الملك شيشنــق
الملك شيشنــق


تعرف على حكاية الملك« شيشنق» وخرافات التراث «الأمازيغي» 

شيرين الكردي

الثلاثاء، 12 يناير 2021 - 03:54 م

يحدث في مثل هذا اليوم، في الثاني عشر من يناير من كل عام يحتفل الأخوة الأمازيغ في الجزائر والمغرب ومختلف مناطق الشمال الأفريقى بما يسمى بـ رأس السنة الأمازيغية.

وكشف باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس، عن حكاية رأس السنة «الأمازيغية»، ويربط تراثهم هذا الاحتفال بشكل مثير للدهشة، بانتصار ملك أمازيغى يدعى شيشنق «وفقا لأساطيرهم» على الملك المصرى رمسيس الثالث، وهو الأمر الذي لا يمت بأدنى صلة للحقائق التاريخية والأدلة الأثرية بأي حال من الأحوال.

وأضاف عباس، فإن واجبنا الأول كباحثين فى علوم الآثار والتاريخ والحضارة، تجاه شعوبنا وأبناء أمتنا أن نرفع راية العلم فى مواجهة الجهل، وأن تكون رسالتنا هى إظهار الحقيقة ومقاومة الخرافة بعيداً عن أي انتماء أو أهواء، ولا نقصد أبداً التقليل من قيمة التراث الشعبى أو الإساءة لأي عرق أو فصيل دينى أو قومى من أبناء وطننا العربى الكبير من المحيط إلى الخليج، ولكن الإصلاح والتنوير هو غايتنا ولا شىء دون ذلك، فمن هو الملك «شيشنق» الذى جعلته خرافات التراث الأمازيغى ملكاً أمازيغيا غازيا لمصر وقاهرا للملك العظيم والشهير رمسيس الثالث ؟!

يعد شيشنق الأول ( 945 – 924 ق.م ) مؤسس الأسرة الثانية والعشرين فى تاريخ مصر القديمة أقوى وأهم ملوك هذه الأسرة، وكانت أصوله ليبية حيث كان أسلافه ضمن الأسرى الليبيين الذين أحضرهم الملك رمسيس الثالث إلى مصر بعد انتصاره التاريخى الكبير على القبائل الليبية فى معركتين كبرتين وقعتا فى العامين الخامس ( 1180 ق.م ) والحادى عشر ( 1174 ق.م ) من عهده على حدود مصر الغربية، وقد سجلت تفاصيل انتصار الملك رمسيس الثالث على القبائل الليبية بشكل مسهب من خلال نصوص ومناظر معبد مدينة هابو فى البر الغربى بمدينة طيبة المجيدة والتليدة، بعد هذا الانتصار جلب الملك رمسيس الثالث الالاف من الأسرى الليبيين إلى مصر، كما تشير نصوصه، للعمل في الخدمة العسكرية داخل الجيش المصرى أو للعمل فى المشروعات العمرانية للدولة المصرية، وبمرور الوقت تمصر هؤلاء الأسرى وأصبحوا ينتمون إلى مصر وثقافتها وحضارتها بل وازداد شأنهم خلال نهاية عهد الإمبراطورية المصرية وتولوا مناصب عسكرية رفيعة المستوى ، حتى استطاعوا الوصول إلى عرش مصر في النهاية عن طريق الملك الليبى الأصل شيشنق، ومن ثم فقد أطلق المؤرخون على هذه الأسرات الحاكمة في تاريخ مصر القديمة الأسرات الليبية لأن ملوكها كانوا من أصول ليبية. 

ورد ذكر شيشنق للمرة الأولى في نص طويل عثر عليه فى أبيدوس ، حيث كان الرئيس العظيم للمشوش وهو أسم أحد القبائل الليبية الكبرى، وقد مات أبوه نمرود فدفنه فى أبيدوس، ثم حدث أعتداء على قبره فذهب إلى الملك فى تانيس شاكيا ، فاهتم الملك بالأمر وسافر بنفسه إلى قبر أبيه وأمر بإرسال تمثالا باسم والد شيشنق يوضع فى معبد أوزير بأبيدوس، ومما لا شك فيه أن هذا الحدث يشير بوضوح إلى قوة بعض العائلات ذات الأصل الليبى ومحاذرة الملك وكبير الكهنة من إغضابهم ، كما يشير إلى أن هؤلاء الليبيين كانوا قد تمصروا تماما واعتنقوا ديانة المصريين، تزوج شيشنق الأول من ابنة الملك بسوسينس آخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين .

ويبدو مرجحا أن شيشنق لم يقم بثورة للاستيلاء على الحكم بل انتظر حتى وفاة أخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين واستولى على العرش فى تانيس، ومن ثم فقد قامت الأسرة الثانية والعشرين واتخذت من بوباسطة بشرق الدلتا عاصمة لها، أما مصر العليا فقد ترددت فى التسليم لسلطان الحاكم الجديد، ولكن بعد فترة من الوقت سلمت بالأمر الواقع، وقد حمل شيشنق الأول نفس الألقاب الملكية التى حملها الملك سمندس مؤسس الأسرة الحادية والعشرين وهى " جدح خبر رع ، ستب إن رع ، مرى آمون "، كما استخدم كذلك الألقاب " حور ونبتى وحور الذهبى ". 

عمل شيشنق الأول على تعيين بعض أفراد البيت الملك القديم وأنصارهم على رأس الإدارات فى كهانة آمـون بطيبة ، كما عمل الملك كذلك على الزواج من الأسرة الكهنوتية فى طيبة ، ثم ما لبث أن عين أحد أبنائه فى منصب كبير كهنة آمون رع فى الكرنك ، وكان هدفه من وراء ذلك الإشراف المباشر على هذه الوظيفة المهمة ، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أصبحت الوظائف الكهنوتية الرئيسية كذلك من نصيب الأمراء وأبناء الأسر النبيلة التى تنسب إلى المشوش ، وأدى هذا إلى ارتباط الكهانة بالملكية، وقام شيشنق الأول بتشييد العديد من المبانى ، كان معظمها فى الدلتا ، فأقام معبدا فى تانيس وشيد العديد من المبانى فى تل بسطة« بوباسطة" وتل «المسخوطة» ومنف والحيبة وغيرها ، غير أن أهم مبانيه كانت فى معبد الكرنك وتتمثل فى المدخل الذى أقامه ويؤدى إلى رحبة المعبد الرئيس وكذلك الصرح الأول وهو يعرف بالبوابة «البوباسطية» .

وفي عهد «شيشنق الأول» تطلعت السياسة الخارجية المصرية إلى فلسطين وما وراءها، وفتحت مصر أبوابها أمام الفارين من وجه سليمان(عليه السلام) ، وتذكر التوراة أن شيشنق ملك مصر صعد إلى أورشليم وأخذ خزائن بيت الملك وكل شىء، ويرجح بعض المؤرخين عام 931 ق.م تاريخا لهذه الحملة ، وفى الحقيقة أن هدف الحملة غامض تماما ، فربما كانت محاولة لأحياء الأمجاد المصرية القديمة أو هى كانت خطة لتدعيم مركز يربعام الجالس فى دويلة إسرائيل.

وعندما عاد شيشنق الأول منتصرا إلى مصر، سجل بالنقوش قصة انتصاره على الجدران الجنوبية الخارجية لبهو الأعمدة الكبير فى معبد الكرنك ، ويظهر فى منظر فوق رؤوس الأسرى ، الذين يمثلون أهالى مائة وست وخمسين مدينة فى فلسطين والتى تقع على الحدود الجنوبية لأرض يهوذا وشمال الجليل ، ومن بينها نجد أسماء عديدة معروفة فى الكتاب المقدس، من بين هذه الأسماء " حقل إبراهيم " الذى لم يتعرف عليه ولكنه يمثل أول ذكر تاريخى لسيدنا إبراهيم عليه السلام .

اقرأ ايضا ||السندريلا.. قصة أميرة حكمت مصر وأنقذها ملك الفراعنة

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة