جمال حسين
جمال حسين


كورونا يفرض قوانينه.. والعالم تحت الإقامة الجبريَّة

جمال حسين

الإثنين، 04 يناير 2021 - 01:49 م

 

قد تكون المرة الأولى فى التاريخ التى تتوحَّد فيها جميع دول العالم على امتداد قاراتها الست فى استقبال ليلة رأس السنة الجديدة  بلا أى مظاهر  أو احتفاليات أو فعاليات؛ تنفيذًا لقوانين «جائحة كورونا»، التى فرضتها على الجميع، وأصبحت تحكم العالم كله.. فى ليلة رأس السنة، اختفت الألعاب الناريَّة التى كانت تُزين الأجواء، وتوارت أشجار الكريسماس،  ومجسمات بابا نويل التى اعتدنا مشاهدتها، وهى تُزين الشوارع والحدائق ومداخل الفنادق؛ احتفالًا بالعام الجديد.. جاءت احتفالات العالم بقدوم العام الجديد فى صمتٍ، وأجبر كورونا الملايين فى العالم أجمع على استقبال العام الجديد من منازلهم، والالتزام بقواعد السلامة العامة، ومتابعة الاحتفالات افتراضيًا..

دخلنا العام الجديد بمشاعر متباينةٍ، وتطلعاتٍ متفاوتةٍ، داعين الله أن يكون عام خيرٍ وسعادةٍ على البشريَّة التى أنهكها الوباء، الذى كان التحدى الأكبر للإنسانيَّة منذ الحرب العالمية الثانية..

تنفس الصبح ليُعلن ميلاد عام جديد، استقبلناه  بكل تفاؤلٍ وأملٍ فى غدٍ أفضل، رجاءً فى رحمة الله وابتهالًا إليه، بأن يفك الكرب، ويُزيح الغم، ويُخلِّص البشريَّة من ذلك الفيروس اللعين، الذى حبس البلاد والعباد، وقيَّدنا داخل أنفسنا، قلقين خائفين أن يصل إلينا بعد أن أصاب الملايين،  ووقف الجميع أمامه حائرين،   فى الساعات الأولى من العام الجديد 2021.. ابتهلنا إلى المولى، تبارك وتعالى، أن يجعله عام الغوث ورفع الوباء والبلاء، وأن تنعم مصرنا الحبيبة بالأمن والأمان والنماء والتنمية.. تنفَّسنا الصعداء برحيل عام 2020 الملقب بعام كورونا الكبيس، غير مأسوفٍ عليه؛ لأنه كان من أصعب الأعوام التى عاشتها البشريَّة على مدى تاريخها القديم والحديث، وتمنَّينا أن نكسر وراءه «قلة»، وربما «زير»، ونحن نُودِّعه إلى مثواه الأخير .. عامٌ وقف خلاله العالم على أطراف أصابعه، بسبب فيروس صغيرٍ  أجبر  الجميع على التزام منازلهم وحبسهم أيامًا وشهورًا؛ ليشاهدون كيف يحصد أرواح ما يقرب من مليونى شخصٍ،  ويُصيب أكثر من 80 مليونًا.. عامٌ كامل راح خلاله الفيروس يعيث فى أنحاء الدنيا فسادًا، منذ انطلاقه من مقاطعة «ووهان  الصينية»، حتى طرق باب كل بيتٍ فى مختلف أنحاء العالم، فأصاب وقتل، وأغلق منشآت تجاريَّة وسياحيَّة، وهزم اقتصاديات أعتى الدول بالضربة القاضية، وأجبر الملايين على البقاء داخل بيوتهم..

لم يتوقَّف جبروت كورونا عند الخسائر البشريَّة المُؤلمة فقط، بل امتدَّت إلى الخسائر لتُصبح أيضًا اقتصاديَّة واجتماعيَّة وسياسيَّة، وفقد الملايين حول العالم وظائفهم.. واجه كل سكان العالم أزمةً طاحنةً لا تُقارَن بأية أزماتٍ سابقةٍ، وتحمَّلوا معاناةً شديدةً؛ لاجتياز هذا العام الكبيس بكل ما تعنيه الكلمة.. عامٌ تحوَّلت خلاله صفحات التواصل الاجتماعى إلى سرادقات عزاء، قلنا فيه «عظَّم الله أجركم»، أكثر مما قلنا «ألف مبروك».. عامٌ أدرك فيه الجميع قيمة العلم والعلماء، وفائدتهم للبشريَّة جمعاء، حين تقدَّموا الصفوفَ، وحبسوا أنفسهم داخل المعامل والمختبرات؛ لتخليق لقاحات تُنقذ البشريَّة، وتقينا شر عاصفة كورونا..

لم نكن فى مصر بعيدين عن الوباء، فقد زارنا  الفيروس كما زار غيرنا من الدول، لكن الله كان رحيمًا بنا، كما أن القرارات التى اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وطبَّقتها الحكومة، والتى تمثَّلت فى إغلاق المدارس والمولات ودور العبادة، وتخفيض أعداد الموظفين إلى النصف، كانت لها أكبر الأثر فى منع انتشار الفيروس الانتشار الذى رأيناه فى أكثر بلاد العالم تقدُّمًا مثل أوروبا وأمريكا.. ولأن كل «مِحْنة» تحمل فى ثناياها «منحة»، أتمنى أن يتكاتف المصريون فى مواجهة هذا الفيروس اللعين، وأن يُطبَّقوا الإجراءات الاحترازيَّة حتى يحاصروه ونتخلَّص منه مع ظهور الأمصال واللقاحات التى نأمل أن تُنقذ البشريَّة منه..

الموجة الأكثر انتشارًا

 رغم أن الوضع خطيرٌ، ورغم أننا نرى بأم أعيننا أن كورونا يقتل ويُصيب الكثيرين من حولنا، ويقترب كثيرًا منَّا، فإن أغلبنا لا يُبالى بذلك، ولا يتَّخذ أبسط الإجراءات الاحترازيَّة؛ لإنقاذ نفسه وأبنائه، رافعًا شعار «خليها على الله»، وربما يحمل مثل هؤلاء الفيروس ويقدمونه هديةً مجانيةً لأعز ما يملكون، ثم يندمون وقت لا ينفع الندم،

وقد قرأتُ مقالًا  للأستاذ الدكتور يسرى عقل، أستاذ الأمراض الصدريَّة فى «قصر العينى»، يُحذِّرنا فيه من خطورة الموجة الحاليَّة من كورونا، وذلك من واقع عمله فى علاج المرضى بمستشفى عزل قصر العينى،  والتى وصفها بأنها «حجم عائلى»، شديدة الانتشار وشديدة العدوى، وغالبًا تُؤثِّر على كل أفراد البيت وكل الأعمار..

قال إن الرئة تتأثَّر  فى أحيانٍ كثيرةٍ منذ اليوم الأول حتى فى الشباب ولدى أطفال من عمر ست أشهرٍ،  وإن حالات الجهاز الهضمى بدأت تقل، وازدادت حالات الرئة، وهى الأخطر،

فالحالات متوسطة الشدة والشديدة أخذت فى الازدياد، وأوضح أننا نمرُّ بشتاءٍ شديد القسوة، وشدد الدكتور يسرى على ضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازيَّة للنجاة من كورونا، خاصةً ارتداء الكمامة والتباعد وغسل الأيدى والابتعاد عن الأماكن المغلقة قدر الأمكان، ومن الممكن أن نتحكَّم فى درجة الانتشار من خلال الإجراءات الاحترازيَّة.

كما حذَّر  الدكتور محمد خالد، مدير العناية المركزة بمستشفى حميات الإسماعيليَّة من ظواهر ومستجدات ترتبط بالموجة الثانية للفيروس، من واقع معايشته اليوميَّة للإصابات، وقال دكتور خالد إن «أغلب أعراض كورونا فى الموجة الثانية أصبحت ترتبط بشكلٍ أكبر بالجهاز الهضمى، وتتمثَّل فى المغص والإسهال الشديد والقئ، مع فقدان حاسة الشم والتذوُّق، إلى جانب استمرار وجود الحالات المصحوبة بأعراضٍ تنفسيَّةٍ شديدةٍ، مثل السعال الجاف، فضلاً عن الحمَّى..

اللهم اجعل عام 2021 عام الغوث ورفع الوباء والبلاء، وأن يُحقق كلٌّ منَّا ما يتمناه، وأن تنعم مصرنا الحبيبة بالأمن والأمان والتنمية والاستقرار والازدهار.

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة