محمد بركات
محمد بركات


يوميات الأخبار

وداعا عام الوباء.. والألم!!

محمد بركات

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020 - 09:58 م

المرارة والألم.. كانت هى الغالبة على مذاق كل الوقائع والأحداث، فى عام الوباء الذى أوشك أن يفارقنا غير مأسوف عليه.

انتهى عام "٢٠٢٠" -أوكاد- غير مأسوف عليه منا أو من غيرنا من البشر، سكان هذا الكوكب المسمى بالأرض،...، وفى إجماع غير مسبوق فى تاريخ الإنسانية، لم يشعر أحد منا بالأسى أو الحزن على مفارقة هذه السنة، ولن يستشعر أحد منا أو من غيرنا نحن أهالى هذا العالم، الممتد بطول وعرض الكرة الأرضية بمرارة الفراق أو حسرة البعاد.

أقول ذلك بالرغم من أن طبيعة البشر تجعلهم أقرب إلى الاحساس بالكآبة لانقضاء عام جديد من أعمارهم، إلا أن الواقع يقول بأن الجميع لايجدون مبررا مقبولا للحزن على انقضاء هذا العام، والابتعاد عنه ومحاولة نسيان ما كان فيه، وما حدث خلاله من مآسى وعذابات وكوارث، بعضها بفعل أيدينا نحن البشر والبعض الآخر قدرى خارج عن ارادتنا.

المرارة.. والألم!!

وإذاما أردنا قراءة موضوعية للواقع، فقد يكون من الصعب علينا ونحن نودع هذا العام، الذى لم يتبق فيه غير ساعات قلائل لا تتعدى أمد اليوم الواحد، أن نقول ماجرت العادة على قوله فى هذه المناسبة، التى تتكرر مع نهايات السنين وبدء سنة جديدة من عمر البشر، وهو.. أننا نودعه بخيره وشره، وحلوه ومره ونسلمه الى ذمة التاريخ بأحداثه ووقائعه، يحكم هو عليها ويدخلها فى الخانة التى يختارها وفقا للتصنيفات المتعارف عليها.

ومصدر الصعوبة كما تعرفون، هو أن الذاكرة لم تسعفنا فى استرجاع طعم ولو قليل من الحلاوة فى أحداث هذا العام الذى أوشك أن ينصرم،..، بل أن المرارة كانت هى الغالبة عليه فى ظل الوباء، الذى خيم على العالم كله بشرقه وغربه وشماله وجنوبه، حاملا معه شبح الاصابة المؤلمة لملايين البشر وظلال الموت المهددة لكل سكان الأرض.

واذا كانت هناك صفة غالبة على أحداث ووقائع هذا العام، الذى لملم أوراقه بالفعل وتهيأ للانصراف غير مأسوف عليه، بأيامه وأسابيعه وشهوره الطويلة، فهى بالقطع وبإجماع يكاد أن يكون كاملا، بين شعوب وأفراد هذا الكوكب المزدحم بسكانه على اختلاف ألوانهم ولغاتهم،..، فهى صفة التوتر الشديد والقلق البالغ وايضا الخوف والهلع، من الوقوع فريسة الاصابة بالوباء الذى تفشى وانتشر فى العالم كله، والتحول إلى رقم يضاف إلى قائمة أو "لستة" ضحايا "كوفيد ١٩"، الذى تجاوزت اعداد المصابين به على مستوى العالم الثمانين مليون حالة اصابة، واقتربت اعداد الوفيات من المليونين من البشر فى "٢١٠" دول.

التفاؤل الغائب!!

ولكننا رغم كل ذلك لابد أن نقول بأن هذا الاجماع وذلك الشمول، لا يمكن أن ينفى وجود بعض الاستثناءات، حيث من الوارد أنه قد يكون لدى البعض من البشر، سواء منا أو من غيرنا  من سكان الأرض على المستوى الشخصى، بعض لحظات السعادة طرأت عليه خلال "٢٠٢٠"، استطاع أن يختلسها من بين أنياب الكآبة العامة، التى سيطرت على الجميع وأحاطت بالكل فى ظل الهم والقلق والهلع، الذى خيم على الكرة الارضية كلها،...، ولكنها تبقى رغم ذلك شأنا شخصيا لا يمكن تعميمه أو الأخذ به كمقياس.

ولعلنا فى هذا الاطار نتفق جميعا على القول، بأن عام "٢٠٢٠" الذى أصبح ماضيا إلا بضع ساعات يلملم فيها آخر أوراقه، كى يضيفها إلى الأخرى التى تناثرت عبر الشهور والأسابيع والأيام الماضية، ليتجاوز بها زماننا الحاضر داخلا بها فى ذمة التاريخ وذاكرة الماضي،..، لم يكن بكل الأحوال عاما سعيدا للبشر على تنوع واختلاف ألوانهم وأجناسهم،..، وهو ما لايدع مجالا لأحد كى يحزن على فراقه أو يأسى لافتقاده ، وذلك لأنه كان عاما شديد الوطأة على العالم كله.

وفى هذا الاطار فإننا رغم ترحيبنا بنهاية هذا العام، التى أوشكت أن تكون واقعا بعد يوم واحد فقط، وبالرغم من شعورنا بالراحة لمفارقة ما كان به من أحداث مريرة ووقائع مؤلمة لكل البشر، إلا أننا لا نستطيع التكهن أو التنبؤ بأن العام الجديد "٢٠٢١"، الذى بدأت أرهاصاته وملامحه تبين من بين غيامات المستقبل الذى أصبح على الابواب الآن،..، سيكون مختلفا فى وقعه وأكثر رحمة وشفقة عما سبقه أم لا.

وبالطبع كنا نرجو أن يكون الأمر على غير ذلك، وأن ندخل الى العام الجديد الذى نقف على اعتابه الآن، ونحن أكثر تفاؤلا مما نحن عليه، وأن نستطيع الجزم بأنه سيكون عاما شافيا لمواجع وتوترات، وقلق وخوف ومعاناة البشر طوال "٢٠٢٠" الذى نفارقه ويفارقنا خلال الساعات القليلة القادمة،..، ولكن ذلك للأسف غير ممكن.

بصيص الأمل!!

ولكن حتى لا نظلم العام المنصرم إلا قليلا، فلابد أن نذكر أنه على الرغم من كل القلق والخوف والألم الذى عانيناه وتحملناه طوال أيامه ولياليه وشهوره الطويلة،..، إلا أنه لم يشأ أن يغادرنا قبل أن يعطينا أملا، فى امكانية وضع حد ونهاية لذلك القلق وهذا الالم، عن طريق التوصل الى لقاح، بل مجموعة من اللقاحات أو الأمصال أو الفاكسينات التى يمكن أن تقى الانسان من الإصابة بالفيروس الفتاك المنفلت "كورونا المستجد" الذى استشرى وانفلت عياره، وراح يضرب كل الدول وجميع الشعوب دون استثناء وبلارحمة.

ولعله الأمل فى بدايات جديدة تكون أكثر اشراقا للبشر  جميعا، وتفتح بابا واسعا للخلاص من الوباء، فى ضوء السباق المشتعل بين كل المراكز الطبية والبحثية فى كل بلاد العالم المتقدم الآن، للوصول الى اللقاحات الواقية والآمنة والفعالة،..، هوما يدفعنا للأمل مع جموع الدول والشعوب بأن العام الجديد سيكون اكثر رفقا بالانسان من سابقه، بما يدفعنا للترحيب به مع بقية الدول والشعوب ايضا.

أمنيات!!

ونحن رغم ترحيبنا مع المرحبين بوداع العام الحالى "٢٠٢٠"، وبالرغم من الأمل الذى نتمناه مع الكل بأن يكون القادم "٢٠٢١"، أقل ثقلا وأخف وطأة فى أحداثه ووقائعه عن سابقه، الذى مازلنا نعيش فى كنفه وظله اليوم وغدا،..، إلا أن لدينا العديد من الأمنيات للعام الجديد، هى استقراء لما يعتمل فى عقول وقلوب عامة الناس وخاصتهم من أبناء مصر، تعبر فى حقيقتها عن مشاعرهم، وما فى نفوسهم من مشاعر تجاه أحداث ووقائع فرضت نفسها عليهم خلال العام الذى أخذ فى الانحسار، وحول تطلعاتهم وأمانيهم فى العام الجديد، الذى بدأت طلائعه تدق على الأبواب الآن.

ولعل فى مقدمة ذلك على الاطلاق، ما يتمناه الجميع بأن يكون وطننا أكثر أمنا واستقرارا، وأن يكون الناس،..، كل الناس فيه أكثر راحة وأكثر اشراقا،..، وأن يستطيع كل منهم تحقيق طموحاته التى يصبو إليها خلال "٢٠٢١" الذى بدأت بواكيره تلوح فى الأفق، وأخذت شمسه تستعد للبزوغ من وراء أستار العام الحالى، الذى يحاول فى ساعاته الأخيرة جمع آخر أوراقه للرحيل عن عالمنا، غير مأسوف عليه خاصة فى ظل ما سببه من خوفه وهلع وألم ومعاناة.

الطموح.. والحلم!!

وأحسب أنه من المهم أن نقول الآن ونحن نودع عامنا المنصرف ونتأهب لاستقبال عامنا الجديد، الذى يحدونا الأمل بأن يكون أكثر رفقا بنا وبالعالم من سابقه،..، أنه على الرغم من إيماننا الكامل بالقدر والمكتوب، إلا أننا ندرك باليقين أن ما نراه ونعايشه هو بعض مما صنعت أيدينا، وأن الطموحات والآمال يصعب أن تتحقق أن لم يساندها العمل الجاد، وأنها يمكن أن تصبح واقعا فقط إذا مابذلنا من أجلها الجهد والعرق حتى تتحول الى حقيقة مؤكدة على أرض الواقع.

لذلك أصبح من الضرورى أن نؤمن إيمانا كاملا، بأن الطريق الى التقدم والرخاء ليس لغزا وليس مجهولا.. بل هو معروف ومحدد تدركه كل الدول والشعوب الراغبة فى التقدم والساعية للنهضة الشاملة،..، ويمكن تلخيصه فى جمله واحدة هى الطموح والحلم بالغد المشرق والمستقبل الأفضل، ثم الاصرارعلى تحقيق هذا الحلم وذلك الطموح،...، والعمل بكل قوة وعزم على تحويلها الى حقيقة على أرض الواقع.

ولعله من الواجب والضرورى أن ندرك جميعا أنه لاقيمة فى هذه الحياة تعلو على قيمة العمل، وأنه لاشيء فى العالم يمكن تحقيقه دون العمل من أجله بكل الجدية والاخلاص،..، وأزيد على ذلك بالقول أن ذلك ليس هو قانون الحياة الدنيا فقط، بل هو ايضا اساس الحساب فى الآخرة، على الجانب الآخر من الحياة،..، فمن عمل خيرا يجازى بالخير، ومن عمل شرا لايرى سوى الشر، ذلك واضح فى كل الأديان ومنصوص عليه فى كل الرسالات.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة