خالد جبر
خالد جبر


أضواء وظلال

الحديد والصلب .. حكاية حلم

خالد جبر

الإثنين، 18 يناير 2021 - 09:26 م

الجمعية العمومية لشركة الحديد والصلب المصرية هى نفسها الجمعية العمومية لقناة السويس والسد العالى.. هى الشعب المصرى كله.. ولايحق لأعضاء ما يسمونها الجمعية العمومية الحالية أن يتخذوا قرارا مصيريا بتصفية الشركة دون الرجوع للجمعية العمومية الحقيقية صاحبة الحق الأصيل وهو الشعب.

شركة أو مجمع الحديد والصلب فى حلوان يمثل بالنسبة لى قيمة كبرى لأن وضع حجر أساس أول مجمع فى الشرق الأوسط وأفريقيا تم فى عام مولدى ليكون قاعدة للتصنيع الثقيل بعد عقود كانت فيها مصر مجرد مزرعة للقطن للعالم ولم تكن تصنع شيئا.. وهى بالنسبة لكل المصريين تمثل قيمة عظيمة لاستقلال الإرادة والانتقال إلى عصر جديد من التقدم والتنمية.. وهل هناك تنمية من دون تصنيع ثقيل،؟

فى نهاية السبعينيات.. وفى قمة غضب الرئيس السادات من الاتحاد السوفيتي.. قرر الاستغناء عن الخبراء السوفيت( الروس) فى مصر ومنهم خبراء الحديد والصلب.. وكلفنى الأستاذ الكبير موسى صبرى رئيس التحرير بالذهاب إلى مجمع حلوان لمتابعة تاثير القرار على سير العمل بالمصنع.. خاصة أنه تزامن مع تركيب الفرن العالى الرابع لزيادة طاقة المصنع.. وقمت بجولة داخله برفقة المهندس فؤاد أبو زغلة رئيس الشركة والذى أصبح وزيرا للصناعة فيما بعد.. وكنت فى غاية الفخر وأنا اطوف فى أرجاء المجمع وانا أغنى مع صلاح جاهين أغنيته الرائعة المسئولية التى تحدث فيها عن مشروعات ثورة يوليو والتصنيع الثقيل.... وكانت الأجواء بداخلى أشبه بأجواء تأميم قناة السويس وتحدث الموضوع عن انتاج الحديد والصلب بأيدى المصريين.

فى أوائل التسعينيات وفى رحلة صحفية إلى كوريا الجنوبية.. زرت مصنع للحديد هناك.. وكان ثانى أكبر مصنع فى العالم بعد مصنع المانى رغم أن كوريا لا تملك ذرة واحدة من خام الحديد... وتستورده من استراليا... وتمنيت لو كان لدينا مثله.. أو نطور مصنع حلوان ليصل إلى ما يشبهه.

لكنى عندما عدت إلى مصر وجدت أن الدولة باعت ثانى أكبر مصنع للحديد فى الدخيلة غرب الاسكندرية برخص التراب لرجل أعمال لم يكن يفهم إلا فى دق الطبول ليصبح أهم رجل أعمال وسياسة وبرلمان وكل شئ.

الآن.. ماهو الوضع فى المصنع "اللى حيلتنا"؟.. تصريحات المسئولين تشير الاتجاه واحد وهو تصفية الشركة بعد تقسيمها ثم بعد تصفية سيتم البدء فى إجراءات شطب شركة الحديد والصلب المصرية من البورصة.

الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب قررت تصفية مصنع حلوان، وفصل نشاط المناجم فى شركة مستقلة، وتصفية المصنع القديم،

وكانت هيئة الرقابة المالية وافقت على المقترح التفصيلى لتقسيم شركة الحديد والصلب المصرية، وقرارات مجلس إدارة الشركة. ووفقًا لتقرير للجهاز المركزى للمحاسبات ارتفعت مديونيات الشركة، خلال العام المالى الماضي، بنحو 13% إلى 6 مليارات جنيه مقارنة بالعام المالى السابق.

بالطبع سيتهمنى البعض بالدفاع بالباطل عن ثورة يوليو وعن عبد الناصر حتى فى أخطائه وخطاياه..

عبد الناصر لم يكن نبيا أو قديسا.. ولكنه  لم يكن شيطاناً رجيما حتى نخجل من الدفاع عن منجزاته الكبيرة.. وأنا هنا لا أدافع عن أشخاص.. ولا أهاجم أشخاصا.. فقط أدافع عن بلدى وعن صرح صناعى كبير.

إنه يخسر.. هل بحثنا لماذا يخسر.. هل العيب فى المشروع أم فيمن يديرونه.. هل درسنا سبل اصلاح وضع المصنع وإعادته إلى المسار الصحيح.. لهذا النشاط المهم الذى هو أم الصناعة أم سندفن حلما عمره سبعون عاما؟

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة