مراسيل
مراسيل


مراسيل.. السفيرة مش عزيزة

إسراء مختار

الأربعاء، 13 يناير 2021 - 05:06 م

قد تتشابه قصتي مع قصة "السفيرة عزيزة" التي جسدتها الجميلة سعاد حسني، ولكني لست سفيرة ولا عزيزة ولا حتى جميلة، أنا مجرد فتاة ريفية بسيطة، نشأت وعشت أغلب حياتي في نجع داخل قرية داخل مركز داخل بلدة صغيرة، تكاد لا تتواجد أصلا على الخريطة، لست على قدر كبير من الجمال، يخبرني المقربون لي دوما إنني قبيحة، وقد تعايشت طيلة حياتي مع هذا الوصف كجزء من تكويني.

كنت أتعرض للتنمر منذ طفولتي، يقسو عليٌ الجميع دون استثناء، أنا الطفلة الصغيرة في منزلنا، فتاة واحدة على أربعة أشقاء رجال، توفي والدي وأنا في المرحلة الإعدادية، ثم لحقت به أمي بعد عامين، كنت أرى نظرات الشفقة في أعين الجميع، فتاة مسكينة وقبيحة ويتيمة، لم يحاولوا إخفاء تلك العبارات عني أو ترديدها في غيابي، بل كنت أسمعها يوميا حتى من أقرب الناس لي، بعد وفاة أهلي لم أكن كبيرة بما يكفي لأطالب بحقوقي، فرغم فقر قريتنا لم نكن نحن فقراء، ترك لنا أبي ميراث لا بأس به، ولكني فتاة صغيرة، قرر أخوتي أن نصيبي من الميراث لن أحصل عليه سوى في جهازي.

تزوج أصغر أشقائي في شقتنا، وشاركتني زوجته كل شيء في شقة أبي، وكان منزلنا مكونا من أربعة طوابق، تزوج الأشقاء الثلاثة الكبار في ٣ شقق، وكان من المفترض أن يبني الرابع شقة ليتزوج فيها، لكن أشقائي أيضا تشاوروا وقرروا إنه لا يمكنني البقاء في المنزل وحدي، وأن الأفضل أن يتزوج أخي في شقتنا ليرعاني هو وزوجته، كما أنها سنوات قليلة وسأتزوج أنا أيضا وأترك لهم الشقة.

بعد فترة ودون مقدمات وجدت نفسي خادمة في منزل أهلي، أعيش فقط لخدمة أخي وزوجته، في البداية كانت الحجة أنها عروس جديدة، وبعد ذلك هي حامل ومريضة وأنت أولى بخدمتها، وبعد الإنجاب كان علي الاعتناء بها وبطفلها، ثم ما لبثت أن حملت مرة أخرى، وهكذا وجدت نفسي ثورا يدور في سواقي الآخرين، وإذا اشتكيت أو توقفت عن خدمتها تتأفف من وجودي في المنزل، معلنة تضررها وعدم حصولها على الخصوصية، وإنني أشاركها منزلها، وتطعمني وتسقيني وترعاني دون مقابل، رغم أن أحدا لا ينفق علي مليما، فأنا أحصل على شهرية من ميراثي وكذلك معاش والدي، ولكني لا أحصل عليه في يدي، يأخذه أخي مقابل الإنفاق علي.

دبت الخلافات بيني وبين زوجة أخي، لم أكن أشتكي في البداية، وظللت أتحملها سنوات طويلة، حتى فاض الكيل بي، واشتكيت لأخوتي الكبار من سوء معاملة زوجة أخي، وتركها كل مهام المنزل لي، وحتى رعاية أطفالها. جلس الكبار ليتباحثوا في مصيري من جديد، وقرروا أن زوجة أخي مظلومة، وإنني تأخرت في الزواج لأني قبيحة وهو ما تسبب في مشاركتي للمرأة في منزلها -الآن أصبح منزلي منزلها- واتفقوا على أن يأخذني كل منهم يوم أو يومين في الأسبوع، حتى تحصل زوجة أخي على متنفس وخصوصية، وازداد حالي سوءً، بعد أن كنت خادمة في منزل واحد لزوجة أخي، أصبحت خادمة متنقلة بين منازل أشقائي الأربعة، أتولى رعاية أبنائهم وخدمة زوجاتهم.

كنت أخرج يوما واحدا في كل أسبوع لزيارة أيا من صديقاتي والمذاكرة معهن، بمرور الوقت تزوجت جميع صديقاتي في البلدة، وتوقفن أيضا عن استقبالي في بيوتهن كي لا أحسدهم أو أحسد أبنائهم، كرهت الذهاب في أي مكان، أنزويت على نفسي، وحاولت الابتعاد عن الجميع، وعشت حياة حزينة في انتظار أي أمل يعيد لقلبي الفرح والابتسامة، ويعوضني قسوة حياتي.

منذ فترة أحضرت لي إحدى صديقاتي عريسا، لم أتردد في الموافقة، فهذه الزيجة هي طوق النجاة بالنسبة لي، وستخلصني من حياة البؤس والشقاء التي أعيشها، وأيا كانت الطريقة التي سيعاملني بها هذا الرجل لن تكون أشد قسوة مما أعانيه، التقيت العريس ووجدته شابا صالحا، ظننت أن الحياة تبسمت لي، وإنني لن أعاني مجددا، وبدأت أستعد للتخلص من السجن الذي أحيا فيه والانتقال لمنزل زوجي، لكني فوجئت بأشقائي يخبروني أن ميراثي قد أنفق بالكامل على تعليمي، تعليمي الحكومي الذي لم يكلفهم شيئا على الإطلاق، وأخبروني أن الشهرية المخصصة لي لا شأن لها بالميراث، وإنما هي مبالغ كانوا يجمعوها سويا لتغطية نفقاتي، والآن يريدون تجهيزي بمبلغ ضئيل جدا على سبيل الدين، على أن أرده لهم بعد زواجي، هل من العدل أن يأخذوا مالي ويجبروني على رد الدين إليهم، علما بأنه لا مصدر دخل لي سوى معاش أبي الضئيل، هل من العدل أن يمنوا علي بحقوقي وأتزوج وأنا مديونة لهم وإلا لن تتم الزيجة وأظل اخدمهم طوال حياتي!

الرد:

عزيزتي، لا شك أن أشقائك ارتكبوا واحدة من الكبائر وهي "أكل مال اليتيم"، فحقوقك ستظل دينا في رقابهم إلى يوم الدين، أما جهازك؛ فحتى إن لم يكن لك ميراث هم أولى الناس بتحمل جميع نفقاتك حتى تصلي بيت زوجك عروس هانئة وسعيدة، من المؤسف أن تشعري باليتم ولديك ٤ أشقاء رجال لا يفكرون إلا في أنفسهم، ولكن دعينا ننظر إلى نصف الكوب الممتلئ، لديك الآن بارقة أمل لبدء حياة جديدة سعيدة، لا تجعلي طاقة الغضب بداخلك تحطمها، حاولي اللجوء لشخص كبير في العائلة يتحدث مع أشقائك ليوفروا لك تكاليف زواجك ويعيدوا إليك حقوقك، وأتمنى أيضا أن تصارحي زوجك المستقبلي بحقيقة ظروفك، إن كان يحبك حقا سيدعمك ويقف إلى جوارك ويساعدك في استعادة حقوقك منهم ولن يثقل عليك، وإن تخلى عنك، فلا تجعلي رغبتك في الهروب من ظلم أخوتك تعرضك لظلم شخص آخر، ولا تقبلي أن تتعرضي للظلم مرة أخرى، يمكنك أيضا بعد إتمام الزواج اللجوء إلى محام وتحريك دعوى قضائية ضد أخوتك، قد يتطلب الأمر بعض الصبر لكن لا تتوقفي عن المطالبة بحقوقك، ولا تقبلي أن يسلبك أحد إياها مهما كانت درجة قرابته منك، ولأن "الحقوق لا تمنح ولكنها تنتزع" فلا تنتظري أن يتقدم لك بحقوقك أشقائك الطامعين بأموالك التي استحلوها طوال تلك السنوات، وأذكرك دائما أنك صاحبة حق فتصرفي بحكمة وليس بغضب.

أغنية العدد:

أنا اللي الدنيا ظلماني وجاية عليا من صغري
معنداني ونكراني وبرده معاها جيت دوغري
**
وداب القلب م الحرمان و م القسوة وأنا مكمل
وراحوا الأهل والخلان وأنا صابر ومتحمل
**
وشوفت كتير ساعات سودة سنين كاحلة بلون الليل
ويوم ورا يوم بقول بكرة أكيد أحلى وشايل خير
وزاد الهم على قلبي كتر غلبي وفوق صبري صبرت كتير
**
ومرة الفرح يوم جاني وضحكتلي الحياة بوضوح
مسكت الضحكة بإيديا وبسناني وخفت تروح
قفلت عليها بالضبة وبالمفتاح
وقلت خلاص هعيش راضي هعيش مرتاح
**
وقلت لقلبي قوم نفرح وبينا نودع الأحزان
دخلي الحزن م الفتحات وم الشبابيك وم الجدران!

للتواصل:
واتساب: 01030307654
إيميل: [email protected]
فيسبوك: Marasel.Alakhbar

أصدقاء مراسيل:
تسعدنا مشاركتكم بمراسيلكم أو المساهمة بأرائكم ومقترحاتكم البناءة لحل مشكلات الأصدقاء، وسيتم نشرها في الأعداد المقبلة.

مراسيل تصدر كل ثلاثاء على صفحات الأخبار

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة