دار الافتاء المصرية
دار الافتاء المصرية


ما حكم غرامة الكمامة ؟.. «الإفتاء» تجيب

إسراء كارم

الثلاثاء، 19 يناير 2021 - 05:11 م

تحرص الحكومة على متابعة التزام المواطنين بتطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا ، مع تطبيق غرامة عدم ارتداء الكمامة.

وعن سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية، حول حكم فرض غرامات لـعدم ارتداء الكمامة، قال فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، إن مثل هذه الغراماتُ المالية إنما هي من باب التعازير الشرعية التي لم يرد بتقديرها نص في الشرع، ومرجع تقديرها إلى السلطة التشريعية، وقد أقرها الشرع الشريف لتحقيق المقاصد الشرعية العليا وضبط النظام العام، والإلزام بدفع الغرامة جزاء عدم ارتداء الكمامة في المواصلات والمصالح العامة والخاصة هو أمر سائغ شرعًا.


ولفت إلى أن ذلك حتى يحصل الانضباط والالتزام بوسائل الوقاية من الوباء في مواطنها المطلوبة فقد ألزمت دول العالم -ومنها مصر- مواطنيها بارتداء الكمامة في مواطن التجمعات والمواصلات والأسواق والمحلات وغيرها مما هو مَظنّةٌ لانتشار العدوى، وأَوقَعت -بالإضافة إلى ذلك- غراماتٍ مالية على المخالفين؛ حتى يحقق القانون الملزم غرضه وغايته في التزام المواطنين بوسائل الوقاية؛ للحفاظ على حياة الناس وسلامة المجتمع، وهذا من باب التعزيرات المالية؛ والتعزيرات هي: العقوبات التي لم يرد نص من الشارع ببيان مقدارها، وترك تقديرها لولاة الأمر، ووظيفتها: حماية الأموال والأخلاق والنظام العام، ويكون ترتيب العقوبات فيها على حسب مقدار الاعتداء على المصالح المعتبرة في الإسلام.
وأكد مفتي الجمهورية أن مخالفة القوانين والقرارات والتعليمات الحكومية تجرُّ على الدولة تكاليف مادية باهظة -بشكل مباشر أو غير مباشر-، وهذا يظهر هنا في تكاليف العلاج الكبيرة وتجهيزات مستشفيات العزل الباهظة التي تنتج عن إهمال وسائل الوقاية وتكاثر حالات المرض وازدياد المصابين بعدوى الوباء؛ مما يتناسب مع الغرامة المالية التي يُلزَم بها المخالفون بتسببهم المباشر وغير المباشر في ذلك، حيث جاءت تنبيهات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية بضرورة ارتداء الكمامة في زمن انتشار الوباء، وأن التهاون في ذلك يزيد من فرص انتشار العدوى ويعرض حياة الكثيرين للخطر.
وأوضح أنه إذا كانت حاجة الإنسان الضرورية في الحفاظ على حياته ومهجته تبيح له الأخذ من أموال الناس: شرعًا؛ كما يقتضيه قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 173]، وترفع عنه العقاب قانونًا؛ كما جاء في المادة (61) من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937م من أنه: [لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره، ولم يكن لإرادته دخل في حلوله، ولا في قدرته منعُه بطريقةٍ أخرى]، فإن المصلحة العامة في الحفاظ على حياة المواطنين، تبيح -من باب أولى- تغريم المخالفين المتهاونين؛ لتفريطهم في الحفاظ على سلامة نفوسهم ونفوس الآخرين.

وورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال آخر حول هذه المسألة، نصه: «هل نحن مأمورون باتباع رأي الدولة في التعليمات والتوجيهات الخاصة بوباء كورونا؟ وهل نحن مأجورون على ذلك، خاصة لما فيها من تقييد لحرية الإنسان الخاصة؟»

 وأحابت الإفتاء بأن طاعة أولي الأمر سببٌ لاجتماع الكلمة وانتظام المعاش؛ فلا بُدَّ للناس مِن مَرجِع يأتمرون بأمره؛ رفعًا للنزاع والشقاق، وإلا عَمَّت الفوضى واختل النظام العام، ودخل على الناس فساد عظيم في دينهم ودنياهم.

وقالت إنه إذا انتشر الوباء وأصدر الحاكم تعليمات من شأنها تقييد حرية الإنسان الخاصة إلا أنها تصب في مصلحته أولًا ثم في مصلحة العامة؛ فيلزمه حينئذ طاعته والالتزام بتعليماته، ويأثم في مخالفتها إلا لضرورة، لعِظَم ما قد يؤول ترك العمل بها من مفاسد، فتحقيق مصالح العباد في أنفسهم وأموالهم ودينهم لن يتحقق إلا بطاعتهم لأولياء الأمور، إذ لو ترك الأمر دون حاكم مطاع لعم الهرج وكثر الفساد وضاعت الحقوق.


وأوضحت أن الفقهاء أجمعوا على أن طاعة الحاكم فيما يأمر به واجبة، ولو كان فيما يُكره، أو يُتردد في صحته -ما لم يكن ذلك معصية أو كفرًا بواحًا-؛ لأن الأمر بطاعته ثابت بنص قطعي، فلا يدفعه تردد أو كراهة، ولأن مفسدة معصيته أشد من مفسدة طاعته لو كان مخطئًا، لما في ذلك من تضرر المجتمع كله، ولتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة؛ قال إمام الحرمين الجويني في كتاب "غياث الأمم": [إن اجتهاد الإمام إذا أدى إلى حكم في مسألة مظنونة ودعا إلى موجب اجتهاده قومًا؛ فيتحتم عليهم متابعة الإمام] .

اقرأ أيضا: فيديو| محافظ كفر الشيخ: هدفنا رفع الروح المعنوية للأطقم الطبية

اقرأ أيضا:وزير التعليم العالي يوجه رسالة مهمة للأطقم الطبية من مجلس النواب ‎

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة