خالد محمود
خالد محمود


خالد محمود يكتب: عندما تنحاز هوليوود للبطل العربي في معركته ضد داعش

الأخبار

الأحد، 10 يناير 2021 - 07:51 م

- الفيلم يروى قصة حقيقية لأحداث 2017 ويعد أكثر الأعمال مصداقية عن واقع العراق الذى زيفته أفلام عديدة

يطرح فيلم «موصل» للمخرج ماثيو كارناهان، تساؤلا مهما : لماذا تنتج هوليوود الآن فيلما كبيرا بمواصفات عالمية عن قصة بطولة عربية، وممثلين عرب مع انحياز للصمود الخالص لابطالها ضد عدوهم دون اقحام اللمسة الامريكية فى لحظة الخلاص والانتصار؟ !.

واقع السينما الأمريكية التى عهدناها أنها تطرح الشخصيات العربية فى أفلامها كإرهابيين متوحشين أو ضحايا بائسين يهب لنجدتهم بطل غربى ابيض، بينما فى فيلمنا هنا اختلفت الرؤية والصورة مع ابطاله العراقيين، فهم يقاتلون بشجاعة وبسالة فى معاركهم ضد عدو بشع، ويتحلون بأخلاقيات راقية تجاه المواطنين والدفاع عن شعبهم ويرفضون مساعدة الأمريكيين لهم بغارات جوية على مواقع العدو، لكى يحولوا دون تدمير بلدهم وقتل مواطنيها، وهو ما تعمد الأخوان روسو «منتجا الفيلم» القيام به.

مشهد‭ ‬البداية‭ ‬سيبقى‭ ‬فى‭ ‬الذاكرة‭ ‬مؤثرًا‭ ‬وهو‭ ‬يخلد‭ ‬الخراب‭ ‬المروع‭ ‬الذى‭ ‬عاشته‭ ‬الموصل‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية

ماثيو كارناهان مع أحمد الغانم فى مواقع تصوير فيلم موصل

فيلم «موصل» المبنى على أحداث واقعية مقتبسة من مقال الصحفى للوك مايجلسون (المعركة اليائسة لتدمير داعش) الذى نُشر عام 2017 بمجلة نيويوركر.

يتناول فرقة مقاتلين عراقيين من قوات شرطة الرد السريع فى محافظة نينوى، تسمى «سوات»، تشارك فى تحرير الموصل من تنظيم داعش الارهابى، وهم الذين سطروا بطولات رائعة خلال معارك انقاذ وطنهم على مدار يوم بأكمله، حيث تتمرد الفرقة على أوامر القيادة المركزية، وتنطلق إلى داخل المدينة لتخوض معارك شوارع مروعة ضد عناصر داعش من أجل إنقاذ عائلات أفرادها من قبضتهم ومعظمهم لهم ثأر شخصى مع التنظيم، فهناك من قتل الإرهابيون أمه أو أبيه أو زوجته وأولاده وما إلى ذلك، وهذا الأمر كان يدفعهم إلى القتال بشراسة وشجاعة حتى وإن مرت بهم لحظات يأس.

الفيلم يمثل حقاً مدى تعقيد المشاعر لدى المواطن العراقى إزاء الغزو الأمريكى للعراق وبروز داعش فى أعقابه، والعراقيون الذين شعروا أنهم مهاجمون بسبب نظام لم يؤيدوه أصلا، عليهم أن يقاتلوا الآن من أجل استعادة بيوتهم من هذا الهراء الذى عمّ بعد ذلك الغزو. كانت لديهم مشاعر معقدة للغاية بشأن كل ذلك. ولهذا رفضوا تلك المساعدة.

الفيلم الذى يطرح القضية بواقعية وصدق منظورعرقى وأن جميع شخصياته عراقية، يجسدها ممثلون عرب يتحدثون بالعربية، وتحديداً باللهجة العراقية، أنتجه الاخوان أنتونى وجوزيف روسو، اللذان عرفا بتقديم أكثر الأفلام دخلاً فى تاريخ السينما، مثل المنتقمون: نهاية اللعبة، الذى حصد ما يقارب ثلاثة مليارات دولار فى شباك التذاكر.

فضلا عن إخراج أفلام مارفل أخرى كـ «المنتقمون: الحرب اللانهائية» و«كابتن أمريكا»، ونجحا فى طرح رؤية مغايرة وهى المحاولة فى تاريخ من يؤمنون بالليبرالية فى تناول صراعات دولية فى أفلامهم مثل جورج كلونى وبيتر بيرغ، حاولوا أن يقدموا طرحاً إيجابياً للعربى فى أفلامه لكنه فشلوا، لأنهم حولوا العربى من شرير إلى ضحية، ينجدها الأمريكى من محنتها، بدلاً من أن يقدموه كبطل.

مهمه هوليوودية مثيرة فى قلب مدينة الموصل

قدم الفيلم رؤيته من منظور مجموعة جنود عراقيين كأبطال يتحدثون لهجتهم دون التفريط فى مستوياته الفنية والتقنية العالية، وكم كان مشهد البداية الذى سيبقى فى الذاكرة مؤثرا، وهو يخلد الخراب المروع.

جاءت مشاهد الحركة والمغامرة والمؤثرات الخاصة التى ملأت العمل فى إيقاع مشوق وحبكة مثيرة لشد المشاهدين، وفق سيناريو ذكى كتبه ايضا المخرج ماثيو كارنهان، الذى يقدم اولى تجاربه الاخراجية، وتقوم شخصياته ببطولات لا تقل شجاعة وضراوة عن بطولات شخصيات أفلام المنتقمين ما يجعله وكأنه خيالى لكن فى الواقع يقدم قصة حقيقية،ناطقة بالعربية بصورة مؤثرة، وسرد مهم، لم يكن خادما لأجندة اخرى باستثناء تكريم الابطال وما حاربوا من اجله، وكأنهم اكثر الهاما من الأبطال الخياليين لأن ما مروا به حقيقي.

وقد بنى كارناهان حبكة فيلمه على ثلاث شخصيات أساسية محاطة بمجموعة من الشخصيات المساعدة، فى لغة بصرية قائمة على الغموض والتوقع، تتمثل فى تلك المهمة التى تخوضها الفرقة القتالية والتى تظل عنصرالتشويق الأساسى لجذب المشاهد، الذى لا يكتشف طبيعتها إلا فى نهاية الفيلم.

وهم الرائد جاسم قائد مجموعة التدخل السريع (الممثل العراقى سهيل دباج) والذى يبدو كأسد مغوار، ينقض على أعدائه ويحمى ذويه، ووليد (الممثل الأردنى إسحاق إلياس) أحد أعضاء المجموعة الذى تتعلق المهمة به، ثم كاوة صلاح الفيلى (الممثل التونسى أدم بيسا) الشرطى الكردى الشاب الذى يلتحق بالفريق القتالى من دون أن يعرف أى شيء عن المهمة وهو كما المشاهد الذى يتماهى معه، يكتشف طبيعة هذه المهمة تدريجيا وصولا إلى الذروة فى نهاية الفيلم.

كان الأداء بحق سلسا ومدهشا لدى الجميع وفى مقدمتهم سهيل دباج، وقارنته مجلة «ديدلاين هوليوود» بتوم هانكس.

بلا شك «موصل» عمل قوى وأكثر الأعمال مصداقية عن واقع العراق الذى زيفته افلام اخرى كثيرة وتم الاستعانة بالمخرج العراقى محمد الدراجى فى طاقم التنفيذ والذى أكد ان الفيلم قدم طرحا عراقيا اصيلا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة