "خيتي" أحد ملوك إهناسيا، يقدم تعاليمه لابنه "مري كا رع" يوصيه فيها بحسن معاملة كبار الموظفين، ويختمها بقوله: ليتك تصل (أي إلى العرش) دون أن يتهمك أحد، لا تقتل أحدا ممن يقفون قريبين منك، بعد أن تكون قد امتدحته والرب يعرفه، دع الدنيا كلها تحبك. See Less
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة