رمسيــس الثانى
رمسيــس الثانى


رمسيــس الثاني ليس فرعـون الخـروج من القضايا التاريخية المثيرة للجدل

شيرين الكردي

الأحد، 17 يناير 2021 - 04:46 ص

يعد اتهام فرعون مصر العظيم والشهير الملك رمسيس الثانى بكونه فرعون الخروج من القضايا التاريخية المثيرة للجدل ، ومرجع هذا بشكل دائم هو الدعاية الصهيونية التى تقف وراء هذا الأمر في وسائل الإعلام العالمية ، بل وفي الأعمال الفنية الشهيرة كذلك التي تقدم في السينما العالمية ، والتي تهدف دائما إلى تشويه ملك مصر الشهير الذي يعد علما خالدا من أعلام تاريخ وحضارة مصر القديمة، كما أكده باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس.

فما الهدف وراء تشويه الملك رمسيس الثاني ؟!

وأضاف باحث المصريات د. محمد رأفت عباس، أن الهدف يتمثل فى أن رمسيس الثانى يعد بما لا يدع مجالاً للشك رمزاً حقيقياً وأبديا للحضارة المصرية القديمة ، فهو يعد صاحب أطول فترة حكم فى تاريخ مصر القديمة ، وهذا إذا قمنا باستثناء الملك ببى الثاني من الأسرة السادسة ، وقد بلغت فترة حكمه نحو سبعة وستين عاماً، ولا توجد منطقة أثرية فى مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب إلا وتوجد فيها آثار تحمل اسم رمسيس الثانى.

كما أن آثاره العظيمة والخالدة قد تجاوزت حدود مصر إلى مناطق فلسطين ولبنان وسوريا وشمال السودان ، والتى كشف فيها عن الكثير من لوحاته وبقايا المعابد والمنشآت التى قد أقامها فى أنحاء إمبراطوريته الواسعة والتى تتحدث جميعها عن عظمة أمجاده التاريخية الكبرى ، خاصة فى ميدان الحرب والتى كانت خير معبر عن مجد مصر الإمبريالى فى فترة حكمه المجيدة .

فهو المحارب الجسور الذى خاض أكبر وأشهر معارك التاريخ القديم المتمثلة فى معركة قادش ضد الحيثيين وحلفائهم فى مدينة قادش السورية ، وهو صاحب أول معاهدة سلام وصلت إلينا فى تاريخ العالم القديم .

فكان كما تقول عالمة المصريات الفرنسية القديرة «كريستيان ديروش نوبلكور» أعظم ملوك عصره بكل جدارة ، واستحق أن يكون ملك الملوك فى تاريخ الشرق الأدنى القديم دون منازع ، ومن ثم فقد تحول رمسيس الثاني إلى هدف مباشر للتشويه والأحقاد وبث سموم الكراهية من جانب أعداء مصر التاريخيين .

وإذا تناولنا قضية الخروج بوجهة نظر متعمقة فسوف نجد أنه لا يوجد أى دليل أثرى أو تاريخى بين الآثار المصرية أو بين الآثار المعاصرة فى حضارات منطقة الشرق الأدنى القديم يشير على الاطلاق إلى أن الملك رمسيس الثانى هو فرعون الخروج أو حتى إلى أى ملك آخر من ملوك مصر القديمة .

بل أن كل هذه الاراء والافتراءات يقف ورائها بعض المؤرخين من ذوى النزعة الصهيونية فى تفسير الأحداث التاريخية، ولعل خير دليل يثبت كذب هذه الاراء التى ترى فى ملك مصر العظيم أنه كان فرعون الخروج هو مومياء الملك رمسيس الثانى نفسه.

كانت مومياء الملك رمسيس الثانى هى أول مومياء ملكية يتم فحصها بأحدث الأجهزة العلمية والطبية على أعلى مستوى. وبعد مفاوضات مطولة تمت فى القاهرة بين السلطات المصرية والفرنسية عام 1976م ، تقرر سفر مومياء رمسيس الثانى إلى العاصمة الفرنسية باريس ، وذلك لفحصها ومعالجتها من الفطريات التى بدأت تظهر داخل التجويف الباطنى .

وقبل وصول المومياء إلى باريس أعدت الحكومة الفرنسية للمومياء معملا بمتحف الانسان بباريس ، وذلك بمساعدة معمل الأنثروبولوجيا بالمتحف الوطنى للتاريخ الطبيعى فى باريس .

وقد تكون فريق علمى برئاسة البروفسير " بالو " ، وتم وضع برنامج مطول لأخذ عينات متعددة من هذه المومياء، وبالفعل سافرت المومياء إلى فرنسا فى السادس والعشرون من سبتمبر من العام 1976م ، ومكثت هناك فى معملها حتى العاشر من مايو من العام 1977م ، وخلال هذه المدة التى تقرب من سبعة أشهر أجريت عليها عملية فحص شاملة .

وتولت الدكتورة " كوليت روبيه " عملية التنسيق العلمى بين كل الباحثين والمعامل والمراكز والمعاهد العلمية التى اشتركت فى عملية الفحص، وكان فريق الفحص يتكون من 105 باحثا وعشرين مؤسسة ومركز ومعهد علمى .

وأسفرت عملية الفحص هذه عن خمسة وأربعين دراسة متعددة التخصصات ، صدر عنها فى باريس مؤلفا عام 1985 تحت عنوان : La Momie de Ramses " مومياء رمسيس الثانى " .

اقرأ أيضا : ورشة نجارة بمقبرة أثرية.. كيف صنع المصري القديم التماثيل الخشبية؟

وأظهرت هذه الدراسات الكثير من المعلومات عن حالة المومياء الصحية قبل وبعد الوفاة ، وأظهرت كذلك بقايا بعض المواد التى استخدمت فى التحنيط . وقد أثبتت التجارب والفحوصات التى تمت بأحدث الأجهزة طوال فترة علاج المومياء بأن الملك لم يمت غرقا أو أنه تعرض لحدث طارئ أودى بحياته فى هذه السن المتقدمة، وهو الأمر الذى يخالف بشكل تام ما ورد عن موت فرعون الخروج غرقا فى روايات التوراة والقرآن الكريم ، حين كان يقوم بمطاردة بنى إسرائيل فى طريق هروبهم من مصر .

وقد رأى بعض المؤرخين أن العابيرو الذين قد ورد ذكرهم فى النصوص المصرية ربما يكونوا المقصود بهم العبرانيين الذين ورد ذكرهم فى التوراة أى الشعب الإسرائيلى القديم ، وقد ورد ذكرهم خلال عهد الملك رمسيس الثانى من خلال بردية ليدن 349 ، و قد جاء فيها أن الملك قد استخدم العابيرو فى جر الأحجار اللازمة لبناء صرح أحد معابده ، فرأى بعض المؤرخين سابقا من خلال هذا النص أن الملك رمسيس الثانى ربما يكون فرعون التسخير أى الذى سخر العبرانيين فى بناء مدينتى بر رعمسيس وبيتوم ، طبقا لما ورد فى التوراة فى سفر الخروج ، ومع مرور الوقت وتعدد الدراسات تراجع الغالبية العظمى من المؤرخين عن هذا الافتراض ، حيث ورد من من خلال بردية هاريس الكبرى بالمتحف البريطانى من عهد الملك رمسيس الثالث ثانى ملوك الأسرة العشرين أن الملك رمسيس الثالث قد أهدى عددا من العابيرو إلى معبد الإله رع فى أون «هليوبوليس» إلى جانب أعداد أخرى من طوائف الأسرى .

وفى إحدى لوحات الملك رمسيس الرابع ثالث ملوك الأسرة العشرين والتى دونت على صخور وادى الحمامات ورد أن هذا الملك قد استخدم 800 من العابيرو ضمن بعثته التى أرسلها إلى محاجر الشست فى وادى الحمامات بالصحراء الشرقية لقطع الأحجار اللازمة لتشييد آثاره .

ومن ثم فقد أصبح من المستحيل افتراض أن رمسيس الثانى هو فرعون الخروج مع استحالة افتراض أن العابيرو الذين ورد ذكرهم فى النصوص المصرية هم أنفسهم العبرانيين أو الشعب الإسرائيلى القديم .

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة