الرئيس عبدالفتاح السيسي مع أصحاب متلازمة داون
الرئيس عبدالفتاح السيسي مع أصحاب متلازمة داون


متلازمة داون.. أبطال المستحيل

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 17 يناير 2021 - 11:55 ص

 

◄إبراهيم الخولي: أول معيد من داون وأحلم أن أكون رئيس جامعة

◄نيرة عصام: بعد رفضها من معهد الموسيقى 3 مرات أصبحت عازفة "فلوت"

◄هبة عاطف: تحدت السرطان وأصبحت أول مضيفة طيران من متلازمة داون

◄سما رامي: أول سفيرة للنوايا الحسنة وأيقونة تغير المناهج الدراسية

 

كتب شاهندة أبو العز

ربما يحسبهم البعض معاقون، لديهم ما يفرقهم عن غيرهم من الأسوياء، ولكن الواقع دومًا يثبت أنهم آملون متحدون، بل قادرون على تخطي المستحيل وغير الممكن بالنسبة للآخرين، فيستطيعون تحقيق الكثير من الأعمال والإنجازات المهمة على الرغم من إصابتها ببعض الإعاقات التي لم يسمحوا لها بأن تقف في طريق طموحهم ورغبتهم في تحقيق النجاح الباهر في هذهِ الحياة.


فلم تكن الإعاقة في الجسم أو العقل إنما الإعاقة الحقيقية هى الاستسلام إلى الأمر الواقع دون تحويلها إلى تميز، أصحاب متلازمة "داون" حاولوا إعاقتهم الذهنية إلى تميز في جميع المجالات، قصص ملهمة وتجارب مثيرة للتأمل يقدمها متحدي الإعاقة من أصحاب متلازمة داون، تحمل المعنى الحقيقى لتحدى المستحيل ومواجهته مهما كان.

لأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة سألت الله أن يهديها الصبر والإلهام في تعليم وتأهيل ودمج ابنها من أصحاب متلازمة داون في المجتمع بشكل طبيعي، فبدأت رحلة العلاج الطبيعي والتخاطب وتنمية المهارات منذ نعومة أظافره.

تسترجع إيمان والى والدة إبراهيم الخولي من متلازمة داون أهم الصعوبات التي مرت بها، فكانت البداية مع رفض المدارس تقبله، بالرغم من أخذ موافقة من وزير التربية والتعليم حينا ذاك، إلا أن نظرات الأمهات كانت تقف حائلة بين دخوله وتقبله معهم.


لم تمل أو تكل حتى وجدت مدرسة تقبل حالة طفلها من متلازمة داون بشكل طبيعي، فتقول إيمان إن المدرسة كان لها فضل الأكبر في تكوين شخصية إبراهيم، بجانب دورها كأم في التحفيز والرعاية والتعليم بشكل مضاعف حتى يتم إتقانه.

وتابعت إيمان، أن أصررها على النجاح ودمج ابنها في المجتمع بشكل طبيعي انتقل إلى إبراهيم فحصل على الثانوية العامة دمج ودخل كلية الإعلام من خلال مكتب التنسيق قائلة "الأطباء مكنش عندهم قناعة بوصول إبراهيم لأي نجاح وكنت في تحدي دائم معهم".

حتى أصبح إبراهيم الخولي أول معيد بكلية الأعلام بالجامعة الكندية في مصر من أصحاب متلازمة داون، بعد أن صدر قرار تعيينه من الجامعة فور تخرجه من الجامعة عام 2019، تلبية لرغبته وإيماناً بقدراته.

"مكنش في أحلامنا أو مخططين أنه يكون معيدا" بهذه الجملة استكملت إيمان والي والدة إبراهيم الخولي حديثها قائلة إنه ذهب قبل تخرجه إلى عميد كلية طالباً منه أن يكون "معيد" في الجامعة، ورغم محاولاتنا إقناعه بعدم قدرته على مهام المنصب إلا أنه أصر على أن يخوض التجربة بنفسه دون خوف من نظرات البعض.

كانت أولى تجاربه تدريس مادة النقد السينمائي بالمحاضرات الصيفية "سمر كورس" التي تعقدها الجامعة للطلاب الراسبين أو المتخلفين عن الحضور في اختبارات بعض المواد.
فرضت شخصية إبراهيم نفسها على الطلاب وتفاعلوا معه، مما جعله يتعين بشكل رسمي في شهر أكتوبر الماضي، كمساعد باحث ليدرس ثلاث مواد وهما مادة الإذاعة ومادة السيناريو ومادة الإخراج الإذاعي، حيث تعد الخطوة الأولى في طريقه للحصول على درجة الدكتوراة ومن ثم سعى لتحقيق حلمه في أن يكون أول رئيس جامعة من متلازمة داون.

تقف وسط الألف من الجمهور ماسكة بألتها الموسيقية " الفلوت " تعزف أرقى المعزوفات في تناغم مع أصدقائها فبرغم كونها من أصحاب متلازمة داون إلا أنها استطاعت أن تكون أول طالبة من ذوي القدرات الخاصة في المعهد العالي للموسيقى "الكورنسرفتوار".

تقول عالية حامد والدة نيرة عصام ذات الـ 17 عاما، من أصحاب متلازمة داون، أن ابنتها متعددة المواهب فهي بطلة العالم في الفروسية عام 2018 و2019 وبطلة سباحة مركز ثان على الجمهورية، لكنها وجدتها مائلة أكثر إلى الموسيقى وعالم الفن وخاصة أله " الفلوت ".

وتابعت، عندما بدأنا ملاحظة موهبتها في عالم الموسيقى قررنا أخذ كورسات موسيقية لتنمية موهبتها حتى تلتحق بالمعهد العالي للموسيقى، لكنها فوجئت برفض المعهد في أول مرة بسبب كونها من أصحاب متلازمة داون، واعتقاد البعض أنها غير قادرة على العزف وتحصيل المقطوعات مثل أصدقائها.

لم تيأس عالية والدة نيرة، من تكثيف تدريبها وتعليمها أصول العزف حتى تم قبولها في الأكاديمية بعد ثالث مرة من التقديم، حيث انقسمت لجنة القبول إلي فريقين أحدهم موافق على دخولها والفريق الآخر مع عدم دخولها، لتصبح أول طالبة من أصحاب متلازمة داون في المعهد العالي للموسيقي.

شاركت نيرة في العديد من الحفلات الموسيقية بدار الأوبرا، بالإضافة إلى مشاركتها في حفلة ذوي الهمم أمام الرئيس السيسي عام 2019.

حظت نيرة بصداقات متميزة في المعهد فأغلب دفعتها لديهم وعي بحالتها وتفهم بأصحاب الهمم من متلازمة داون فيعزفون دائما معاً أثناء الدراسة أو العطلات، مما ساعدها في الدمج المجتمعي بشكل أفضل فمجرد التدريب على المقطوعة الموسيقية تجيد عزفها.
تحلم نيرة بأن تكون دكتورة  "فلوت" في المعهد العالي للموسيقى بعدما حققت حلمها الأول في الالتحاق والدراسة به.

"أول مضيفة طيران من أصحاب متلازمة داون" ليس الإنجاز الأول الذي تتميز به هبة عاطف ذات الـ 22 عاماً، فهي طالبة بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام الجامعة العربية، ومذيعة صوت العرب وشخصية الملهمة لعام  2019 وتجيد التمثيل المسرحي بمسرح الشمس التابع لوزارة الثقافه، فهى نموذج للتحدي من أصحاب متلازمة داون.

بدأت الدكتورة سونيا بيومي والدة هبة عاطف من متلازمة داون تأهيلها بعد 40 يوما من والدتها مما جعلها أكثر تأهيلاً عند دخولها إلى المدرسة، حيث مارست حياتها بشكل عادي دون دمج.

لم يكن التحدي الوحيد في حياة هبة أنها من اصحاب متلازمة داون ويجب تأهيلها ودمجها بالمتجمع، فكان لها تحدى آخر مع مرض السرطان، بعدما تم الاكتشاف أنها مريضة "لوكيميا" سرطان الدم حيث ظلت 4 سنوات ونصف تتلقى علاجها بمستشفى 57357.

استكملت هبة رحلة دراستها دون دمج تعليمي فكانت والدتها حافز لاستكمال مشوارها وتخطى الصعاب، فدائما ماتردد على مسماعها كلمات "إنتي شاطرة، إنتي تقدري، كل حاجة هتعدي"، حتى أخذت الثانوية العامة والتحاقها بكلية الإعلام دون دمج، قائلة "هبة زي أي طالبة عادية يمكن الدراسة خدت مجهود كبير بس قدرت تحقق أحلامها".
ووقع الاختيار على هبة كقدوة ونموذج مشرف لفتيات متلازمة داون لخوض تجربة أول مضيفة طيران رسمية ضمن الفريق العامل على متن الطائرة من أصحاب متلازمة داون في رحلة إنسانية للسودان في شهر ديسمبر الماضي حيث قام بترشيحها المخرج رضا عبدالعزيز، المنسق العام للجنة الدولية لشئون الإعاقة التابعة للأمم المتحدة بمصر، حاملة معها العشرات من علماء التربية الخاصة بمصر.

وذكرت الدكتورة سونيا والدة هبة أنه تم تفصيل بدلة الطيران خصيصًا لها، ورحب بها المسافرون وقاموا بالتقاط الصور معاها، مضيفة أنها تجربة تثبت للعالم أن أصحاب الهمم قادرون على فعل كل شيء.

كانت نشأتها قائمة على تشجيع قدراتها الخاصة ورغبتها نحو التغيير والمشاركة فى الأعمال التطوعية بالمجتمع بشكل عام وكل ما يهم ذوى القدرات الخاصة بشكل خاص، فمجال العمل الاجتماعي ليس مقتصراً على فئة دون أخرى بل هو متاح لكل الراغبين.
ربما معاناة سما رامي من أصحاب متلازمة داون من التنمر منذ طفولتها هو مادفعها إلى تغير نظرة المجتمع لها وتحويل اختلافها إلى تميز.

تقول سوزان طلعت والدة سما إنها تعرضت للخذلان منذ ولادة طفلتها الرضعية فبدأ الأقربون في البعد عنها، وبدأوا في معايرتها بطفلتها المريضة، حتى وصل التنمر من بعض الأطباء والذين نصحوها بعدم المعاناة معاها قائلة "الدكتور قالي بنتك منغولية هاتي غيرها".

أخذت سوزان عهد على نفسها أن تتحدى الجميع وتغير من نظرتهم لأصحاب متلازمة دوان، فكان أول تحدى عندما قررت إلحاقها بإحدى المدارس حيث طلب منها مدير المدرسة كتابة إقرار على نفسها بسحب ملف ابنتها إذا حدث منها أي مشكلة مع أصدقائها.

وتابعت سوزان أن عدم وعي أولياء الأمور بـأصحاب متلازمة داون وأصحاب القدرات الخاصة جعلهم يخافون على أطفالهم منها فالبعض نصحها بإدخالها مدارس تربية فكرية أو عدم تعليمها.

استمر التحدي مع سوزان والمجتمع طيلة فترة الدراسة فبعد وصولها إلى الثانوية العامة وجدت بعض المصطلحات الخاطئة عن أصحاب متلازمة دوان في أحد الدروس الموجودة بمادة الأحياء حيث كان يطلق عليهم "البله المغولي" وهذا تعبير خاطئ وغير متداول، حيث تسبب هذا المسمى في تنمر أحد المدرسين على أخيها ومعايرته بأخته سما.

 

قررت سما تغيير هذه المسميات ولم تعبئ بأي تنمر أونبذ لها، حيث قدمت شكوى إلى وزير التربية والتعليم طارق شوقي، وتم دارسة الشكوى وتغير المصطلح إلي " أصحاب متلازمة داون " واصبحت سما رامي أيقونة لتغير المناهج.


تكرر الأمر مرة أخرى عند وصولها إلى الكلية الآداب قسم علم النفس، واستطاعت مرة أخرى إلى إلغاء ذلك المصطلح من الكتب الدارسية بعد تواصلها مع وزير التربية والتعليم العالي خالد عبد الغفار.
وهذا ما جعل الاختيار يقع عليها من ضمن الأبناء المرشحين لمنصب "سفير النوايا الحسنة" من قبل الأستاذة "نانسى هادى" المدير الإقليمى للمنظمة العالمية لسفراء النوايا الحسنة، والذي تختار السفراء الذين لهم بصمة في المجتمع وقادرين على التغير.

بدأت سما في تغير المسميات وبالتالي تغير أفكار الناس ونظرة المجتمع لها وهذا التحدي التي قبلته منذ طفولتها حتى تجعل من الكروموسوم الزائد ميزة عن غيرها.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة