إيهاب الحضري
إيهاب الحضري


البحث عن كائنات فضائية

إيهاب الحضري

الأحد، 10 يناير 2021 - 07:12 م

فى شبابى كانت السماء مثيرة لخيالاتي. أتطلع لها فى المساء، وتشغلنى تلك النقاط اللامعة، التى تمثّل نجوما مثل شمسنا. مثل كثيرين من أبناء جيلى اجتاحنى شغف اكتشاف كائنات فضائية، تُشاركنا العيش فى هذا الكون الفسيح، وأذكر أننى اشتركتُ عبر البريد فى جمعية أمريكية، تخصصتْ فى البحث عن سُكان الفضاء! قضيتُ الليالى أبحث عن مخلوقات أخرى، متأثرا بأفلام الخيال العلمى القليلة وقتها. حاولتُ شراء تليسكوب بدائى وفشلتُ، فاكتفيتُ بانتظار معجزة تقود أحد الفضائيين إليّ دون أن أبذل أى مجهود!

أتذكر ذلك باستمرار، كلما قرأتُ عن اكتشاف كوكب جديد. فى الأعوام القليلة الماضية اجتذبنى اكتشافان. الأول لكوكب يبعد عنا نحو 600 سنة ضوئية. والسنة الضوئية هى المسافة التى يقطعها الضوء كل عام، وتُقدّر بنحو 9،5 تريليون كيلومتر سنويا! أى أن مئات التريليونات من الكيلومترات تفصلنا عن هذا الكوكب.

تبلغ حرارة أحد جانبيه نحو 2400 درجة مئوية، وهو ما يعنى أن المعادن( ومنها الحديد) تتبخّر، مثلما يحدث مع المياه فى كوكبنا! ثم تنقل الرياح هذا البخار إلى الجانب الآخر من الكوكب، وهو مظلم دائما وشديد البرودة، ليتساقط على هيئة أمطار بالغة الغرابة، لأن قطراتها تتكون من كتل حديدية!

الاكتشاف الثانى كان لكوكب الجحيم! يبعد عنا بنحو 200 سنة ضوئية، وتتجاوز حرارة جانبه المضىء 2600 درجة مئوية، ويضم أيضا جزءا مظلما يعيش برودة دائمة. حجم الكوكب خمسة أضعاف الأرض، ويدور حول شمسه فى ثلث يوم فقط، بينما يستغرق كوكبنا عاما كاملا للدوران حول الشمس. وفى هذه الظروف الغريبة تتكون أمطار الكوكب من الصخور، وبحاره من الحمم البركانية التى يتجاوز عمقها 70 كيلومترا.

معلومات كفيلة بأن تُدمر كل أحلام العثور على كائنات حية فى الفضاء الخارجي، لكن لماذا نتوقع دائما أن مواصفات الكائنات المُفترضة لابد أن تتشابه مع طبيعة كوكبنا؟ ألا يمكن أن يكون الأوكسجين الذى يساعدنا على الحياة، مميتا لكائنات أخرى؟ عموما، افترض المتحمسون لفكرة اكتشاف جيراننا البعيدين، أن طباع الكائنات تختلف، وبدأوا منذ سنوات طويلة بعث رسائل قد تتلقاها أية حضارات أخرى. فى 1974، أطلق مرصد تابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، رسالة عبر موجات الراديو إلى مجموعة نجمية اسمها "م 13"، تضم نحو مليون شمس.

تقع هذه المجموعة على بُعد 24000 سنة ضوئية، مما يعنى أن وصول الرسالة يستغرق عشرات القرون! بعدها بثلاثة أعوام، انطلقت مركبة الفضاء فويادجر، فى رحلة بلا عودة إلى خارج مجموعتنا الشمسية، وحملتْ اسطوانات تضم صورا مرئية لمعالم الأرض، ومن بينها الهرم والنيل، ورسائل مكتوبة بلغات عديدة، وحروف متنوعة منها الهيروغليفية، وأصوات لبشر وحيوانات، وموسيقى وأغنيات من مختلف أنحاء كوكبنا، على أمل أن تقابل ممثلى أية حضارات أخرى، وفى 2013 كانت فويادجر قد غادرت مجموعتنا بالفعل، لتصبح أول مركبة فضاء تُحلق خارجها فى التاريخ، لكنها لم تصادف إلى الآن على ما يبدو من يتسلم رسائلها.

هل يُعتبر البحث عن فضائيين مجرد أحلام تأثرت بأفلام الخيال العلمي؟ علماء فضاء جادون أكدوا أن العثور على كائنات أخرى غير مستبعد، وتوقعوا أن يشهد المستقبل الكثير من المفاجآت، ربما تتجاوز كل ما تخيلّته أفلام هوليوود.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة