الخميس، 31 ديسمبر 2020 - 06:48 م

جرجس شكرى    

حين رأيت أنور كامل للمرة الاولى  شعرت أنه قادم من زمن آخر، الزمن الذى أحبه كأنه خرج من فيلم أبيض وأسود ليجسد القاهرة المتحضرة  يوم أن كانت أجمل من المدن الأوربية أنيقا مرتبا ويؤدى  كل شىء بدقة، حتى خطواته كانت مرتبة حين يتحرك بين الطاولات فى مقهى البستان حيث ألتقيه عام 1989 وكانت جلسته تطول لساعات كنّا قرأنا عن جماعة الخبز والحريّة، عن السيريالية، وجاليرى ٦٨ وأنور كامل رمزا لكل هذه العناوين جاء متمردا رغم صمته وهدوئه  يحمل الفسائل  فكانت عاصفة، وحدثا كبيرا نتداولها فيما بيننا ويوزعها على الحضور يطبع فيها قصائده الجديدة، قرأت له شعرا وأخذ منى قصيدة اسمها دائرة الحلم  أعجبته وكنت حين أراه أجلس إلى جواره أستمع إلى حكايته المثيرة عن جورج حنين ورمسيس يونان وهيئته الكلاسيكية  تذكرنى دائماً بالشاعر اليونانى كفافيس! كان هادئا متأملا ينزوى فى ركن ويلتف حوله الجميع وأحيانا يجلس بعيداً وذات مرة وبينما كنت  أقرأ له القصيدة التى قرر أن يطبعها ومات قبل أن تصدر فى فسيلة، هب واقفا وقال لى: تعال.  نظرت إليه فى دهشة، فكرر: تعال تعال واتجه نحو مقهى ريش وأنا أتبعه حين كان المقهى مفتوحا على الشارع  واتجه إلى طاولة وقال: مساء الخير يا لويس  وعرفه بى جرجس شكرى شاعر من سوهاج وقال كلاما طيبا جلسنا مع الدكتور  لويس عِوَض وقتا ربما قصيراً أو طويلاً، ما أتذكره أن أنور كامل كان يتكلم ولويس عوض ينصت باهتمام.