عصام عطية
عصام عطية


وداعا «إمبراطور» السيناريو

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 04 يناير 2021 - 01:48 م

خلال تكريمه الأخير، فى مهرجان القاهرة السينمائى الـ42، تحدث السيناريست الراحل وحيد حامد، عن مشواره الفنى قائلًا: "كنت ولا أزال ابنًا مخلصًا للشارع المصري، أعرفه جيدا ولست بغريب عنه، فعلى مدار رحلتى مع الكتابة، كنت أحصل على أفكارى من الناس، ثم أعيد تصديرها إليهم فى أعمالي، لذلك سعادتى تكون كبيرة عندما يقابلنى أشخاص تجاوزوا الخمسين من عمرهم، ويقولون؛ إنهم تربوا على أعمالي، حينها فقط أشعر أننى لم أقصر، وقدمت شيئا طيبا للناس".

وقال أيضًا: "منحت الكتابة كل الإخلاص، فلم أكتب حرفا إلا وكنت مقتنعا به تماما، وأيقنت منذ اللحظة الأولى أن شفرة التعامل مع الناس هى أن تكون صادقا معهم، فلم أخدعهم قط، واخترت أن تكون قضية العدالة هى التيمة الأساسية لأعمالي".

رحل وحيد حامد، وترك لنا أعماله الخالدة "البرىء، المنسى، اللعب مع الكبار، الراقصة والسياسى، كشف المستور، آخر الرجال المحترمين"، وغيرها الكثير من الأعمال التى سجلت واقع المهمشين، فالسيناريست المولود فى أربعينيات القرن الماضي، وله أكثر من 60 عملاً فنيا، تناول مناطق لم يقترب منها مؤلف آخر، وغاص فى قضايا وأزمات اجتماعية عديدة، ليسجل ويرصد العديد من فصول الصراع بين الطبقة الكادحة والمسئولين، ليرحل فى النهاية وتبقى أعماله خالدة.

قدم وحيد سنة 1990 واحداً من أهم أفلام السينما ومن أهم أدوار نبيلة عبيد "الراقصة والسياسي"، وقدم عملًا آخر معنياً بفساد بعض الضباط سنة ١٩٨٦ "ملف فى الآداب" وطرح فى نهايته سؤالاً لا إجابة له، ماذا نفعل إن ساءت سمعتنا وضاقت معيشتنا من أجل فرد فاسد له نفوذ؟.

فى التسعينيات أيضا قدم عادل إمام ثلاثية شهيرة مع الكاتب وحيد حامد والمخرج شريف عرفة والتى تعتبر من أجمل أفلام الزعيم خلال تاريخه الفنى الطويل والحافل، وهى "اللعب مع الكبار" 1991، "الإرهاب والكباب" 1992، "المنسى" 1993، والتى قدمها الزعيم متوالية بنفس فريق العمل حتى الكومبارس مع اختلاف القصص، وفى تلك الأفلام كان الرابط هو البطل الشعبى أو الإنسان العادى، الذى يفتقر لأى ملكات خاصة أو إمكانيات، والذى تدفعه الظروف لأن يحارب الكبار من اجل الناس.

وقد يجمع البعض على تميُّز ثلاثية عادل إمام، مع فيلم "طيور الظلام" 1995 و"النوم فى العسل" 1996 والمعروفة باسم خماسية التسعينيات، والتى يلتقى فيها عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة، ولكن واقع الأمر أن شخصية الزعيم فى "طيور الظلام" هى شخصية محامٍ قرر أن يحجز لنفسه موضع قدم وسط الكبار، متخليا عن محله بين صفوف المواطنين، التى خرج منها فى ثلاثيته السالفة، فهو بالفعل ينجح بالموالاة لأحد الوزراء لأن يكون من الكبار، لا لأن يحارب الكبار كما اعتدنا منه، وفى "النوم فى العسل" كان عادل إمام هو رئيس مباحث العاصمة الذى رصد بالصدفة انتشار وباء غريب بين الناس، فكان هو أصلا واحداً من الكبار ولكن من الذين يعملون لصالح المواطن، لذا فإن الخيط الموجود فى الثلاثة أفلام الأولى، غير متصل فى الرابع والخامس، وهذا ما يجعلنا ننظر للأمر من زاوية أخرى، باعتبارها ثلاثية وليست خماسية.

قد يصل الإنسان بفنه فى وقت ما إلى بناء جسر من الثقة مع الجمهور وحينما يطمئن لذلك قد تجرى به الأمور فى سقوط مدوٍ، لكن وحيد ظل متجدداً وناجحاً فقدم فى بداية الألفية "محامى خلع" فيلم كوميدى بالأساس ولكنه طرح مفاهيم واستفسارات كثيرة، وقدم على النقيض تماما أفلام "معالى الوزير" و"دم الغزال"، و"عمارة يعقوبيان"، و"الوعد"، و"احكى يا شهرزاد".

أيضًا فيلم "الأولة فى الغرام" واحد من الكوميديات الراقية لوحيد حامد، نجح فيه أن يقدم تجربة غير متوقعة منه فى هذا التوقيت الذى بدأ فيه أفول نجم الكوميديا والإفيهات، ليعطى درساً فى كوميديا الموقف من خلال ممثلين غير مصنفين ككوميديانات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة