صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


بعد الحكم بإعدامه| الحفيد القاتل يروي اللحظات الأخيرة في حياة جده

د.محمد كمال

الأحد، 27 ديسمبر 2020 - 06:43 م

◄الحفيد القاتل| قتلته عشان اتجوز

قصته أشبه بالقصص السينمائية شديدة الحبكة الدرامية، توفى والديه الواحد تلو الآخر، فجأة وبلا مقدمات وجد نفسه وحيدًا في الدنيا، لم يتبقى له في مشوار حياته سوى جده لوالده، انقطع فرط الأسرة ولم يتبقى منها سوى الحفيد والجد فقط، لذا كان الطفل الصغير بمثابة الفتى المدلل للعائلة، كان الجد يحب الطفل بشكل جنوني فهو الوحيد الباقي من رائحة العائلة الراحلة، لم يكن الجد يعلم أنه يربي الشيطان داخل بيته، ولم يخطر على بال أكثر المتشائمين ماذا تخبئ لهما السنوات المقبلة؟، لم يصن الشاب جميل جده الذي عامله بمنتهى الرقة والحب والحنان بعد وفاة والديه، وانحرف عن الطريق المستقيم وكان الثمن باهظًا على الجميع.

مرت سنوات العمر وكبر الصغير وأصبح شابًا، انتهى من دراسته، التحق بالعمل في إحدى المحال التجارية، تعرف على زميله له في العمل، ارتبط بها عاطفيًا، استمرت قصة حبهما بضعة أشهر، كانت هذه الفترة كفيلة بأن تتوج هذه القصة بالزواج، وعد الشاب حبيبته بالتقدم لخطبتها، منحت أسرة العروس مهلة للعريس حتى يتمكن من شراء وتأثيث عش الزوجية.

اقتربت المهلة على الانتهاء والظروف المالية لا تسمح بشراء مسكن للزوجية لذا لم يكن أمامه سوى أمر واحد فقط ظن أنه الحل الأمثل من وجهة نظره، وهو الزواج والمكوث في شقة جده، وبعد أن اختمرت الفكرة في رأسه قرر مفاتحه جده في هذا الأمر، إلا أن جده رفض مجرد الكلام في هذا المقترح شكلًا ومضمونًا بسبب اعتراضه على هذه الزيجة من البداية.

بدأت المشاكل تعرف طريقها بينه وبين أسرة حبيبته، ما دفع آسرة الفتاة لفسخ الخطوبة، كان هذا الأمر بداية النهاية للحفيد الذي فقد حب عمره في لحظة فارقة بسبب تعنت الجد، هكذا أقنع الشاب نفسه بهذا المبرر، شعر بالاكتئاب الشديد، تملكه الحزن، ألقى بكل ألوان اللوم والعتاب على جده، أسودت الدنيا في عيناه، عاد من منزل خطيبته، انتابه شعور باليأس وقلة الحيلة.

 حاول الحفيد، استجداء جده مره أخرى لعله ينال عطفه، لكنه كان يطلب المستحيل، وأمام تعنت الجد وقعت مشادة عنيفة بينهما، تطورت إلى مشاجرة قام على إثرها الحفيد بالاعتداء على جده بالضرب المبرح وكتم انفاسه، ما أسقطه أرضًا حيث لم يحتمل جسده النحيل قوة ضربات الحفيد الشاب، ولم تشفع له سنوات الانحناء التي قضاها في رعاية وخدمه حفيده عقب وفاة والديه، وكأن جده كان لزامًا عليه أن يترك منزله في سنوات شيخوخته من أجل حفيده المستهتر. 

كان يعلم الحفيد المجرم أنه الوريث الوحيد لجده، ما يعني أن وفاته سوف تفتح له الأبواب المغلقة لاستعادة ثقة أسرة حبيبته مره أخرى ومن ثم الموافقة على إتمام إجراءات الزواج، قام الحفيد بحمل جده الذي فقد الوعي تمامًا ووضعه داخل «جوال» ثم وضعه داخل إحدى الغرف ثم غادر في هدوء بعد استيلائه على بعض المتعلقات والأجهزة الالكترونية ومبلغ مالي كبير لتبدو الجريمة أنها تمت بدافع السرقة. 

حل اللغز

وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهم د. و، عامل، قتل عمدا المجني عليه عبد الحميد. ع، مع سبق الإصرار، حيث قام بخنقه واضعا على فمه وسادة حتى خرجت أنفاسه، ثم بعد ذلك قام بإخفائها في إحدى غرف المنزل حتى لا ينفضح أمره، ولكن بعد عدة أيام انبعثت رائحة كريهة من داخل سكنه، وقام الجيران بالإبلاغ وعثروا على الجثة.

ثم توالت المفاجآت حيث أثبت تقرير المعمل الجنائي أن المجني عليه تعرض للضرب المبرح قبل أن تشتعل فيه النيران، ومن هنا بدأ رجال المباحث يبحثون بشكل دقيق عن الأشخاص الذين تربطهم علاقة بهذا العجوز إلى أن قادتهم التحريات إلى الحفيد، «الوريث الوحيد لجده» وأثبتت التحريات أنه كان دائم الشجار مع جده خلال الآونة الأخيرة بسبب نفقات الزواج ومروره بضائقة مالية، كانت هذه المعلومات كفيلة بأن تتجه جميع الشبهات نحو الحفيد، خصوصا أن اختفائه في هذا التوقيت بالذات كان أمرًا يدعو للريبة. 

وأشارت التحقيقات، إلى أن هذه الواقعة وقعت على إثر مشاجرة بين المتهم والمجني عليه عندما طلب المتهم من جده إعطائه مالا لظروفه المادية السيئة، فرفض المجني عليه أن يعطيه، فترقب له المتهم وقرر الانتقام منه وسرق مبلغ مالي قدره ٢٠ ألف جنيه وأجهزة كهربائية، وهاتف جوال، وعند بيعهم افتضح أمره.

تم عمل العديد من الأكمنة الثابتة والمتحركة، حتى نجح رجال المباحث في إلقاء القبض عليه أثناء اختبائه، وعقب القبض عليه لم يبد أي مقاومة تذكر، اكتفى بالبكاء فقط وهو يردد كلمات الندم والحسرة وخيبة الأمل، فلا هو تزوج بمن أحب، ولا ورث جده كما كان يتوقع، وانتهت التحقيقات بإحالة المتهم لمحكمة الجنايات لمحاكمته، حيث قضت محكمة جنايات شمال القاهرة، بالإعدام على متهم قتل جده ليسرقه بالإكراه.

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد مسعد التليت، وعضوية المستشارين محمد فهمي ومحمد خيري وأسامة صالح.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة