أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

«نزيف» المبدعين!

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 12 يناير 2021 - 09:12 م

لم يكن رحيل الكاتب والسيناريست المبدع وحيد حامد، مجرد خسارة لمثقف أو مؤلف ساهم فى بناء الوعى المصري، وقدم أعمالا ستبقى خالدة، لكن الخسارة الأفدح هى أننا ندرك جميعا أن تلك الخسارة لن تُعوض، فمع كل رحيل لمبدع يبدو الأمل فى أن يحل محله آخر، لكن المشكلة تنفجر عندما يتعطل قانون التعويض نتيجة نقص الكفاءة، أو ضعف الفرص.

ولعل ميدان الكتابة و الإبداع بمختلف تنوعاته هو الأكثر معاناة من هذه المشكلة، وانظروا مثلا إلى من فقدناهم خلال العقود الماضية دون أن نجد من يحل مكانهم، أو يرتقى لمكانتهم. رحلت أم كلثوم، فلم نحظ بكوكب جديد للشرق، توفى نجيب محفوظ، فلم يظهر فى أفق الأدب عملاق بقيمته، مات محمد حسنين هيكل، فبقى مكانه شاغرا فى بلاط صاحبة الجلالة.

وينطبق الأمر على أسماء كبيرة فى مختلف مجالات صناعة قوة مصر الناعمة، وتأملوا معى غيابات بحجم وقيمة يوسف إدريس، أمل دنقل، عبد الحليم حافظ، شادية، يوسف وهبى، أمينة رزق، فؤاد المهندس، أحمد زكى، سعاد حسنى، سعد الدين وهبة، أسامة أنور عكاشة، وحيد حامد، أحمد شفيق كامل، عبد الفتاح مصطفى، محمد عبد الوهاب، بليغ حمدي، وغيرهم كثيرون ممن لا تسعفنى الذاكرة، ولا تتسع المساحة لسرد أسمائهم.

هل استطعنا أن نعوض تلك الأسماء، أو يأتى من يتفوق عليهم؟.. الإجابة بكل أسف وأسى هى "لا"، وهنا مكمن الخطر، وموضع النزيف فى جسد الإبداع المصرى وقوتنا الناعمة، وربما انتبهت الدولة منذ سنوات لمأزق نقص الكفاءات فى الحياة السياسية والجهاز الإدارى للدولة، فحشدت الموارد والطاقات لمنح نخب جديدة الفرصة لتسد فراغا فى جدار الكفاءة، لكن الشروخ والصدوع التى تهدد حصن الإبداع، وتحول دون حصول المبدعين الحقيقيين على فرص تبدو فى تقديرى أخطر وأشد ضررا.

نحن بحاجة إلى مشروع وطنى لدعم الإبداع المصرى فى كل المجالات، فصناعة الإبداع قضية أمن قومى، واستمرار نزيف قوتنا الناعمة لا يقل عن كل التحديات التى تحاصرنا.. فهل نتحرك قبل فوات الأوان؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة