الإثنين، 04 يناير 2021 - 11:11 م

بقلم/ محمود الورداني

أسعدنى زمانى ولحقتُ بعم سليمان فياض، وتشرّفت بصداقته ردحا من الزمان، وكنتُ من بين من طلب منهم مجموعات قصصية، عندما تولى مسئولية مختارات فصول التى كان لها حضور ودوى خلال تسعينيات القرن الماضي. أسعدنى زمانى حقا بالجلوس إليه والصعلكة معه وتبادل النميمة فى المقاهى والمشارب والتجمعات المختلفة. ومن حُسن حظى أننى عملت بعد تسريحى من الجيش- بعد الحرب عام 1975 ذ أخصائيا اجتماعيا فى مدرسة إعدادية مكانها خلف منزله بالمنيل، وكان ابنه الدكتور باسم فياص الآن تلميذا بالمدرسة المذكورة.

أعرف‭ ‬قدر‭ ‬عم‭ ‬سليمان‭ ‬ودوره‭ ‬كواحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬كتاب‭ ‬القصة‭ ‬الذين‭ ‬عبرت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬حرفيا‭ ‬الموجات‭ ‬الأولى‭ ‬لجيل‭ ‬الستينيات

أعرف قدر عم سليمان ودوره كواحد من أهم كتاب القصة الذين عبرت من خلاله حرفيا الموجات الأولى لجيل الستينيات، بل كان القنطرة الأهم التى اندفع من خلالها كتاب قصة الستينيات. وإذا كان إدوار الخراط عالما وحده أسبق من فياض، فإن هناك كتابا آخرين غفل عنهم التاريخ الأدبى، كانوا رفاقا ومجايلين لفياض مثل أبو المعاطى أبو النجا ومحفوظ عبد الرحمن وفاروق خورشيد وعباس أحمد .. وغيرهم وغيرهم ممن يحتاجون صحوة من الضمير الأدبي.

وتستحق دار ميريت تحية خاصة لتصديها، فى ذكرى ميلاده التسعين،(7/2 /1929، 26 / 2 /2015)  بالتعاون مع د. باسم فياض ابن الكاتب لإعادة طبع ستة أعمال دفعة واحدة من أعماله، وهو مايشكل حدثا أدبيا كبيرا، ويظل يشكل حدثا حتى بعد مرور سنة على إصدارها. الأعمال هي: مجموعة من رواياته القصيرة مثل: "القرين، الشرنقة، الهجانة، لاأحد، الطائف مدينة جميلة". ومجموعة من قصصه القصيرة المكتوبة بين 1961 : 1992. وسيرته الذاتية الفاتنة يوميات مجاور. والوجه الآخر للخلافة الإسلامية، الذى صدرت له من قبل عدة طبعات، ويتميز بدراية صاحبه الواسعة بالتاريخ الإسلامى بسبب دراسته فى الأزهر منذ الطفولة وحتى حصوله على الشهادة الجامعية من كلية اللغة العربية. ومختارات من قصصه الطويلة، وكتابه الأكثر شهرة وتأثيرا اكتاب النميمة.

وحتى يتعرّف القراء الجدد من الشباب على الدور الضخم حقا الذى قام به سليمان فياض، أشير إلى سلسلة من الأعمال اللغوية التى عكف على إصدارها خلال فترات مختلفة، مثل: الدليل اللغوى، والأفعال الثلاثية، والمهارات الكتابية، كما أصدرت له الأهرام مجموعة كبيرة من سلسلة علماء العرب للنشء التى طبعت عدة طبعات.

كان عم سليمان إذن ارجل شغّيلب، وبدلا من أن يستجيب لرجاء أحد أقربائه الذين يشغلون منصبا رفيعا بوزارة الأوقاف ليعمل واعظا بمسجد السيدة زينب، ويحصل على أموال لاحصر لها، من بينها نصيبه من صندوق النذور، أصرّ على أن يشتغل كاتبا، بل وبدأ من تحت السلم كمحرر مكتب بمجلة البوليس التى كان يرأس تحريرها الراحل سعد الدين وهبة فى أواخر الخمسينيات.

اشتغل العم سليمان بالتدريس، وسافر لعام أو اثنين لبلاد النفط مدرسا، ثم عاد ليعمل فى عدد من الصحف والمجلات مثل: الجمهورية وغيرها، أما مالا يعرفه الكثيرون فهو عمله ككاتب إذاعى للبرامج والدراما، بل ويُعد أحد أعمدة الدراما الإذاعية فى ذروة ازدهار الإذاعة ومجدها وانفرادها بالمساحة التى يشغلها التليفزيون بقنواته المختلفة الآن، ولم يقتصر دوره وتأثيره على الإذاعة المصرية وحدها، بل كان أحد النجوم فى تأليف التمثيليات العربية، فى وقت الرواج الذى سمح بإنشاء شركات إنتاج قاهرية مزودة باستديوهات تعبئ أشرطة مكتظة بمسلسلات تحقق أرباحا طائلة.

 سأتوقف عند جداريته الشاهقة اكتاب النميمةب الذى أعتبره محضر أحوال نادر لأكثر من جيل، سأفعل هذا إذا امتد الأجل فى الأسابيع القادمة..