جمال حسين
جمال حسين


كورونا‭ ‬يتوحَّش‭ .. ‬تكمموا‭ ‬يرحمكم‭ ‬الله‭ ‬

جمال حسين

الإثنين، 28 ديسمبر 2020 - 04:09 م

عاد‭ ‬كورونا‭ ‬يطل‭ ‬علينا‭ ‬بوجهه‭ ‬القبيح‭ ‬أكثر‭ ‬خطرًا‭ ‬وأشد‭ ‬ضررًا‭.. ‬تحوَّر‭ ‬وتمحْور‭  ‬وأنتج‭ ‬سلالات‭ ‬جديدة‭ ‬أكثر‭ ‬فتكًا‭ ‬وانتشارًا،‭ ‬ولم‭ ‬يرحم‭ ‬حتى‭ ‬الأطفال‭.. ‬الذعر‭ ‬سيطر‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬جديدٍ،‭ ‬ووقف‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬أصابعهم،‭ ‬خاصةً‭ ‬أن‭ ‬السلالات‭ ‬الجديدة‭ ‬لم‭ ‬ترحم‭ ‬الأطفال،‭ ‬بل‭ ‬والفيروس‭ ‬ينتشر‭ ‬بسرعةٍ‭ ‬فائقةٍ‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬أسرة‭ ‬أخرى‭.. ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬و700‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬وفاة،‭ ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬50‭ ‬مليون‭ ‬مصابٍ،‭ ‬واضطرت‭ ‬دولٌ‭ ‬عظمى؛‭ ‬منها‭ ‬بريطانيا‭ ‬وأمريكا،‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬أكثر‭ ‬صرامةً،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬المصل‭ ‬الجديد،‭ ‬وبدأنا‭ ‬نرى‭ ‬ونسمع‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬عزلٍ‭ ‬وإغلاق‭ ‬حدودٍ‭ ‬ومحالٍ،‭ ‬ووقف‭ ‬طيرانٍ‭. ‬

فى‭ ‬مصر‭ ‬بدأت‭ ‬الموجة‭ ‬الثانية‭ ‬للوباء‭ ‬أكثر‭ ‬شراسةً،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفعت‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬شخصًا‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألفٍ‭ ‬يوميًا،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬الحقيقى‭ ‬للمصابين‭ ‬أضعاف‭ ‬هذا‭ ‬الرقم؛‭ ‬الذى‭ ‬يُمثِّل‭ ‬فقط‭ ‬مَنْ‭ ‬أبلغوا‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬ولا‭ ‬يشمل‭ ‬مَنْ‭ ‬يتخذون‭ ‬إجراءات‭ ‬العزل‭ ‬فى‭ ‬المنازل،‭ ‬وهم‭ ‬كُثَّر‭.. ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬المصريين‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬الموجة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬كورونا‭ ‬بكثيرٍ‭ ‬من‭ ‬اللا‭ ‬مبالاة‭ ‬وعدم‭ ‬الوعى،‭ ‬ولا‭ ‬يتخذون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬حيث‭ ‬نُشاهد‭ ‬الزحامَ‭ ‬والتكدس‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مكانٍ‭ ‬دون‭ ‬الكمامة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المقاهى‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تُقدِّم‭ ‬الشيشة‭ ‬رغم‭ ‬قرار‭ ‬منعها‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭!!.. ‬كما‭ ‬يتعامل‭ ‬كثيرٌ‭ ‬من‭ ‬المصريين‭ ‬مع‭ ‬الموجة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬كورونا‭ ‬بعدم‭ ‬إدراكٍ‭ ‬لخطورة‭ ‬الموقف‭ !! ‬

 

لقد كانت الأقدار رحيمةً بنا، خلال الموجة الأولى، وتعامل الرئيس السيسى مع الجائحة باحترافيةٍ كبيرةٍ، لكن يجب على جميع أفراد الشعب المصرى أن يتخذوا كل الإجراءات الاحترازية الممكنة؛ للسيطرة على الوضع، وأن يلتزموا بارتداء الكمامة التى يُشدد الرئيس على ارتدائها فى جميع جولاته ولقاءاته مع المواطنين؛ لادراكه خطورة الموقف.. فخلال الساعات القليلة الماضية، توفى المستشار عبد الله البكرى، رئيس نادى الزمالك، ثم المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، وأُصيب العديد من نجوم الفن والرياضة والإعلام والمواطنين،  وهو ما يدق ناقوس الخطر،  خاصةً إذا علمنا أن حملات وزارة الداخلية على مترو الأنفاق والميكروباصات فقط، تضبط يوميًا آلاف المواطنين ممن لا يرتدون الكمامات، ولكم أن تتخيلوا لو أن أحدهم كان مُصابًا بكورونا، كم يُصيب من الركاب، والحرص واجبٌ.

 

‭ ‬خليها‭ ‬على‭ ‬الله

 

لقد‭ ‬مررت‭ ‬بتجربةٍ‭ ‬شخصيةٍ،‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضى،‭ ‬ربما‭ ‬فى‭ ‬ذكرها‭ ‬اليوم‭ ‬لكم،‭ ‬تكن‭ ‬دافعًا‭ ‬لأن‭ ‬يتَّخذ‭ ‬الجميع‭ ‬العظةَ‭ ‬والعبرةَ،‭ ‬ويلتزم‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬ويرتدى‭ ‬الكمامة‭.. ‬حيث‭ ‬سافرت‭ ‬إلى‭ ‬قريتى‭ ‬بمحافظة‭ ‬سوهاج؛‭ ‬لأداء‭ ‬واجب‭ ‬العزاء‭ ‬فى‭ ‬نجل‭ ‬عمى‭ ‬الحاج‭ ‬فتحى‭ ‬حسين،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬فلاحظت‭ ‬طوال‭ ‬رحلتى‭ ‬بالسيارة‭ ‬لمسافة‭ ‬500‭ ‬كيلو‭ ‬متر‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭ ‬حتى‭ ‬سوهاج،‭ ‬مرورًا‭ ‬بمحافظات‭ ‬الجيزة‭ ‬ثم‭ ‬بنى‭ ‬سويف‭ ‬والمنيا‭ ‬وأسيوط،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬للإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬ضد‭ ‬كورونا‭ ‬عند‭ ‬أهلنا‭ ‬فى‭ ‬الصعيد،‭ ‬ولا‭ ‬ارتداء‭ ‬للكمامة‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬المدن‭ ‬أو‭ ‬القرى‭ ‬إلا‭ ‬نادرًا، ولأنى‭ ‬أعرف‭ ‬جيدًا‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬بأن‭ ‬واجب‭ ‬العزاء‭ ‬مقدَّسٌ،‭ ‬وسرادق‭ ‬العزاء‭ ‬تظل‭ ‬لثلاثة‭ ‬أيامٍ‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬المتوفى‭ ‬رجلًا،‭ ‬ويومين‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬سيدة،‭ ‬وأن‭ ‬سرادق‭ ‬العزاء‭ ‬يستقبل‭ ‬المُعزِّين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬العائلات‭ ‬بأعدادٍ‭ ‬غفيرةٍ‭ ‬منذ‭ ‬الصباح‭ ‬الباكر‭ ‬وحتى‭ ‬العاشرة‭ ‬مساءً،‭ ‬ولا‭ ‬يتخلَّف‭ ‬أحدٌ‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬الواجب‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.. ‬سألت‭ ‬شقيقى‭ ‬حسن،‭ ‬مدرس‭ ‬الثانوى،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أتوجَّه‭ ‬إلى‭ ‬العزاء‭ ‬عن‭ ‬ارتداء‭ ‬الكمامة،‭ ‬وجاءت‭ ‬إجابته‭: ‬‮«‬خليها‭ ‬على‭ ‬الله،‭ ‬مفيش‭ ‬حد‭ ‬هنا‭ ‬بيستخدم‭ ‬الكمامات‭ ‬إلا‭ ‬نادرًا‭.. ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬فى‭ ‬الصعيد‭ ‬الدنيا‭ ‬كويسة؛‭ ‬لأن‭ ‬الناس‭ ‬بتاكل‭ ‬بصل‭ ‬وتوم‭ ‬والأطعمة‭ ‬التى‭ ‬تُقوِّى‭ ‬المناعة‮»‬‭.. ‬قلتُ‭ ‬له‭: ‬لكن‭ ‬تُوجد‭  ‬إصابات‭ ‬وموجة‭ ‬ثانية،‭ ‬ولازم‭ ‬الناس‭ ‬تتخذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭.‬

دخلت‭ ‬سرادق‭ ‬العزاء‭ ‬بالكمامة،‭ ‬ولاحظت‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الأنظار‭ ‬تتجه‭ ‬ناحيتى؛‭ ‬باعتبارى‭ ‬الشاذ‭ ‬الوحيد‭ ‬الذى‭ ‬يرتدى‭ ‬كمامة،‭ ‬وكلَّما‭ ‬تحدَّثت‭ ‬مع‭ ‬أحدٍ،‭ ‬تكون‭ ‬الإجابة‭ ‬بهذه‭ ‬العبارات‭: ‬‮«‬احنا‭ ‬عندنا‭ ‬مناعة‭.. ‬ربنا‭ ‬يستر‭.. ‬اللى‭ ‬مكتوب‭ ‬على‭ ‬الجبين‭ ‬لازم‭ ‬تشوفه‭ ‬العين‭.. ‬محدش‭ ‬هيموت‭ ‬ناقص‭ ‬عمر‭!!‬‮»‬،‭ ‬وأثناء‭ ‬تقديمى‭ ‬العزاء‭ ‬لابن‭ ‬العم‭ ‬خيرى‭ ‬حسين،‭ ‬مساعد‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬الأخبار‭ ‬‮«‬شقيق‭ ‬المتوفى‮»‬،‭ ‬أبلغنى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يرتدى‭ ‬الكمامة،‭ ‬واضطر‭ ‬لخلعها‭ ‬بسبب‭ ‬نظرات‭ ‬المُحيطين‭ ‬به‭.. ‬خلال‭ ‬العزاء،‭ ‬دارت‭ ‬بينى‭ ‬وبين‭ ‬الكثيرين‭ ‬حوارات‭ ‬كثيرة؛‭ ‬لحثِّهم‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬ارتداء‭ ‬الكمامة،‭ ‬لأن‭ ‬الوقاية‭ ‬خيرٌ‭ ‬من‭ ‬العلاج‭.‬

أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬الحكومة‭ ‬قرارات‭ ‬صارمة‭ ‬تضمن‭ ‬تطبيق‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬كتطبيق‭ ‬آلية‭ ‬الغرامة‭ ‬الفورية‭ ‬على‭ ‬المُمتنعين‭ ‬عن‭ ‬ارتداء‭ ‬الكمامة؛‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬السيناريو‭  ‬الأسوأ،‭ ‬الذى‭ ‬حذَّرت‭ ‬منه‭ ‬الحكومة،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬تضطر‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الإغلاق‭ ‬التام؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬غلق‭ ‬المطارات،‭ ‬ووقف‭ ‬حركة‭ ‬الطيران،‭ ‬وتعليق‭ ‬الدراسة‭ ‬بالمدارس‭ ‬والجامعات،‭ ‬وفرض‭ ‬حظر‭ ‬التجوال،‭ ‬وإغلاق‭ ‬دور‭ ‬العبادة،‭ ‬وإلغاء‭ ‬النشاط‭ ‬الرياضى‭ ‬وغلق‭ ‬المنشآت‭ ‬الرياضية،‭ ‬فتتوقف‭ ‬الحياة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُؤثر‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬غير‭ ‬المنتظمة،‭ ‬وقطاع‭ ‬السياحة،‭ ‬ويرفع‭ ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬إلى‭ ‬معدلات‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬قدَّر‭ ‬الله‭.. ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬مصر‭ ‬وأهلها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكروهٍ‭ ‬وسوء‭.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة