كتب عجائز البلدة
كتب عجائز البلدة


عجائز البلدة: صرخة فى وجه محو الذاكرة

أخبار الأدب

الثلاثاء، 05 يناير 2021 - 12:27 ص

 

بقلم/ صبحى موسى

شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثون‭ ‬الأخيرة‭ ‬تطورا‭ ‬مذهلا‭ ‬فى‭ ‬التقنيات‭ ‬المستخدمة‭ ‬فى‭ ‬الريف‭ ‬المصري‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬حيث‭ ‬اختفى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬والأدوات‭ ‬التى‭ ‬ربما‭ ‬يعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬العصر‭ ‬الفرعونى‭ ‬القديم،‭ ‬وظلت‭ ‬مستخدمة‭ ‬حتى‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة،‭ ‬لكنها‭ ‬اختفت‭ ‬بظهور‭ ‬أدوات‭ ‬أحدث‭ ‬أو‭ ‬توقف‭ ‬المهنة‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬وجودها،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬رصده‭ ‬الكاتب‭ ‬الروائى‭ ‬والباحث‭ ‬فى‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬السياسى‭ ‬د‭. ‬عمار‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬فى‭ ‬عمله‭ ‬الأخير‭ ‬‮«‬عجائز‭ ‬القرية‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬مؤخرا‭ ‬عن‭ ‬الدار‭ ‬المصرية‭ ‬اللبنانية‭.‬

توقف‭ ‬الكاتب‭ ‬أمام‭ ‬65‭ ‬آلة‭ ‬أو‭ ‬أداة‭ ‬كانت‭ ‬تستخدم‭ ‬فى‭ ‬الريف‭ ‬المصرى،‭ ‬لكنها‭ ‬نظرا‭ ‬لتطورات‭ ‬التى‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري‭ ‬ككل‭ ‬فقد‭ ‬توقف‭ ‬الجميع‭ ‬عن‭ ‬استخدامها،‭ ‬وإن‭ ‬بقيت‭ ‬فى‭ ‬البيوت‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬الزمن‭ ‬القديم‭ ‬التى‭ ‬تثير‭ ‬دهشة‭ ‬السؤال‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬والغرباء‭ ‬كى‭ ‬يعرفوا،‭ ‬فيجلس‭ ‬الآباء‭ ‬والعجائز‭ ‬ليحكوا‭ ‬لهم‭ ‬عن‭ ‬الزمن‭ ‬الذى‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬عصب‭ ‬الحياة‭ ‬وصاحبة‭ ‬البطولة‭ ‬فيها،‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬االحصير‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يصنع‭ ‬من‭ ‬سمر‭ ‬االدبسب‭ ‬أو‭ ‬االحلفاب‭ ‬التى‭ ‬تنبت‭ ‬على‭ ‬حواف‭ ‬الترع،‭ ‬وهو‭ ‬الذى‭ ‬اختفى‭ ‬بظهور‭ ‬مصانع‭ ‬الحصير‭ ‬البلاستيك،‭ ‬ومصانع‭ ‬السجاد‭ ‬التى‭ ‬غزت‭ ‬بمنتجاتها‭ ‬بيوت‭ ‬الريف،‭ ‬واالنورجب‭ ‬الذى‭ ‬ظل‭ ‬صاحب‭ ‬البطولة‭ ‬فى‭ ‬أجران‭ ‬القمح،‭ ‬حيث‭ ‬يجلس‭ ‬الفلاح‭ ‬على‭ ‬دكة‭ ‬خشبية‭ ‬ثقيلة‭ ‬يجرها‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬الثيران‭ ‬فى‭ ‬عز‭ ‬شمس‭ ‬الصيف،‭ ‬وهى‭ ‬تدور‭ ‬بعجلتين‭ ‬كبيرتين‭ ‬من‭ ‬الحديد‭ ‬على‭ ‬الرمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬فى‭ ‬الجرن،‭ ‬فتحيلها‭ ‬إلى‭ ‬عصف‭ ‬مأكول،‭ ‬بينما‭ ‬فلاح‭ ‬آخر‭ ‬يرفع‭ ‬ذلك‭ ‬العصف‭ ‬ابمذراةب‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬الريح‭ ‬كى‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬القمح‭ ‬والتبن،‭ ‬واالمذراةب‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬أداة‭ ‬توقفت‭ ‬الحياة‭ ‬عن‭ ‬استخدامها‭ ‬بعدما‭ ‬ظهرت‭ ‬ماكينات‭ ‬عملاقة‭ ‬تقوم‭ ‬بدرس‭ ‬القمح،‭ ‬وفصل‭ ‬اتبنهب‭ ‬عن‭ ‬حبوبه‭ ‬فى‭ ‬حركة‭ ‬واحدة،‭ ‬وهناك‭ ‬االزيرب‭ ‬الذى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬بيت‭ ‬ريفى‭ ‬يخلو‭ ‬منه،‭ ‬وهو‭ ‬إناء‭ ‬عظيم‭ ‬من‭ ‬فخار‭ ‬يوضع‭ ‬به‭ ‬الماء،‭ ‬فيضربه‭ ‬النسيم‭ ‬العليل‭ ‬فيجعله‭ ‬رطبا‭ ‬منعشاً‭ ‬فى‭ ‬حر‭ ‬الصيف،‭ ‬لكنه‭ ‬اختفى‭ ‬بغزو‭ ‬الثلاجات‭ ‬للبيوت،‭ ‬وهناك‭ ‬االمحراثب‭ ‬الذى‭ ‬اختفى‭ ‬بظهور‭ ‬جرارات‭ ‬الحرث‭ ‬العملاقة‭ ‬التى‭ ‬ملأت‭ ‬الحقول،‭ ‬ووفرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الكدح‭ ‬والكد‭ ‬التى‭ ‬عاشها‭ ‬الفلاح‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭.‬

لا‭ ‬يقدم‭ ‬عمار‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬أدواته‭ ‬هنا‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الأسى‭ ‬لاختفائها‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الفرح‭ ‬به،‭ ‬ولكنها‭ ‬يرصدها‭ ‬كصرخة‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬الذاكرة‭ ‬التى‭ ‬باتت‭ ‬تفتقدها،‭ ‬معتمدا‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حكايات‭ ‬ورثها‭ ‬عن‭ ‬الأهل‭ ‬والأجداد،‭ ‬وربما‭ ‬شهد‭ ‬جانبا‭ ‬منها‭ ‬بنفسه،‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬نعتبر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬لبعضها‭ ‬أن‭ ‬يختفى،‭ ‬لأنه‭ ‬مثل‭ ‬شقاء‭ ‬عظيماً‭ ‬للعاملين‭ ‬به،‭ ‬كـآلة‭ ‬االشادوفب‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تسقى‭ ‬بها‭ ‬الحقول،‭ ‬فتنقل‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬الترع‭ ‬إلى‭ ‬المساقى‭ ‬عبر‭ ‬حركة‭ ‬آلية‭ ‬من‭ ‬أذرع‭ ‬الرجال‭ ‬وظهورهم،‭ ‬بينما‭ ‬مثلت‭ ‬آلات‭ ‬أخرى‭ ‬لحظات‭ ‬رومانسية‭ ‬لا‭ ‬تنسى،‭ ‬لحظات‭ ‬صنعتها‭ ‬السينما‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬أفلامها‭ ‬الخالدة،‭ ‬كمشهد‭ ‬الساقية‭ ‬الذى‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬سعاد‭ ‬حسنى‭ ‬ومحرم‭ ‬فؤاد‭ ‬فى‭ ‬فيلم‭ ‬احسن‭ ‬ونعيمة،‭ ‬أو‭ ‬مشهد‭ ‬سقوط‭ ‬البقرة‭ ‬فى‭ ‬بئر‭ ‬الساقية‭ ‬كما‭ ‬فى‭ ‬فيلم‭ ‬االأرضب‭ ‬ليوسف‭ ‬شاهين،‭ ‬وهناك‭ ‬آلات‭ ‬اختفت‭ ‬بحكم‭ ‬التطور‭ ‬الطبيعى‭ ‬مثل‭ ‬االكانونب‭ ‬الذى‭ ‬حل‭ ‬محله‭ ‬البوتاجاز،‭ ‬واالخص‭"‬الذى‭ ‬كان‭ ‬بناء‭ ‬من‭ ‬غاب‭ ‬أو‭ ‬أعواد‭ ‬ذرة‭ ‬قديمة،‭ ‬وحلت‭ ‬محله‭ ‬أبنية‭ ‬الحديد‭ ‬والأسمنت،‭ ‬واالماجورب‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬العجانة‭ ‬الكبيرة‭ ‬لأى‭ ‬بيت‭ ‬ريفي،‭ ‬والذى‭ ‬انتهى‭ ‬دوره‭ ‬بغزو‭ ‬الأفران‭ ‬الآلية‭ ‬للقرى،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬اختفى‭ ‬االفرن‭ ‬البلدىب‭ ‬نفسه‭ ‬باختفاء‭ ‬أعواد‭ ‬الحطب‭ ‬القديم،‭ ‬كما‭ ‬اختفت‭ ‬االطاقيةب‭ ‬الصوف‭ ‬بتحول‭ ‬الريفيين‭ ‬إلى‭ ‬عمال‭ ‬فى‭ ‬المدينة،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬أدوات‭ ‬مازالت‭ ‬تعاند‭ ‬الزمن،‭ ‬مثل‭ ‬االطبليةب‭ ‬تلك‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬بطلا‭ ‬لمشهد‭ ‬الطعام‭ ‬والمذاكرة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬بيت،‭ ‬لكنها‭ ‬تراجعت‭ ‬لصالح‭ ‬غرف‭ ‬االسفرةب‭ ‬التى‭ ‬أصبحت‭ ‬فرض‭ ‬عين‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬جهاز‭ ‬لعروس،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬مازالوا‭ ‬رغم‭ ‬امتلاكهم‭ ‬لمنضدة‭ ‬السفرة‭ ‬فى‭ ‬بيوتهم‭ ‬يحتفظون‭ ‬بالطبلية‭ ‬معها،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬بلاستيكي‭ ‬حديث‭ ‬أو‭ ‬خشبى‭ ‬قديم،‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬غالبية‭ ‬المصريين‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬شقق‭ ‬صغيرة،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يتقبلوا‭ ‬بعد‭ ‬فكرة‭ ‬غرفة‭ ‬كاملة‭ ‬للطعام‭ ‬فقط‭.‬

حرص‭ ‬عمار‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينسج‭ ‬لكل‭ ‬آلة‭ ‬حكاية‭ ‬وكأنه‭ ‬يخلق‭ ‬لها‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الحياة،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬يؤكد‭ ‬وجودها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬سمعه‭ ‬وما‭ ‬وعاه‭ ‬وما‭ ‬شارك‭ ‬فيه،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬ينس‭ ‬أنه‭ ‬أمام‭ ‬مقال‭ ‬وليس‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة،‭ ‬فالبطولة‭ ‬هى‭ ‬للمعلومة‭ ‬والوصف،‭ ‬وليس‭ ‬للدراما‭ ‬أوالحبكة‭ ‬الفنية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يصف‭ ‬الآلة‭ ‬وطريقة‭ ‬استخدامها،‭ ‬وأسباب‭ ‬انقراضها،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الكتاب‭ ‬فى‭ ‬مجمله‭ ‬هو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬الثرية‭ ‬والمهمة‭ ‬عن‭ ‬مفردات‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬الاجتماعى‭ ‬المصرى،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معنياً‭ ‬كثيرا‭ ‬بالبحث‭ ‬التاريخى‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الآلات‭ ‬ولا‭ ‬معرفة‭ ‬العصور‭ ‬التى‭ ‬بدأت‭ ‬بها،‭ ‬فآلة‭ ‬الرتينة‭ ‬التى‭ ‬توضع‭ ‬فى‭ ‬الكلوب‭ (‬وهو‭ ‬فى‭ ‬مجمله‭ ‬آلة‭ ‬صارت‭ ‬منقرضة‭)‬،‭ ‬لتضىء‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة،‭ ‬كانت‭ ‬أسبق‭ ‬فى‭ ‬وجودها‭ ‬من‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬الجاز‭ ‬أو‭ ‬السبرتو،‭ ‬حيث‭ ‬يتبخر‭ ‬على‭ ‬ثناياها‭ ‬الرقيقة‭ ‬فينتج‭ ‬ضوءاً‭ ‬أبيض‭ ‬مبهر‭ ‬كأضواء‭ ‬النيون،‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬المحلات‭ ‬قديما،‭ ‬وتاريخها‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬البحث،‭ ‬ففى‭ ‬اعتقادنا‭ ‬أنها‭ ‬أحد‭ ‬منتجات‭ ‬الحضارة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬عصورها‭ ‬المتأخرة‭.‬

لا‭ ‬نتفق‭ ‬مع‭ ‬دار‭ ‬النشر‭ ‬فى‭ ‬تصنيف‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬قصص‭ ‬عربية،‭ ‬لأنه‭ ‬كتابة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المقال‭ ‬والسرد،‭ ‬وهو‭ ‬أقرب‭ ‬للأولى‭ ‬منه‭ ‬للثانية،‭ ‬ويعضد‭ ‬فنون‭ ‬كتابة‭ ‬المقال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تعضيده‭ ‬لطرائق‭ ‬السرد‭ ‬القصصى،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬اشتمل‭ ‬على‭ ‬إطار‭ ‬فنى،‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬الحكايات‭ ‬الحقيقية،‭ ‬كتلك‭ ‬التى‭ ‬ساقها‭ ‬الكاتب‭ ‬عن‭ ‬االعصيدة،‭ ‬وهى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الأكلات‭ ‬الريفية‭ ‬البسيطة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬جهدا‭ ‬فى‭ ‬تحضيرها،‭ ‬وحين‭ ‬أعدته‭ ‬سيدة‭ ‬ريفية‭ ‬لأبنائها‭ ‬ووضعتها‭ ‬على‭ ‬الطبلية‭ ‬سمعوا‭ ‬صراخاً،‭ ‬وعلموا‭ ‬أن‭ ‬أبناء‭ ‬عمومتهم‭ ‬يتشاجرون‭ ‬مع‭ ‬آخرين،‭ ‬فذهبوا‭ ‬جميعاً‭ ‬لنصرتهم،‭ ‬إلا‭ ‬واحدا‭ ‬تكاسل،‭ ‬ثم‭ ‬ضعف‭ ‬أم‭ ‬الرائحة‭ ‬ووطأة‭ ‬الجوع،‭ ‬فأكل‭ ‬الصينية‭ ‬كاملة،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬عاد‭ ‬اخوته‭ ‬من‭ ‬مناصرة‭ ‬أبناء‭ ‬عمومتهم‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬ما‭ ‬يأكلونه،‭ ‬فتشاجروا‭ ‬مع‭ ‬بعضهم،‭ ‬حتى‭ ‬ظن‭ ‬أبناء‭ ‬عمومتهم‭ ‬أن‭ ‬أعداءهم‭ ‬اشتبكوا‭ ‬معهم،‭ ‬فأتوا‭ ‬مسرعين‭ ‬لنصرتهم‭ ‬أيضاً‭. ‬فهذه‭ ‬الحكايات‭ ‬الطريقة‭ ‬تأتى‭ ‬لتعضيد‭ ‬الفكرة‭ ‬وتخفيف‭ ‬المعرفية‭ ‬التى‭ ‬فى‭ ‬النص‭.‬

تأتى‭ ‬أهمية‭ ‬الكتاب‭ ‬فى‭ ‬أنه‭ ‬يوثق‭ ‬مبدئياً‭ ‬هذه‭ ‬المفردات،‭ ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬مصريتها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬آخرون‭ ‬بتوثيقها‭ ‬لصالحهم‭ ‬فى‭ ‬التراث‭ ‬الشفاهي‭ ‬أو‭ ‬المادي،‭ ‬فقد‭ ‬تبدو‭ ‬اليوم‭ ‬عادية‭ ‬وبلا‭ ‬قيمة،‭ ‬لكنها‭ ‬فى‭ ‬الغد‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وقد‭ ‬يحدث‭ ‬صراع‭ ‬دولى‭ ‬حولها،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬الأراجوزب‭ ‬،‭ ‬الكشرىب،‭ ‬االفلافلب‭ ‬،‭ ‬وغيرها،‭ ‬فضلاً‭ ‬أنها‭ ‬تعد‭ ‬مداخل‭ ‬لإعادة‭ ‬قراءة‭ ‬تطور‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬والعربى،‭ ‬ورؤية‭ ‬الأسس‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬الريف‭ ‬المصرى‭ ‬يقوم‭ ‬عليها،‭ ‬وما‭ ‬الذى‭ ‬حدث‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تغيرات،‭ ‬وفى‭ ‬النهاية‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬وقوفا‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬محو‭ ‬الذاكرة‭ ‬المصرية‭ ‬أمام‭ ‬منتجات‭ ‬الحداثة،‭ ‬تلك‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الغرب‭ ‬وخده،‭ ‬فقد‭ ‬صارت‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬سواقا‭ ‬رائجة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تركى‭ ‬وصينى،‭ ‬وصرنا‭ ‬نستورد‭ ‬سجادة‭ ‬الصلاة‭ ‬وسبحة‭ ‬الأذكار‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭ ‬وكشمير‭. ‬

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة