رئيس مؤسسة الإسلام الفرنسى فى أول حوار لصحيفة مصرية
رئيس مؤسسة الإسلام الفرنسى فى أول حوار لصحيفة مصرية


«بن شيخ»: السيسى طالب فرنسا بالحرية المسئولة.. والإسلام لا يعيش أزمة

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 13 يناير 2021 - 03:43 ص

غالب الشيخ: أفكار سيد قطب وحسن البنا لم تأت بخير للمسلمين فى العالم
الإخوان والسلفيون كانا يسيطران على ضواحى فرنسا
العلمانية لا تعنى الكفر والإلحاد.. والقانون هنا يحترم الشريعة الإسلامية


حوار: محمد زيان


ما وضع المسلمين فى فرنسا فى ظل قانون محاربة الانعزالية أو تكريس قيم الجمهورية الذى يتجه البرلمان الفرنسى لإقراره قريباً؟، كيف ستكون الأوضاع؟، هل سينتقص هذا من حريتهم وممارسة شعائرهم وعباداتهم على التراب الفرنسي؟، وهل ينتقص هذا من حقوقهم مستقبلاً؟، ما سبب الأزمة؟، وكيف تنحل الاشتباكات؟
التقينا “غالب بن شيخ”، رئيس مؤسسة الإسلام الفرنسي، للوقوف على آخر المستجدات وحقيقة الوضع بالنسبة للإسلام والمسلمين فى فرنسا، وعلاقتهم بالمجتمع الفرنسي. طرحنا عليه أسئلة كثيرة حول الإرهاب والإخوان والجمهورية الفرنسية وماكرون، فجاء هذا الحوار: 


» ما هى مؤسسة الإسلام الفرنسي؟
>>  نحن مؤسسة علمانية فكرية ثقافية اجتماعية تعمل فى المجال التربوي، والتسمية توضح أننا مهتمون بالإسلام فى فرنسا. 
- هنا لنا طريقة معينة فى الحياة تجعل من المسلمين - سواء مقيمين أو مواطنين - يعيشون بشكل مختلف مثلاً عن السعودية ومصر، فنحن نتعامل مع القانون على أنه له الأولوية الأولى، حتى على الشريعة الإسلامية، والدستور هو الذى يحكم، لأن هنا احترام وفصل بين الدين والدولة لأنها دولة علمانية. هنا لا نسيس الدين، ولا نأسلم السياسة، على عكس بعض الدول الإسلامية، مثل تركيا الحالية.


» على ذكر تركيا، كيف استقبل كلام أردوغان عن الرئيس الفرنسى ماكرون؟ 
إن الأدب الدبلوماسى واحترام المركز لا يتيح لرئيس دولة أن يتكلم عن نظيره بوصفه أنه مختل عقليا، ولابد على الشعب الفرنسى أن يسرحه أو يعزله، ذلك لأن الدبلوماسية تبنى على أخلاقيات مهما كنا نختلف فى الرأي، النقطة الثانية أخشى أن يكون هناك توظيف لأغراض سياسية داخلية. 


» ماذا عن مطالبة الرئيس السيسى لفرنسا باحترام عقائد المسلمين ومشاعرهم خلال مؤتمر القمة الفرنسية المصرية بقصر الإليزيه؟
- هناك اصطدام وتضارب بين مبدأين، قضية احترام الحريات - بما فيها - حرية الضمير والفكر والمعتقد، واحترام قدسيات الأديان والمشاعر عند الآخرين، فإذا كان هناك اصطدام فى مجتمعك فإنه طبيعى أن نترك العدالة والقضاء هو الذى يحل الأمر، وفرنسا قانونها وضعى لا يجرم الرسوم، ومطلب الرئيس السيسى هو مطلب مسؤولية استخدام حرية التعبير، وأن يتحلى بأخلاقيات الأدب التى تجعله لا يمس مخاطبه، ويمكن أن تشترط فى تطبيق القانون أن يتحلى مخاطبك بسلوك نظيف، وعلى المسلمين أن يتعاملوا مع الأزمة بذكاء وفطنة وبرودة أعصاب حيث لديهم فرصة أن يبينوا للعالم كله أخلاقيات النبى الكريم الذى أوذى وتعرض للسب والضرب، لأن العمل العدائى والإرهابى والإجرامى قد يكرس لدى الآخرين أن العنف مرتبط بالإسلام.


» وهل أساء المسلمون الرد من وجهة نظرك؟
- كلما كانت الردود هيستيرية فهى تكرس صورة غير جيدة للإسلام والمسلمين، وعلى الذى يعتقد أنه يدين بدين الحق أن يكون سلوكه متزناً.

» ما موقفك من دعوات مقاطعة البضائع الفرنسية؟
- لا أؤيد هذه الدعوات كونى مسلماً، ولا أتمنى للاقتصاد الفرنسى أن ينهار. تركيا وباكستان أرادوا أن يقاطعوا البضائع الفرنسية، واستغربت عندما لم أرهم يطالبون بمقاطعة المنتجات الصينية ومسلمى “الإيجور” يعانون الأمرين، رغم أن وضع المسلمين فى فرنسا جيد، فهنا مثلاً يوجد 2627 مسجداً، وتقريباً كل أسبوع أو أسبوعين يدشن مسجد جديد.


» قلت إن القانون الفرنسى يعلى من شأن الشريعة الإسلامية، لكن هذا يصطدم مع من يريدون الشريعة أولاً؟
- على الأرض الفرنسية الأولوية للقانون الفرنسي، مع ذلك يمكن لليهودى أو المسلم أو المسيحى أن يعتقدوا فى أنفسهم أن القانون الإلهى يعلو ولكن لا يطبق ولا يؤخذ به!

» فى مصر مثلاً يوجد نص دستورى يعطى غير المسلمين الاحتكام لشرائعهم؟ هل يمكن أن يحدث هذا هنا؟ وهل تطالب به فى الدستور؟
- فى الدستور الحالى حرية التعبد والتعبير والتدين مكفولة، الدولة بها حياد فيما يخص القضايا الدينية مع كل الأديان، وفيما يخص القانون ليس فى القانون أو الدستور أو القانون الفرنسى مرجعية للأديان، ولا أطالب بأى مرجعية دينية لأنى اعتقد أن ما يسمى بالشريعة الدينية الإسلامية بناء فكرى لرجال يستمدون الأحكام من بعض الآيات، وبالتالى هى ناتج فكرى راجع للتفسيرات والاجتهادات ناتج عقلاني.
فى فرنسا نعيش فى مجتمع علمانى ثلاثة أرباع المواطنين لايهتم بالأمور الدينية، والربع الباقى من العائلة الابراهيمية اليهود والنصارى والمسلمين عليهم أن يتعايشوا فى إطار القانون الفرنسي، وأن يحتكموا للعدالة الفرنسية إذا رأو - أن حقوقهم قد مست.

 

» لكن الدولة الفرنسية تدخلت فى الحجاب ومنعته من المدارس؟
- الإجابة عن السؤال هى كان هناك غلو فيما يخص التشريع، وكان بالأحرى - لأن قضية التشريع تتعلق بمرحلتين - مرحلة أولى تتعلق بالفتيات التمهيدى والثانوى كان يكفى أن يعلن وزير التربية أن الدراسة داخل المدارس العمومية - وليس الخاصة - بدون اشهار الانتماء الديني، وفى فكرى منذ الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم حلت - بضم الحاء وفتح الميم - القضية من إندونيسيا الى السنغال، مرورا بكل الدول العربية، حلت تماما، ولم أر طالبة تمشى للمدرسة وهى محجبة، ورجوع الحجاب إلى القاهرة، الإسكندرية، دمشق، بغداد، كابول، والجزائر العاصمة، وجاكرتا، جاء لسببين، أولهما ثورة الخوميني، والمد المتشدد، والتقى التياران - هنا - فى الضواحى الفرنسية وكان الشباب هدفا من جانب بعض المتدينين والدعاة الذين تكلموا عن قضية الاحتشام وخلقوا مشاكل راجعة إلى كون أن الدراسة أصبحت مرهونة بالحجاب هنا، وأعتقد أن طلب العلم أهم من هذا بكثير.


» أنت تحاول لم شمل المسلمين بفرنسا، إلى أى مرحلة وصلت؟
- أولاً مهم جداً رد الاعتبار للمسلمين، وأن تكون كرامتهم محترمة ومصانة، وما نقوم به خاصة فى إطار الجامعة الشعبية من مدينة لمدينة وحى لحى وضاحية لضاحية وبكل صراحة يكون هناك نقاش، نعتقد أن هناك حاجة لمثل هذه النقاشات، لأن العنصر الإسلامى سبب مهم فى هذا والهدف هو أن  يكون المسلمون طرفاً فعالاً داخل المجتمع الفرنسي، ونحاول تحت كنف المؤسسة أن يكون المسلمون مواطنين يتحلون بكل حقوقهم ويفوزو بتكريس الحقوق الاساسية لهم. 


» هل الضواحى تمثل خطراً على فرنسا؟
- شريحة من المسلمين التى تسكن الضواحى انزوت وتقوقعت عن المجتمع الفرنسي.. هذه حقيقة، وأرى ضرورة إعادة واسترجاع هؤلاء بالاستماع والحديث إليهم وتكوينهم من الناحية التربوية الفعلية بالثقافة والتربية الفعلية.


» يقال إن تنظيم الإخوان سبق فرنسا إلى الضواحي، بماذا تعلق؟
- كان هناك عمل اجتماعى أدى الى الالتفاف حول فكرة أن هوية إسلامية لا تتماشى مع الهوية العلمانية للجمهورية الفرنسية، وهذا ما قاد إن استغلال بعض الأئمة لشباب الأحياء الذى لا يعرف دينه جيداً وتسويق هذه الأفكار لهم. 

 

» هل العلمانية تمثل خطراً على الإسلام فى فرنسا؟ 
- لا أعتقد أن العلمانية خطر على الإسلام فى فرنسا، العلمانية هى الحياد الدينى للدولة وليس معناها الإلحاد أو الكفر بالله، أى الدولة لاتعترف بأى دين على آخر، ولا تنحاز ولا تسييس الدين وهذا فائدة أفضل للمسلمين هنا،وأعتقد أنه فى مجتمعات ودول آخرى كذلك أحسن من أن يكون للدولة دين، وأفضل للمسلمين فى الدول الأخرى أن تكون الدولة مدنية، فأنا لم أر أن الدولة تصلى وتصوم ! 

 

» هناك مسلمون وعرب يعيشون هنا وينظرون لفرنسا على أنها دولة كفر ويريدون تطبيق الشريعة، كيف نفض هذا الاشتباك؟
- هم ينظرون من منظور إسلامى أنها مجتمع إباحى، و هذه حقيقة لهم الحق فى اعتقادها عندما يقارنونها على المجتمعات الإسلامية، لكن فى المقابل ليس من حقهم أن يفرضوا معتقداتهم ولا شريعتهم على الفرنسيين، ولا أحد أجبرهم أن يستمروا ويعيشوا فى فرنسا، لماذا لا يغادروا هذا البلد الذى يشعرون أنه لا يناسبهم؟ لماذا لا يرجعوا بلادهم؟ هناك فى بلادنا مثل ينطبق على هؤلاء : يقول :” يأكل فى الغلة.. ويسب فى الملة “، من فرض عليهم أن يبقوا فى المجتمع المنحل الكافر؟... منذ متى وتفرض الأقلية منهاجها وشرائعها وشريعتها على الأغلبية؟ 


» ما تعليقك على فضائح “طارق رمضان” حفيد حسن البنا؟ 
- أفرق بين موضوعين، الأول ما قام به الرجل والاتهامات الموجهة له وهى عمل فردى أخلاقى ننتظر ما تقوم به العدالة وما سوف تؤول إليه التحريات، ولا أريد أن أتدخل فى هذا لأنه كفرد له حق الدفاع والعدالة تكون لها كلمة من وكيل الجمهورية وهو لديه محامى دفاع، النقطة الثانية عمله الفكرى والسياسى ولم نسمع بتاتًا أنه تنصل مما قام به جده أو الإخوان المسلمين وهذه ترهات والمغامرات الفكرية والايدلوجية أن نعمل بالقرآن الكريم كقاعدة الدستور فى الدولة الحديثة، فمثل هذا التصرف وأيدلوجية سيد قطب وحسن البنا لم تأت بخير للمسلمين فى الدول العربية والاسلامية ولا حتى فى الدول الأوروبية.

 

» لماذا يهاجم اليمين الفرنسى الذبح على الشريعة الإسلامية؟ 
- هذا الهجوم جاء منبعه من مصدرين، الأول هناك من يريدون الحفاظ على سلامة الحيوان، وهو تيار فكرى يطالب بالرفق بالحيوان، و فيه غلو لحد عدم ذبح وقتل أو أكل اللحوم، المصدر الثانى راجع لكراهية هؤلاء لليهود والمسلمين، وكما أن هناك معاداة للسامية توجد أيضاً معاداة للإسلام والمسلمين، وهذا راجع لانتصار الفكر الأيديولوجى لليمين المتطرف، هم ينالون من المسلمين وينالون من الإسلام. 

 

» هل أنت مع حرية التعبير المطلقة؟
- نعم، ولا يحدها إلا القانون ومسؤولية الذى يمارس هذه الحرية - الأخلاقية - قبل كل شيء وتربيته وأخلاقه التى تجعل منه ألا يمس مشاعر أخيه المواطن والانسان وابن البشرية مثله، ولو طالبنا بوضع حد لحرية التعبير فلا نرى أين تنتهي، ونجد أنفسنا كما فى بعض الأنظمة يقبع بها الصحفيون فى غياهب السجون.

 

» البعض يعتبر غلق المساجد فى فرنسا استفزازاً لمشاعر المسلمين، هل توافق على الغلق؟
- لترجع الأمور الى نصابها، فى فرنسا 2623 مسجداً يقال إن 76 تحت الرقابة و18من الـ76 تحت الرقابة المشددة، وأغلق مسجد فى “بانتان”، وربما سيغلق مسجد آخر أو مسجدين، والأمور نسبية فيما يخص المساجد، وكل أسبوع أو أسبوعين يُفتح مسجد جديد، ومن جهة آخرى نحن فى دولة قانون، وفى إطار القانون لا تقفل المساجد لمدة لا نهاية لها، أى أن الغلق محدد الوقت ستة أشهر لأن حريات التدين والمعتقد مكفولة ومستحيل أن تقفل معابد دون أن تكون امكانية فتح آخر فى مدة من الوقت. 

 

» من يتحمل مسئولية الشباب الفرنسى الذين سافروا للقتال فى سوريا؟ 
- أعمل بمقولة الإنجيل الذى يقول “السعفة والخشبة” نرى السعفة التى فى عين الآخر ولا نرى الخشبة التى فى أعيننا، المسؤولية مشتركة لكنها أكثر من الخطاب الظلامى والذى تحدث عن الهوية الذى يحض على العنف ويدعوا ويضفى قداسة على الجهاد، أصبح الشباب فى مآس اجتماعية لجأوا لهذا الخطاب وذهبوا لسوريا لكن 15 ضعفاً يذهبون إلى الجيش الفرنسى يقاتلون بالساحل فى مالى وأفغانستان، أكثر من 30 ألفاً من المسلمين الذين ينخرطون فى الجيش الفرنسى للدفاع عن الوطن الفرنسى مقابل ألف ذهبوا لسوريا لتأدية فريضة الجهاد مثلما يقال!
المسئولية مشتركة لكن بشكل كبير تقع على العائلات المسلمة ومسؤولى المساجد، والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

اقرأ أيضا | بري لصحيفة لبنانية: تشكيل الحكومة فى طريق مسدود

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة