ممتاز القط
ممتاز القط


يوميات الأخبار

«الهوا.. له ودان»

ممتاز القط

الأحد، 17 يناير 2021 - 06:47 م

 

قد حضرت للسعودية لابلغ جلالة الملك عبدالله بحقيقة الحوار وما قالته كونداليزا لى وطبعا لم يكن من الممكن أن أخبره بالتليفون

بكام ومنين؟! وينعمل.. يا منعملش.. كلمة ورد غطاها تجسد حقيقة التحدى الذى تخوضه مصر والذى يجعل اختيار الأولويات أمرا صعبا. الأولويات تعنى المهم فالأهم ولكن كيف يكون الحال عندما يكون كل شىء مهما وأهم. كانت المعادلة صعبة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، بل ومستحيلة ولكن إرادة التحدى واختيار الطريق الصعب تصبح متطلبات لأمة ارادت ان تعلو هاماتها وهى تعيد من جديد اكتشاف مخزون قوتها الحقيقية.
فرغم الخطورة التى يمثلها الاقتراض من الخارج وتزايد أعباء خدمة الديون إلا انه يصبح لا مفر منها فى حالة انخفاض الموارد والزيادات المتتالية فى عجز الموازنة.
لا أبالغ عندما أقول إن مجرد الحصول على قروض جديدة يمثل نوعا من النجاح فى ظل عالم مضطرب وصراعات اقتصادية تعلى لغة المصالح حتى وان كانت تتم بحمق وسفور.
إن مجرد الحصول على قروض يعنى ان الاقتصاد المصرى والقائمين عليه يملكون القدرة على البقاء والتحرك للأمام رغم كل الظروف والتحديات الصعبة.
لا أحد سوف يقرضك إلا لو كنت تملك القدرة على السداد حتى وان تعددت طرقه ومدته الزمنية.
فى الوقت الذى يشدد فيه خبراء الاقتصاد على خطورة التزايد فى المديونية إلا انه تبقى حقيقة مهمة وهى أن هذه القروض قد استخدمت استخداما رشيدا وتحولت إلى أصول تملكها الدولة فى صورة مشروعات للبنية الأساسية ومرافق للخدمات والانتاج.
لاشك أن قيمة هذه الأصول قد تضاعفت ويقدر الخبراء ان مشروعا للطرق تكلف مليار جنيه منذ ٤ سنوات فإن قيمته الآن تزيد على خمسة مليارات جنيه. حصول مصر على قروض ومساعدات ومنح لم يكن ليتم لولا قناعة المقرضين وثقتهم الكبيرة فى الاقتصاد المصرى الذى كان ينقصه قوة الدفع الأولى التى تحرك عجلة الانتاج. لقد مرت مصر بظروف صعبة وخطيرة كان من الممكن ان تعصف بكل شيء لولا الارادة السياسية وروح التحدى التى يتحلى بها الرئيس عبدالفتاح السيسى ونجاحه فى اعادة بناء جسور الثقة مع كل دول العالم والمحافل الاقتصادية.
مديونية الدول ليست مثل مديونية الأفراد لأن حدود الأمن تكون أكثر فى مديونيات الدول والتى لا تعطى إلا بقدر ما يتوافر للطرف المقترض من امكانيات السداد.
قد لا يعرف البعض ان خبرة وحنكة الرئيس السيسى وقدرته الفائقة على التفاوض مكنت مصر من الحصول على كل قروضها بأفضل شروط السداد سواء من حيث المدة أو قيمة الفوائد.
وتبقى حقيقة ان الاقتراض جزء من تعاملات كل الدول بغض النظر عن قوتها أو تقدمها.
قصور الملك
كان نوع من التدليس وتغيير الحقائق ان نطلق اسم القصور الجمهورية على القصور الملكية التى تعود كلها إلى عصر الملكية وأولاد واحفاد محمد على.
ورغم النقد الذى يسوقه البعض حول انشاء قصر جمهورى ومقر جديد لمجلس الوزراء بالعاصمة الادارية الجديدة إلا انه يأتى تصحيحا وكتابة لتاريخ مصر الجديدة التى يتم البناء فيها وفق أحدث وآخر النظم العمرانية. العمران يظل شاهدا حىا على حضارة وثقافة الشعوب. وجميع القصور الملكية لا تزال تحمل ثقافة الحكم. فلا يزال فى بعضها صالات للعب القمار وصالات للرقص.
وأذكر ان لجنة التحقيقات فى مقتنيات القصور الملكية كتبت فى تقرير لها وجود "كوتشينه" ناقصة كانت قد طبعت خصيصا للملك فاروق. وبعد بحث وتحر تم العثور عليها فى أحد مكاتب القصر الذى يظل قلبا وقالبا يرمز إلى حقبة الملكية فى مصر بشرها وهو كثير وخيرها وهو قليل!!
وقد أسعدنى بناء مقر جديدة لمجلس الوزراء وقد لا يعرف البعض أن قاعة الاجتماعات الرئيسية بمجلس الوزراء الحالى كانت هى الصالة المخصصة للرقص لمالكة القصر الأميرة شويكار.
مكالمة على الهواء
حتى الرؤساء لا يعيشون حياة ألف ليلة وليلة وشبيك لبيك وأحيانا تصبح حياتهم نوعا من المعاناة والمشقة التى قد لا يعانيها أى مواطن عادى.
حياة الرؤساء نوع من القلق والتوتر والمشقة وتصبح البروتوكولات ومتطلبات الرئاسة نوعا من القيود والاغلال لا يعرفها إلا من يعانيها.
خلال السنوات القليلة الماضية برز الدور الهائل لوسائل التواصل الاجتماعى والتى فاقت سلبياتها بكثير كل ما فيها من ايجابيات حيث اقترنت بطفرة هائلة فى وسائل الاتصال والتى أصبحت تستطيع اقتحام الحياة الخاصة وتقضى تماما على السرية وتحطم مفهوم «سرى للغاية أو محظور».
حينما تستخدم تليفونك فى اجراء مكالمة لا تعتقد أبدا انك وحدك على الخط وان ما تقوله سيبقى سرا بينك وبين المتصل الآخر.
ثق ان الدنيا كلها تسمعك لو أحبت!
تليفونك رقيب يسجل عليك كل همسة تقولها.
قد يكون الأمر بسيطا اذا كنا نتحدث عن أشخاص عاديين لكنه يصبح غير ذلك إذا كان المتحدث مسئولا تحسب عليه كل كلماته بل حتى همساته.
كنا فى رمضان عام ٢٠٠٨ عندما اتصلت بنا رئاسة الجمهورية تبلغنا بالتواجد بالمطار لمرافقة الرئيس الراحل حسنى مبارك وذلك بعد ثلاث ساعات من الاتصال اعتقدنا اننا سنرافق الرئيس فى رحلة سريعة لشرم الشيخ أو غيرها من المدن المصرية لأننا لم نأخذ تأشيرة سفر لأى دولة.
فى الطائرة لم يكن أحد يعرف إلى أى مكان سوف نسافر وبعد رحلة طيران اقتربت من ساعة ونصف اخبرنا الرئيس مبارك اننا فى طريقنا للسعودية.
هبطت الطائرة بمطار الطائف وكان فى استقبالنا جلالة الملك عبدالله طيب الله ثراه.
كان القصر فى مكان مرتفع على الجبال وصعدنا حيث وجدنا مأدبة افطار فى حديقة القصر وبعد الأذان تناولنا الإفطار ولم تستغرق الزيارة كلها سوى ساعتين حيث عدنا بعدها للمطار. خلال رحلة العودة سألنا الرئيس الراحل مبارك عن سبب هذه الزيارة السريعة.
قال ان كونداليزا رايس وزيرة خارجية أوباما كانت معى بمصر ثم سافرت للسعودية وعرفت ان هناك معلومات قيلت لى وقيل عكسها للملك عبدالله وقد حضرت للسعودية لابلغ جلالة الملك عبدالله بحقيقة الحوار وما قالته كونداليزا لى وطبعا لم يكن من الممكن أن أخبره بالتليفون واستطرد الرئيس مبارك قائلا: الهوا دلوقتى له ودان.
لا أحد يعرف تماما ما الذى سوف تحدثه وسائل الاتصالات فى المستقبل والتى ستلقى بأعباء كثيرة على مستخدميها حيث تستطيع الأقمار الصناعية التقاط أى اتصال فى أى لحظة والقضاء تماما على عنصر السرية.
مبارك فى المول
رحلات الرؤساء خارج بلادهم ليست كما يتخيل البعض وعادة ما تكون تحركاتهم محسوبة بدقة شديدة وقد لا يرون من البلاد التى يسافرون إليها سوى الفندق أو مقر الاقامة الذى يقيمون فيه وقاعات الاجتماعات التى تعقد فيها أى مباحثات مشتركة.
أذكر فى إحدى المرات التى كنا نرافق فيها الرئيس الراحل حسنى مبارك انه احب الدخول إلى أحد المولات فى برلين وكان مجاورا للفندق الذى نقيم فيه. وباتصالات مع ادارة المول وافقوا على أن يفتح المول أبوابه للرئيس ومرافقيه فى التاسعة إلا الربع بدلا من موعده فى التاسعة ودخل الرئيس المول وخلال دقيقتين اكتشف رجال الحراسة المرافقون للرئيس مبارك ومعهم رجال الحراسة الألمان ان هناك بعض العرب المقيمين بألمانيا عرفوا ان الرئيس مبارك دخل المول فتجمعوا أمامه. بسرعة طلب رجال الحراسة من الرئيس المغادرة فورا وتركنا كلنا المول دون ان نشترى أو يشترى الرئيس أى شىء.
أربعاء مجلس الوزراء
لماذا يعقد مجلس الوزراء اجتماعا كل يوم أربعاء؟! ما هى الحاجة الملحة التى تدعو لمثل هذا الاجتماع والذى يمكن استبداله باجتماعات فردية بين رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين بمسألة محددة مناقشتها.
هل يمثل الاجتماع الاسبوعى عبئا على الوزراء؟! بالطبع لو سألنا الوزراء فإنهم فى أفضل الأحوال سوف يجيبون بطريقة لا تمثل حرجا لاحد وخاصة رئيس الوزراء.
الحقيقة ان بعض الوزراء يشاركون فى الاجتماع كجزء من البروتوكول والاعتياد على اللقاء الاسبوعى دون ان يشاركوا بكلمة واحدة فى الأمور التى تناقش والتى تكون بعيدة عن تخصصاتهم.
الدكتور كمال الجنزورى هو رئيس الوزراء الذى استن سنة الاجتماع الاسبوعى كل يوم اربعاء وذلك فى كل المرات التى التى تولى فيها رئاسة مجلس الوزراء وله بالطبع اسبابه ومبرراته..
على النقيض تماما كان الدكتور عاطف صدقى الذى شكل الحكومة رقم ١٠٩ فى تاريخ مصر وذلك يوم ١١ نوفمبر ١٩٨٦ واعاد تشكيلها مرتين وحتى ٢ يناير ١٩٩٦.
وكان الدكتور عاطف صدقى يعقد اجتماع مجلس الوزراء كل شهرين أو ثلاثة وكنا كصحفيين بمجلس الوزراء غير راضين عن ذلك لان اخبار مجلس الوزراء كانت تنشر كمانشيت للجريدة وعليها اسمنا.
اتفقت مع زميلى مصطفى النجار نائب رئيس تحرير الأهرام ان نناقش الأمر مع رئيس الوزراء والتقينا معه لنقل شكوانا وهى عدم اجتماع مجلس الوزراء. وقال لنا الدكتور صدقى: الأحوال تمام والبلد ماشية ميت فل نعمل اجتماع ليه؟!
فى نهاية اللقاء قال لنا لو هنعمل اجتماع نناقش فيه إيه.. مش انتوا صحفيين وبتنقلوا نبض الناس كل واحد فيكم يكتب لى مسودة بموضوعات يمكن ان يناقشها مجلس الوزراء.
بالفعل قمنا بتصور جدول اعمال لمجلس الوزراء وسلمناه لرئيس الوزراء وبعدها بيومين تمت الدعوة لاجتماع مجلس الوزراء وكان جدول الاعمال مزيجا مما كتبه زميلى مصطفى وما كتبته أنا ومعظمه خاص بمشاكل المواطنين خلال هذه الفترة.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة