بقلم: حسن حافظ
بقلم: حسن حافظ


آخر ساعه

عـام الحزن الأدبى

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 03 يناير 2021 - 03:56 م

بدأ عام 2020 بداية ممتازة فى الحياة الثقافية المصرية بانعقاد معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى حقق نجاحا كبيرا باستثناء شائبة وفاة القاص الشاب محمد حسن خليفة، أمام بوابات المعرض الذى زاره 3.8 مليون شخص، لكن الأمور سرعان ما تدهورت إذ تجمعت سحب فيروس كورونا سريعا، وتحولت إلى إعصار اكتسح كل ما أمامه بداية من شهر مارس ليسيطر على بقية العام، ويلون أيامه بدرجات الرمادي، لتواجه الحياة الثقافية ما يشبه الشلل، بالتوازى مع توالى رحيل المبدعين، فكان عام الحزن الثقافى بامتياز.

مر عام 2020 بالعديد من المحطات الثقافية المهمة التى تقرر إلغاؤها بسبب تداعيات تفشى كورونا، ما استتبع عمليات حظر التجول الجزئى وتعليق العديد من الأنشطة ذات التجمعات بما فى ذلك دور السينما والمسارح وعقد الندوات الثقافية، وكانت أولى الفعاليات الملغاة الاحتفال ببورسعيد عاصمة الثقافة المصرية فى مارس الماضي، كما لم يتم الاحتفال باختيار القاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2020، وهو ما كان يفترض أن يعقبه احتفالات تليق بعظمة القاهرة وتراثها العريق.. حاولت دور النشر التى واجهت أزمة غير مسبوقة مواصلة النشر، إذ شهد بداية العام كثافة فى نشر العناوين بما يتناسب مع انعقاد معرض القاهرة الدولى للكتاب، ثم عرفت حركة النشر ما يشبه التوقف ثم عادت العجلة تدور من جديد ببطء فى الربع الأخير من العام، لكن الأثر المدمر لتداعيات كورونا كان قد وقع وضربت الجائحة قطاع النشر فى مصر.

أزمة قطاع النشر عبر عنها سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، قائلا لـ∀آخرساعة∀: إن 2020 هو ∀أسوأ عام فى تاريخ صناعة النشر فى مصر والعالم كله، وذلك بسبب التداعيات الواسعة لفيروس كورونا، والتى أدت إلى توقف صناعة النشر أو كادت، وألحقت خسائر غير مسبوقة بدور النشر المختلفة، فهناك ما لا يقل عن 35% من دور النشر توقفت بسبب تداعيات الأزمة∀.

وتابع عبده: ∀حالة التوقف نتيجة منطقية بسبب الأوضاع الاستثنائية التى فرضتها الجائحة، بخاصة بعد ضربة إلغاء معارض الكتاب فى العالم العربي، وذلك بعد انتهاء معرض القاهرة الدولى للكتاب فى فبراير الماضي، ويعتمد الناشرون على المعارض فى تسويق كتبهم فى ظل عدم وجود شركات تقوم بهذا الدور، ولا تنسى أنه تم إغلاق حركة الطيران معظم أشهر السنة ما أدى إلى انعدام قدرة دور النشر على إرسال كتبها خارج مصر∀.

ولفت رئيس اتحاد الناشرين إلى أن الأزمة كانت درسا قاسيا على الجميع لكنه فرض تحديات ستكون لها تداعيات كبيرة على صناعة النشر على المدى القصير والطويل، أهمها البحث عن وسائل لبيع الكتب تواكب الثورة التكنولوجية مثل البيع الإلكترونى وتوصيل الكتب إلى بيت المشتري، وهى محاولات نفذتها بعض دور النشر وتم استقبالها بشكل جيد من قبل القراء، ∀وربما يكون لها المستقبل إذا ما استمرت الأزمة∀، لكنه لم يستسلم رغم الظروف السيئة وتابع: ∀نتمسك بالأمل، ورغم الصعوبات نرى أن الصناعة قادرة على النهوض مجددا بعد انكشاف الغمة∀.

كورونا لم يكن سبب الحزن الوحيد لشارع الثقافة، إذ رحل الكثير من المبدعين خلال أيام العام الصعبة، بداية من الشاب محمد حسن خليفة، أثناء تواجده أمام أبواب معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ51، وهو صاحب مجموعة قصصية بعنوان ∀إعلان عن قلب وحيد∀، وتكريما له قامت إدارة المعرض بتأبينه، بعدما سبب رحيله المفاجئ موجة من الحزن.

وفى 7 فبراير كان المسرح مع فاجعة رحيل لينين الرملى الكاتب المسرحي، الذى يعد أحد أبرز كتاب المسرح السياسى الساخر، وأحد أكبر المواهب الإبداعية التى تركت آثارا لا تمحى على الدراما والسينما. ثم رحل فى نهاية الشهر ذاته الدكتور محمد عمارة، المفكر الإسلامى صاحب الكثير من الكتب والدراسات والمعارك الفكرية التى أثارت موجات من ردود الفعل بين مختلف التيارات الفكرية فى مصر والعالم العربي.

وفى أول أيام أبريل رحل الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق والمفكر الإسلامى صاحب العديد من الدراسات العلمية من أبرزها ∀المنهج الفلسفى بين الغزالى وديكارت∀. وفى 10 أبريل كان الوسط الأدبى مع موعد خبر رحيل جميل عطية إبراهيم، وهو من أبرز كتاب جيل الستينيات، إذ يعد أحد مؤسسى مجلة ∀جاليرى 96∀، والتى شهدت انطلاق معظم مواهب جيل الستينيات وكتاباتهم الأولى، كما صنفت روايته ∀النزول إلى البحر∀ ضمن أفضل مئة رواية عربية.

وحصل قطاع الفنون التشكيلية على نصيبه من الحزن، مع خبر رحيل آدم حنين، النحات والرسام الكبير، فى 22 مايو، والذى نعته الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، قائلة ∀إن المشهد التشكيلى المصرى فقد رمزًا عبقريًا ومثالًا فذًا∀، فى إشارة إلى مكانة حنين كإحدى علامات النحت المصرى الحديث والذى اعترف بموهبته عالميًا.

وفى 8 أكتوبر، رحل عن عالمنا الدكتور محمد كمال الدين إمام، الفقيه القانونى وصاحب موسوعة مقاصد الشريعة، وهو أحد الموسوعيين الكبار فى فهم الحضارة الإسلامية، لذا لم يكن غريبا أن ينعاه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قائلا فى بيان رسمى إن الفقيد ∀لم يدخر جهدًا فى خدمة الإسلام والمسلمين، وترك إرثًا كبيرًا فى مجال الفقه الإسلامي، وقد فقدنا بموته علمًا من أبرز علماء الشريعة الإسلامية فى العصر الحاضر∀.

وحصد شهر نوفمبر لقب شهر الحزن بامتياز، فقد رحل فيه خمسة مبدعين، بداية من السيد حنفي، الروائى صاحب ∀زينة.. ترنيمات الوجع∀، و∀سيدة الضياء∀، ومجموعات قصصية عدة أبرزها ∀إشراقة الموت الأول∀، وقد رحل فى أول أيام الشهر، ثم جاء الرحيل الثانى فى 5 نوفمبر، برحيل الدكتور مصطفى صفوان، أحد أبرز رواد علم النفس على مستوى العالم، وصاحب عدد من الدراسات ذات الاعتراف الدولي، أبرزها: ∀التحليل النفسي.. علما وعلاجا وقضية∀، و∀الكلام أو الموت∀.

وفى الشهر ذاته فُجع الوسط الثقافى بنبأ رحيل سعيد الكفراوي، فى 5 نوفمبر، بعد رحلة مع المرض، ويعد الكفراوى أحد المخلصين لفن القصة القصيرة إذ لم يكتب غيرها، ومن أهم أعماله: ∀مدينة الموت الجميل∀، و∀سدرة المنتهى∀، و∀البغدادية∀. ثم لحقه الشاعر إيهاب الورداني، أمين صندوق النقابة العامة لاتحاد الكتاب، الذى رحل تاركا خلفه عدة دواوين شعرية ودراسات نقدية، أشهرها: ديوان ∀على باب ناعسة∀، ودراسة ∀العجز والرؤية∀.

ولم يرحل 2020 قبل أن يطلق قذائف الحزن فى شهر ديسمبر، مع رحيل ثلاثة من المبدعين، أولهم المبدع الكبير رفعت سلام، (6 ديسمبر)، الذى يعد أحد أكبر الأصوات الشعرية الحداثية والطليعية فى مصر خلال العقود الماضية، بعدما أصدر تسعة دواوين، منها: ∀وردة الفوضى الجميلة∀، و∀هكذا قلت للهاوية∀، و∀كأنها نهاية الأرض∀، فضلا عن الدراسات المهمة عن ∀المسرح الشعرى العربى∀، و∀بحثًا عن التراث العربي: نظرة نقدية منهجية∀.. وفى 9 ديسمبر، جاء خبر رحيل الدكتور نبيل فاروق، أيقونة الأدب البوليسى والخيال العلمى فى مصر، فى العقود الماضية، والذى وافته المنية إثر أزمة قلبية، ليترك صدمة وحسرة فى نفوس كل عشاقه من مختلف الأجيال والذين تربوا على قراءة سلسلتى رواياته الأشهر ∀رجل المستحيل∀ و∀ملف المستقبل∀.

ولم يكد الوسط الثقافى يستفيق من صدمة رحيل رفعت سلام ونبيل فاروق، حتى جاء خبر رحيل الروائى بهاء عبد المجيد، أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة عين شمس، فى 13 ديسمبر، وهو الأمر الذى أثار موجة من الحزن العارم على الفقيد الذى رحل إثر إصابته بفيروس كورونا، ثم زادت المأساة حلقة برحيل والدته بعده بأربعة أيام إثر إصابتها بالفيروس اللعين ودون أن تعلم برحيل ابنها، وصدرت له روايات ∀القطيفة الحمراء∀ و∀سانت تريزا∀ و∀النوم مع الغرباء∀.

وعما شهده الوسط الثقافة من أحداث محزنة فى عام صعب، يقول الكاتب حلمى النمنم، وزير الثقافة الأسبق، لـ∀آخرساعة∀، إن عام 2020 خضع بالكامل لتأثير فيروس كورونا السلبى جدا، والذى أدى إلى تداعيات واسعة على مختلف الأصعدة، بما فى ذلك التأثير على النشاط الثقافى، وأضاف: ∀الشق الإبداعى الفردى المختص بجلوس المبدع على مكتبه أو الفنان فى مرسمه، لم يتأثر لأنه نشاط فردى فى الأساس، لكن العمل الثقافى على المستوى الجماعى تأثر بالغ الأثر وتضرر من تداعيات تفشى الفيروس الذى أدى إلى سياسة الحظر والتباعد الاجتماعي، بما يعنى تقليص العمل الثقافى الجماهيرى إلى أقصى حد ممكن، لذا شهدت أشهر العام المنصرم، إلغاء لمعارض الكتب والمعارض الفنية التشكيلية بل وإغلاق لدور السينما والمسارح والمتاحف فخيم مناخ من الحزن على الجميع خصوصا مع رحيل عديد من المبدعين∀.

بدوره قال الروائى يوسف القعيد، إن ∀كورونا هو العنوان العريض لعام 2020، إذ سيطر على أحداث العام المنصرم من أول يوم حتى آخر أيامه، وقد ترك بصمته على الجميع كأفراد وكجماعة ثقافية، فضلا عن أن بعض المبدعين رحلوا بسبب تأثرهم بالإصابة بالفيروس مثلما هو حال الروائى الشاب بهاء عبد المجيد الذى رحل عن دنيانا متأثرا بإصابته بالفيروس، فهو عام كئيب وثقيل الظل على الجميع∀.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة