الجمعة، 01 يناير 2021 - 06:40 م

 يوما ما سيرحل كورونا مثلما رحل الطاعون والكوليرا والانفلونزا الإسبانية تلك الأوبئة التى قضت على ملايين البشر نعم سيرحل كورونا ذلك الفيروس الغامض مهما اختلفت اسبابه وهل هو مصنع لأبعاد اقتصادية تأآمرية أو انه من نتائج غضب الطبيعة سيرحل يوما لكنه لن يرحل بلا اثار سواء تلك التى ستبقى فى عقول الملايين حول العالم ممن افقدهم ذلك الفيروس الأحباء والأهل أو الآثار الاقتصادية والتغيرات السياسية التى نتجت وستظهر اخرى فيما بعدا.

العالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا وبشكل كبير ومتغيراته عديدة لم يظهر بعد منها الا القليل ولعل ما قاله وزير الخارجية الامريكى الأسبق هنرى كيسنجر فى ابريل الماضى من أن كورونا سيغير النظام العالمى إلى الأبد لم يكن مجرد توقعات اوافتراضات بل حقائق تتكشف وكان كيسنجر صادق الحدس مثل رئيس الوزراء البريطانى الأشهر تشرشل والذى قال عام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية إن الحرب ستفرض نظاما عالميا جديدا إلى الأبد وتغير المشهد السياسى الدولى وظهرت الحرب الباردة وعالم القطبين الكبيرين الاتحاد السوفيتى وامريكا.

لكن مستقبل النظام العالمى بعد كورونا كما توقع كيسنجر مختلف فقد تنبأ بأن الاضطرابات السياسية والاقتصادية الناجمة عن الفيروس ستستمر لأجيال وسينظر العالم إلى مؤسسات دولية عديدة على أنها فاشلة لأنها عجزت عن مواجهة الفيروس المدمر. كيسنجر يرى الصورة مختلفة عن تشرشل والتبعات مختلفة، فبعد الحرب العالمية تحول العالم الى سياسة القطبين الكبيرين حتى انهار الاتحاد السوفيتى عام 1990 وانفردت امريكا بحكم العالم .

لكن اليوم الصورة اكثر اختلافا فالعالم الآن يتجه إلى عالم متعدد الأقطاب، الصين تنافس بقوة واكثر خطورة من السوفييت لأنها لا تملك السلاح فحسب بل اقتصاد قوى ومرعب ومتقدم لم يتوافر للسوفييت وكان تدهور الاقتصاد احد اسباب انهيار السوفييت وهناك اوروبا التى عانت من واشنطن فى عهد ترامب وتريد الانسلاخ من التبعية غير المفيدة .

نعم سيرحل كورونا يوما وربما يكون فى 2021 نهايته لكنه لن يرحل الا وقد غير المشهد على الساحة العالمية واحدث تغيرات كبرى ستبقى لعقود.