شرق وغرب
الإثيوبية مازا مينجست: لغة الحرب دائما ذكورية
بعد صدور روايتها عن الغزو الإيطالى لبلدها
الثلاثاء، 12 يناير 2021 - 04:57 م
فى روايتها الثانية املك الظلب التى وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة امان بوكرب٢٠٢٠ ، تُعيد الكاتبة مازا مينجست رسم أجواء الغزو الإيطالى لإثيوبيا من خلال تسليط الضوء على دور النساء الإثيوبيات اللواتى لعبن دورًا بارزًا فى كسب الحرب، وكذلك تجربة الجنود الإيطاليين ودور الملك المنفى هيلا سيلاسى. ولدت مازا عام 1974 فى إثيوبيا، لكن عائلتها هاجرت وهى طفلة فى أعقاب الثورة الإثيوبية (أحداث تاريخية تناولتها فى روايتها الأولى اتحت أنظار الأسد المحدقةب)، وحاليا تقيم فى نيويورك وأجرت الحوار من جزيرة زنجبار.
>تبدو روايتك الأولى مستوحاة من تجربتك الشخصية، فيما تأتى روايتك الثانية بعيدة عن عالمك وتجربتك، هل شعرت بضرورة ذلك؟
>كانت روايتى الثانية بعيدة عن تجربتى حتى شرعت فى البحث من أجل هذا الكتاب، واكتشفت أنها تجربتى بطريقة ما. لم تكن أمى قد روت لى قصة جدتها وقتالها فى الصفوف الأمامية إلا حين عدت فى زيارة إلى إثيوبيا وزرت مواقع شهدت المعارك. كانت أمى تصحبنى فى رحلات عديدة أستغلها فى عملية البحث، وأخبرتها مرات عديدة عن العقبات التى أتعثر بها وكيف شعرت فى كثير من الأحيان أنى أقتفى أثر تلك النسوة فى الظلام، أتتبعهن وهن يتبخرن فى الهواء. من هنا علمت أن من بينهن جدة أمى. أتذكر وقتذاك، حين التفت إليها قائلة: لماذا لم تخبرينى عنها من قبل؟ لأنى قد عاصرتها قبل وفاتها، ثم نظرت إليّ وقالت: أنتِ لم تسألينى من قبل. شردت بذهنى، ايا إلهى، هذا ما يحدث فى الواقعب. فلغة الحرب دائما ذكورية، ونحن دومًا نتلقى التاريخ من جانب الرجال. وبالفعل هذا ما حدث مع جدتى الكبرى.
> هل كنتِ تفكرين فى كتابة سرد وقائعى عن النساء المقاتلات فى هذه الحرب الاستعمارية؟
>كنت مهتمة حقًا بالنظر والبحث فى دروب الحقيقة التى ربما لا يجد المؤرخون السبيل للحديث عنها، وذلك لنسقهم الذى يميل نحو البيانات من أجل الوصول لأدلة دامغة. لكن، بصفتى روائية، يمكننى القول إنه اذا عثرت على واحدة أو اثنتين أو ثلاث نساء، فمن الصعب أن أعثر على المزيد للقيام بالأمر.
>تعلمت اللغة الإيطالية من أجل هذا الكتاب، هل جعلك ذلك أقرب إلى الاطلاع على تجارب جنود الفاشية؟
>كنت أقوم بجولة أثناء كتابى الأول، وذهبت إلى كالابريا فى جنوب إيطاليا. علمت أن العديد من جنود المشاة كانوا من كالابريا وصقلية. كان الجنرالات من الشمال، بينما كان أهل الجنوب هم من سالت دماؤهم فى إثيوبيا. كنت فى مكتبة صغيرة لبيع الكتب تقع ببلدة صغيرة بإقليم كالابريا، وخلال جلسة المناقشات، وقف رجل وقال اأود أن أتحدث إليكِ عن عام 1935ب. وقتذاك، غمر الغرفة بأكملها حالة من التوتر، والترقب. لم تسقط إيطاليا القناع عن هذا التاريخ، ولا يزال من الصعب على الإيطاليين أن يدركوا ما فعلوه فى شرق أفريقيا. تذمر قلة من الناس وأمروه ليجلس، لكنه كان مرتعشًا ومنفعلًا. أخبرنى أن والده كان طيارًا أثناء الحرب، قال: والدى أسقط السم على قومك. كيف لى أن أطلب مغفرتك؟ وشرع فى البكاء. فى تلك اللحظة قلت لنفسى ايا إلهى، هذا التاريخ لم ينته، هذه الحرب تبدو من زمن بعيد لكنها ليست بعيدة. لا زلت أتساءل: كيف يمكننا أن نرأب الصدع بيننا؟ب
>اعتمدتِ على وصف الصور التى التقطتها إحدى الشخصيات كعنصر هام فى تطوير السرد، ما فكرتك عن هذا التكنيك؟
>لدى شغف كبير بما يقع فى المنطقة الرمادية بين ما نراه وما لم نستطع رؤيته فى الصور. عندما نرى صورة لسجين إثيوبى، فهل ما نراه هو السجين أم المصور الإيطالى الذى التقطها؟ هذه الصورة ليست معبرة عن إثيوبيا، وإنما عن القوة الاستعمارية الايطالية، والذكورية، والسلطة. فتنعكس مرة أخرى واضعة الإيطاليين فى هذا الإطار. وبالتالى فهى تعبر عن لغة العنف والقوة، لذلك، أردت أن أتخيل هذه الصور وكأنها شىء حى يتحرك. علاوة على ذلك، لقد أصبحنا مجتمعًا تهيمن عليه المرئيات من خلال الانستجرام ووسائل التواصل الاجتماعى ذ كم عدد الصور التى نلتقطها؟ نحن ننسى كيف ننظر إلى الكاميرا، فكل صورة ينتهى بها المطاف إلى الانستجرام تكون خالية من المعانى والتشابكات. هذه الصور بمثابة حكايات مبسطة لا تتوافق مع الحياة التى يسعى أصحابها إلى محاكاتها.
>ما الكتب الموجودة بجانب فراشك؟
> اسيدات القمرب لـ جوخه الحارثى، ادعوة إلى الإعدامب لـ فلاديمير نابوكوف. ولكن انتظر، سأذهب إلى فراشى وأخبرك ما هو هناك أيضا...وكتاب انفيو فيتجنشتاينب لـ توماس برنارد.
>ما آخر كتاب قيم قرأته؟
ا تريستاب لـ داسا درنديتش.
>كيف ترتبين كتبك؟
> قمت مؤخرا بإعادة ترتيبها؛ روائى، واقعى، شعر، وهناك كتب عن الفن والتصوير ولكن لم أرتبها أبجديًا. أما، بالنسبة لكتب البحث فهى فى مكان آخر. لذا، لدى عدد غير قليل من أرفف الكتب مرتبة حسب النوع، إلا أنى متأكدة من أنها غير صحيحة سياسيًا.
>ما آخر رواية كلاسيكية قرأتها؟
>يمكننى أن أخبرك بما سوف أقرأ. كنت أخطط لقراءة رواية العام الماضى، لكننى كرست وقتى لمراجعة روايتى. تلك الرواية هى اموبى ديكب. أتمنى لى التوفيق.
>أى نوع من القراء كنتِ أثناء طفولتك؟
>إذا رجعنا إلى مرحلة الطفولة، أتذكر أول كتاب قرأته االشجرة المعطاءةب لـ شيل سيلفرشتاين. ياله من كتاب عميق! تأثرت كثيرا بالأسلوب الذى يتناول من خلاله قيم الكرم والوعى والتعاطف. ثم اتجهت إلى الأدب الإغريقى، إلى هوميروس، ولن أنسى أبدًا اليوم الذى قرأت فيه الإلياذة وكيف كانت ملحمية مثيرة. بعد ذلك، كانت معلمة الصف الثانوى من جعلتنى أتحسس دروب الأدب الذى وسع عالمى. لا زلنا نتواصل حتى الآن، وبدونها ما كنت أكتب بمثل أسلوبى الآن
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة