كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

مأساة إنسانية!

كرم جبر

الإثنين، 04 يناير 2021 - 08:05 م

صورة الشاب المعاق مصطفى محمد من إحدى قرى أبو كبير شرقية، وهو معلق من ظهره على الحائط، ووجه مليء بالخوف والدموع، وبجواره نجار المسلح الذى قام بتعليقه، يضحك ويبتسم.. مأساة إنسانية.

أولاً: لأن مشهد التنمر بالمعاقين والأسوياء، وترويعهم وإخافتهم وبث الذعر فيهم، يتكرر أكثر من مرة، وكان الفاعل فى المرات السابقة الكلاب المتوحشة التى تهاجم ضحيتها فى شراسة بالغة.

ثانياً: لأن الجانى فى الغالب إما فتوة أو بلطجى أو مريض نفسى أو ارتكب فعلته للهزار، فى كل الأحوال نحن أمام عمل إجرامى مكتمل الأركان، ويستوجب قبضة قانونية حديدية دون رحمة.

ثالثاً: فيس بوك كان سبب كشف تلك الجرائم، وحشد الرأى العام للتصدى لها واستنكارها، وكم من حوادث مشابهة تقع كل يوم بعيدة عن كاميرا الموبايل ولا ندرى عنها شيئاً.

رابعاً: تحرك أجهزة الأمن بسرعة لضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، وهو جهد مشكور يساعد فى الردع العام ليعرف كل جانى أنه لن يفلت من العقاب ويلقى أشد جزاء.

خامساً: التخلص التدريجى من حالة اللامبالاة التى أصابت الناس فى السنوات الأخيرة، فبدأ بعضهم يتحرك بدافع النخوة أو العطف، ولكن لم تصل بعد لحالة استنفار الشهامة.

السؤال هنا: ما المتعة التى يجدها الجانى إذا أفزع مسكيناً بكلب متوحش، أو ألقى بعجوز فى الترعة، أو ربط شاباً فى نخلة؟

ليسوا مرضى نفسيين أو يعانون من عقدة الاضطهاد، ولكنهم مجرمون مع سبق الإصرار والترصد، ويستعرضون فنون البلطجة لترويع الآمنين، وفى مخيلتهم أنهم سيفلتون من العقاب، فأصبحت هذه الوسائل سبة فى جبينهم.

ويتصور بلطجية التنمر الشرس أن فى مقدورهم بث الرعب والخوف فى نفوس الناس، خصوصاً فى بعض القرى والأرياف، فيصبح البلطجى صاحب نفوذ، ويخشى الجميع سطوته والاقتراب منه.

والصورة تختلف تماماً بعد إلقاء القبض على المتهمين، وظهورهم كالفئران المذعورة فى أيدي الشرطة وأمام النيابة وفى قفص الاتهام، بعضهم ينهار أو يذرف الدموع، وينكر فعلته الشنعاء، أو يبرز ذلك بأنه لم يقصد أو على سبيل الهزار.

وصارت البلطجة بالكلاب ظاهرة أخرى تحتاج إلى تشريع حاكم، قبل أن تقع جريمة جديدة فنصرخ ونطالب بأشد العقاب، والكلاب المتوحشة ليست حكراً على فتوات الشوارع، ولكنها أيضاً موضة الأغنياء والأثرياء وسكان المدن الجديدة.

من حق كل إنسان أن يقتنى كلباً للحراسة أو للهواية، ولكن بعد اتخاذ الإجراءات الاحترازية الكاملة التى تمنع إيذاء الآخرين، ومع كل الاحترام والتقدير لنظريات الرفق بالحيوان، فبجانبها يجب تفعيل إجراءات الرفق بالإنسان.

صورة المعاق المعلق من ضهره على حائط أسمنتي ضربت الرقم القياسى فى إيذاء المشاعر، وهى جريمة إنسانية من الطراز الأول.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة