مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية


«سماحة» المفتي «تغيظ» الجماعة الإرهابية.. السر في عيد الميلاد

إسراء كارم

السبت، 02 يناير 2021 - 04:09 ص

حالة من الهدوء النفسي يضفيها فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، في كل مرة يجيب فيها عن تساؤلات الناس، بسبب طرحه الحقائق ببساطة وتصحيحه المفاهيم بسلاسة وإصداره الفتوى بعلم ودلائل وفق المنهج الوسطي المعتدل.

ومن وقت لآخر، تتملك جماعة الإخوان المحظورة حالة من "الغيظ"، لرفض كل ما يخلق ترابطا ويضيع عليهم أي فرصة لإثارة الفتن، مما يدفعهم لدس السم في العسل في محاولة فاشلة لتشويه الدين.

فتوى عيد الميلاد

وربما من آخر هذه المحاولات الفاشلة، رفضهم لفتوى فضيلة المفتي الخاصة بتهنئة المسيحيين بأعيادهم، والتي قال فيها الدكتور شوقي علام:
«ميلاد الأنبياء هو ميلاد رحمة وسلام ومحبة للعالمين، وأن ذكرى ميلادهم هي مناسبات سعيدة على البشرية جمعاء نحتفل بها ونتذكر ما أرسلهم الله سبحانه وتعالى به من أخلاق وقيم من أجل صلاح الناس».

وأشار إلى أن سيدنا عيسى نال خصوصية خاصة ومساحة واسعة في القرآن الكريم، وتم ذكره مرات كثيرة بحيث إنه يأتي في الرتبة الثانية من حيث عدد مرات ذكره في القرآن بعد سيدنا موسى عليه السلام.

وشدد مفتي الجمهورية على أن الفتاوى التي تحرم تهنئة المسيحيين بميلاد السيد المسيح عليه السلام هي فتاوى قد عفَّاها الزمان ويجب ألا نلتفت إليها ونرفضها.

وأوضح أن دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف يسيران على منهجية واحدة في أن تهنئة إخوتنا المسيحيين بميلاد السيد المسيح هو من أبواب البر الذي أمرنا الله به في قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، لافتًا إلى أن القرآن الكريم أعطانا الدرس بأنه احتفى بميلاد السيد المسيح عليه السلام.


وأشار فضيلته إلى أن المصريين -مسلمين ومسيحيين- عاشوا على أرض مصر عبر التاريخ جنبًا إلى جنب؛ بيوتًا متجاورة، ومصالح مشتركة، وأهدافًا واحدة، متضامنين متحابين في سبيل الوطن، رخاءً وأمانًا، حربًا وسلامًا، حتى يئست منهم كل محاولات الوقيعة التي تتعمد نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، فهؤلاء المغرر بهم لم يقرءوا التاريخ جيِّدًا ولم يعرفوا تلاحم هذا الشعب الصامد عبر العصور ضد الوقيعة.

هذا التصريح لم يلق قبولا في نفوس المتطرفين، الذين يعملون بكل طاقتهم عن طريق كتائبهم خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرزها «تويتر»، تحت ستار الدين، للوصول إلى أغراضهم الدنيئة، إلا أنها تنقلب عليهم، فجميعها أصبحت سيناريوهات متكررة لا يصدقها أي شخص ولا حتى تمر على عقل طفل صغير.

وكالعادة لم يكتمل مخطط الإرهابية في الإساءة لفتوى المفتي، حيث تحولت منصة «تويتر» إلى ساحة دفاع عن اعتدال وسماحة المفتي في إصدار فتواه، مع التأكيد أن اللعبة أصبحت مكشوفة فلا داع الاستمرار في هذه «المسرحية الخايبة» لأن المصريين لن يبتلعوها.

وكان اللافت الأمر هو أن هجوم الإرهابية عبر السوشيال ميديا، لم يأت من فراغ، بل جاء عقب تصريحاته الحاسمة خلال المؤتمر الذي نظمته دار الإفتاء المصرية، لعرض إنجازاتها وأنشطتها الختامية خلال 2020، وخطتها الخمسية، والذي أكد خلاله أن دار الإفتاء تتصدى بكل حزم للأفكار المتطرفة، وتعمل على نشر مبادئ الوسطية، وتصدت لكمٍّ هائل من الشائعات المغرضة للجماعات الإرهابية.

وأضاف: «كنا ولا زلنا وسنظل إلى جانب الجيش والشرطة جنودًا أوفياء، والحياد في هذه الظروف خيانة، وقلوبنا منفتحة وآذاننا مصغية لأي نقد يهدف إلى تحقيق المصلحة العليا للوطن، وأيدينا ممتدة لكل من يريد أن يتعاون معنا».

وأكد أن «دار الإفتاء لديها رؤية واضحة ومنهج ثابت في دعم قضايا الدولة، ونؤمن بأن وطننا لن ينتصر بالشعارات الطنانة والخطب الرنانة، فما نقدمه من منجزات ومشروعات دينية يدل على أن دار الإفتاء مؤسسة وطنية، وما تعرضنا له من حملات التشهير والاغتيال المعنوي وسام على صدورنا نفتخر به».

وليست هذه هي المرة الأولى التي تسعى فيها الجماعة الإرهابية للإساءة لفتاوى دار الإفتاء المصرية والتشكيك فيها، إلا أن كشف الإفتاء فضائحهم هو ما يجعلهم في حالة غضب مستمرة.

وكانت دار الإفتاء المصرية، قد حرمت الانضمام لجماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدة أنهم خوارج العصر وأعداء مصر الذين نشروا الدمار والخراب في البلاد باسم إقامة الدين، ومنذ نشأتهم لم يقدموا أي منجز حضاري يخدم وطنهم أو دينهم.

وأضافت دار الإفتاء، أن تاريخ الجماعة الإرهابية مليء بالشعارات الجوفاء والخطب الرنانة والمؤامرات والتحالفات الشيطانية، وفسروا القرآن بأهوائهم، وأسقطوا آيات المؤمنين على جماعتهم، وآيات الشرك والخروج من الملة على مخالفي باطلهم حتى لو كانوا من أهل القبلة.

 وأوضحت أن الجماعة الإرهابية وصفوا المجتمعات الإسلامية بصفة الجاهلية، وحادوا عن طريق العلماء وسلوك الأولياء، وسفكوا الدماء واستحلوا الكذب ولم يتورعوا عن خيانة المؤسسات وخيانة ما ائتمنوا عليه من معلومات، وتحالفوا مع أعداء البلاد.

وشددت الإفتاء: «الله بيننا وبينهم، وجند مصر في مواجهتهم وسهام الحق في نحورهم، ولينصرن الله مصر وشعبها وجيشها وشرطتها، وسيحفظ الله بحفظه أمن مصر وأمانها وأرضها وسماءها ولو كره الحاقدون من جماعة الإخوان، راعية البغي وداعمة الضلال».

محاولات بائسة لاستعادة الثقة الشعبية المنهارة

من جانبه، رصد المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في حصاده لعام 2020، 1500 فتوى لجماعة الإخوان الإرهابية، وتوصل إلى أن الخطاب الإفتائي لجماعة الإخوان الإرهابية تمثل في 3 أمور: الانتقاد المستمر لسياسات الدولة المصرية، وادعاء التعاطف مع الشعب ودعمه، وتكثيف خطاب المظلومية، وتمثلت هذه الأمور الثلاثة في مجموعة من النتائج، أبرزها:

استحوذت الفتاوى السياسية والأخرى المتعلقة بجائحة كورونا، على النصيب الأكبر من فتاوى الجماعة هذا العام، فقد احتلت الفتاوى ذات الطابع السياسي (28%) من إجمالي فتاوى الجماعة، كانت في أغلبها شاهدةً على ازدواج المعايير عند الجماعة الإرهابية، ففي الوقت الذي كانت فيه فتاوى الجماعة تدافع عن الدول الراعية لها وتدعم سياستها، خرجت فتاوى أخرى تنتقد دولًا وتهاجمها، والمعيار في النوعين مصلحة الجماعة وليس مصلحة الأمة.

وتابع مؤشر الفتوى: في حين جاءت الفتاوى المتعلقة بجائحة كورونا بنسبة (35%) من إجمالي فتاوى العينة، وحاولت الإرهابية من خلالها أن تجد ضالتها في العودة مجددًا إلى ساحة اهتمام الناس بالحديث عن الإخفاق في مواجهة الجائحة، وانتقادها للإجراءات الاحترازية التي أخذتها وتعليق الصلوات وغلق المساجد، في محاولة تصدير صورة سلبية عن الدولة بدفاعها عن الناس وشعائر الدين، لكنها أخفقت كعادتها خاصة أن مصر تعدُّ من أفضل الدول التي تعاملت مع الجائحة وأقلهم تضررًا من الناحية الاقتصادية.  

وأكد مؤشر الفتوى، أن فتاوى الجماعة المتعلقة بالقضية الفلسطينية جاءت بنسبة (30%) من إجمالي فتاوى الإخوان السياسية، حاولت الجماعة استغلالها للترويج لكونها الطرف الوحيد الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، وحمل الخطاب في طياته اتهامات للحكومات بخيانة القضية، في محاولة للاستقطاب الشعبي، وفي الوقت ذاته عمدت الجماعة لتفخيم دور الدول الداعمة والراعية لها.

وتابع مؤشر الفتوى، أن (20%) من الفتاوى السياسية التي خرجت عن منظري جماعة الإخوان الإرهابية كانت لدعم إثارة الثورات والاحتجاجات والقلاقل في الدول، وهو ما يتوافق مع توجهات الجماعة في دعم إسقاط الحكومات القائمة؛ رغبة منها في أن تحل محلها وتعوض خسائرها السياسية على مدى سنوات، غافلة عن فقدها للمصداقية الشعبية عربيًّا وعالميًّا.
 

اقرأ أيضا

مستشار مفتي الجمهورية يكشف تفاصيل الخطة المستقبلية لدار الإفتاء للسنوات الخمس المقبلة
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة