صور تعبيرية
صور تعبيرية


«التخسيس المميت».. أنظمة غذائية بدرجة «قاتل محترف»

محمد قنديل- ياسمين سامي

الثلاثاء، 19 يناير 2021 - 10:25 م

- ‮«‬الكيتو‮»‬‭ ‬تسبب‭ ‬أزمة‭ ‬قلبية‭ ‬حادة‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬منى‮»‬‭.. ‬وإغماء‭ ‬‮«‬ريهام‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬الريجيم‭ ‬الخالى‭ ‬من‭ ‬‮«‬الجلوتين‮»‬

- خبراء: ‬تصلب‭ ‬الشرايين‭ ‬والجلطات‭ ‬والفشل‭ ‬الكلوى‭ ‬والسكر‭ ‬أبرز‭ ‬المشكلات‭ ‬الناتجة‭ ‬عنها

- ‮«‬دايت‭ ‬العصير‮»‬‭ ‬كاد‭ ‬يقتل‭ ‬‮«‬محمود‮».. ‬وتورم‭ ‬جسد‭ ‬‮«‬جيهان‮»‬‭ ‬نتيجة‭ ‬‮«‬رجيم‭ ‬المياه‮»‬


لم تكن الفتاة العشرينية منى محمد، تتخيل أنها تسلك الطريق إلى الموت من خلال "الريجيم الذي تتبعه" لإنقاص وزنها، حيث رشحه لها بعض المقربين، بالإضافة إلى عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. "نظام كيميائي" يتيح لها فرصة فقدان العديد من الكيلوجرامات بشكل سريع، لكن بشرط منع السكريات والنشويات بشكل تام، وأن تعتمد في غذائها على الدهون والبروتين وبعض أنواع الخضروات فقط.

في البداية تعجبت منى من الاعتماد على الدهون في الغذاء لكن عند سؤالها لصديقاتها المتبعات لهذا النظام، أكدن لها أن هذا النظام الكيميائي "الكيتو" هو نظام سحري يمكنها من خلاله الحصول على جسد ممشوق كنجمات السينما العالمية، وبالفعل بدأت "منى" في اتباعه إلا أنها فوجئت بآثاره الجانبية قبل نتائجه في التخسيس المنشود.

لم تمر أيام وبدأت "منى" بالشعور بآلام شديدة في الرأس بالإضافة إلى انخفاض فى الضغط، وضربات قلب سريعة للغاية، محاولات لا فائدة منها من تناول بعض المملحات بالملح البحرى لرفع الضغط وتناول بعض الليمون، وتعرضت لأزمة قلبية حادة، كادت تودى بحياتها لولا توجهت للطبيب الذى طلب منها إجراء تحاليل شاملة لمعرفة المشكلة الرئيسية فى تدهور حالتها الصحية.

أنظمة كثيرة للتخسيس تعرضها بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعى ويتداولها بعض النشطاء وينصحون بها غيرهم لفقدان الوزن دون استشارة للطبيب أو المتخصصين، تؤدى إلى مضاعفات صحية وبعضها يؤدى للوفاة، حرصت "الأخبار" على الحديث مع بعض متبعيها وعرض تجاربهم مع تلك الأنظمة ومعاناتهم منها لتدق ناقوس الخطر من اتباع انظمة غير ملائمة مما يؤدى لتدهور الصحة العامة.

نظام الكيتو

فى أكتوبر الماضى فارقت الممثلة الهندية ميشتى موكيرجى الحياة عن عمر يناهز 33 عامًا، فى صدمة كبيرة أصابت أسرتها والوسط الفني، مما جعل من حولها يتساءل عن أسباب وفاتها، حتى تحدث والدها عن نظام "الكيتو" الغذائي، الذى اتبعته ميشتى قبل وفاتها، فى محاولة منها للحفاظ على نحافتها، الأمر الذى أصابها بالفشل الكلوى وتدهورت حالتها فى غضون أسبوع حتى الوفاة.

ويعتبر نظام "الكيتو" هو أحد أنظمة التخسيس الكيميائية والشائع عنه التركيز على الدهون والبروتينات ويبتعد عن الكربوهيدرات ما أدى لوفاتها، والنظام الغذائى الكيتوني، هو نظام قديم يعود للعام 1920 كمساعد فى علاج الصرع، وساهم فى تقليل أعراض هذا المرض، ولوحظ مساهمته فى خسارة الوزن، وقد اكتسب هذا النظام شعبية بين المتحمسين للصحة، بما فى ذلك المشاهير، بعد ارتباطه بفقدان الوزن بسبب نظامه الغذائى منخفض الكربوهيدرات والبروتين المعتدل والنظام الغذائى عالى الدهون.

وأكدت العديد من التقارير الطبية إن تقليل الكربوهيدرات يضع الجسم فى حالة استقلابية تسمى الكيتوزية مما يجعل الجسم أكثر كفاءة فى حرق الدهون، ومع ذلك حذر الخبراء مرارًا وتكرارًا من المخاطر الصحية طويلة المدى لهذا النظام الغذائي، ومنها على الكلى لجهة زيادة فى حصى الكلى، وزيادة إجهاد الكلى بسبب كمية البروتين المستقلبة، بالإضافة لتأثيرها على أمراض القلب بسبب كمية الدهون الكبيرة.

خالى من الجلوتين

الكيتو ليس النظام الوحيد الذى سبب مضاعفات لبعض متبعيه، لكن هناك العديد من الحميات الغذائية التى اتبعها البعض دون الرجوع للأطباء المتخصصين والتى سببت تدهور فى حالاتهم الصحية، ولعل من أبرز تلك الحميات نظام خالى من الجلوتين، والذى عرف عن طريق نجمات هوليوود الائى أعلنوا اتباعه للحصول على جسد مثالي، والجلوتين هو مادة موجودة فى مشتقات القمح وبعض المواد الأخرى مثل الشعير والشوفان وكذلك الشوكولاتة وبعض اللحوم وصلصة الصويا وصلصات السلطة الجاهزة وفتات الخبز وبعض السكاكر والمأكولات المعدّة للقلي، وبعض المأكولات الأخرى.

أصبح هناك "بيزنس" إنتاج مواد خالية من الجلوتين، وهذا بعض اقبال العديد على هذه المنتجات لتحقيق فقدان للوزن، لكن فى الأساس تلك المنتجات يستخدمها من يعانون من حساسية من الجلوتين فيتم إنتاجها لهم بشكل خاص، لكن مع حديث بعض النجمات عن فوائد هذه الحمية كنوع "ريجيم" اصبح الاقبال عليها كثيف للحصول على جسد متناسق على الرغم من تحذير الأطباء من نقص الجلوتين لدى الأصحاء وممن ليس لديهم حساسية.

تقول ريهام محمد، أنها عانت من التنمر لسنوات طويلة بسبب زيادة الوزن، للدرجة التى جعلت خطيبها يتركها لعدم نجاحها فى التخسيس، وكانت تتعرض لمضايقات فى الشارع، ويظنها البعض أكبر من عمرها بعشر أعوام على الرغم من أنها عشرينية، ودخلت فى اكتئاب شديد.

"فضلت ادور واشوف ايه الأنظمة اللى ممكن امشى عليها لحد ما لقيت المشاهير بيتكلموا عن حمية الجلوتين وفعلا بدأت امشى عليها لوحدي" هكذا أكدت ريهام التى شعرت بالحزن الشديد وكان ذلك دافعًا لها للبحث عن طريقة لفقدان الوزن.

قامت ريهام بشراء بعض المنتجات الخالية من الجلوتين من بعض الأماكن المخصصة لها، ومنعت كل المأكولات التى تحتوى على تلك المادة مثل القمح ومشتقاته واستخدمت بدائل، ومع الوقت بدأت بالفعل فقدان الوزن لكن هناك مضاعفات صحية بدأت بالشعور بها بعد ما يقرب من اسبوع فقط.

"في الأول كان صداع شديد ودوخة وبعد كدة حصلى اغماء، وفضلت مكملة عشان اخس، وفعلا فقدت فى اول اسبوعين 4 كيلو، وده شجعني، لحد ما حصلى ضيق تنفس واتنقلت المستشفى"، هكذا عبرت ريهام عن رحلتها فى الشعور بمضاعفات هذا النظام حتى ذهبت للطبيب لاستشارته وكل ما أخبرها به أن ما تفعله هو فى غاية الخطورة خاصة أنها لا تعانى حساسية جلوتين وأنه يوجد انظمة صحية تحتوى على كل العناصر الغذائية ويمكن من خلالها فقدان الوزن بشكل صحي.

بحسب تقارير طبية اطلعت عليها ريهام أكدت لها أن للجلوتين تأثير شبيه بتأثير المخدرات على الدماغ، ما يؤدى إلى اشتهاء الأطعمة واللجوء إلى الإفراط فى تناول الطعام، لذلك عدم تناوله يؤدى إلى فقدان الشهية مما يساعد على فقدان الوزن، ولكنها بدأت فى فقدان بعض العناصر المهمة لجسدها للتركيز والنشاط والحيوية وفيتامين ب المفيد للأعصاب، خاصة أن تلك المواد تمد الجسم بالطاقة وإذا لم يتم استعاضتها يحدث خلل فى الجسم حتى اذا كان يخسر كيلوجرامات، وأقلعت ريهام عن هذا النظام وبدأت فى استبداله بنظام صحى آخر.

ريجيم العصائر

انتشر ريجيم العصائر والترويج لها على بعض الصفحات المتخصصة فى الأنظمة الغذائية باعتباره يساعد على فقدان الوزن بشكل سريع ويساهم فى تنظيف الجسم من السموم، ويعد من أشهر الحميات الغذائية حيث يقوم الشخص بالاعتماد على تناول العصائر بشكل كلي، لكنه له العديد من الأضرار منها أنه لا يمد الجسم بالطعام الذى يحتاجه مما يجعل الشخص يعود لتناول الأكل بشكل أكثر مما سبق فيزداد وزنه مرة أخرى، كما أنه يسبب ترهل الجلد بسبب فقدان الوزن السريع، بالإضافة إلى أنه يرفع نسبة السكر فى الدم نتيجة تناول هذه العصائر.

هذا ما أكده بعض المتبعين لتلك الحمية الغذائية التى حذرهم بعض الأطباء منها لكن دون جدوى لازال البعض يلجأ لها باعتبارها سريعة، هذا ما أكده محمود مصطفى، من محافظة الإسكندرية، يبلغ من العمر 25 عامًا، قال أنه سمع كثيرًا عن هذا النظام لكنه لم يكن يتخيل ان هذا النظام سيتسبب له بعد 3 أيام فى هبوط حاد بالدورة الدموية كانت ستودى بحياته، لولا أن نقله أصدقائه من صالة الألعاب الرياضية إلى أقرب مستشفى أسعفته فى اللحظات الأخيرة.

"كنت بتمرن ولقيت الدنيا بتضلم فجأة ومش قادر اتنفس ومحستش بنفسى الا وانا فى المستشفى"، هكذا قال محمود الذى نصح غيره بعدم اتباع حميات غذائية دون طبيب وكذلك دون معرفة احتياجات الجسم والسعرات الحرارية التى يحتاجها، حيث تختلف من شخص لآخر، وكذلك يعانى البعض من أمراض مزمنة، لا ينصح لهم باتباع بعض الانظمة القاسية كمرضى السكرى والضغط وأمراض القلب مختتمًا حديثه "كان درس عمرى ما هنساه ومش هيتكرر".

النوع الواحد

"ريجيم البطيخ، ريجيم العنب، رجيم الآيس كريم، ريجيم النودلز" وغيرها من الأنظمة التى يعتمد عليها البعض لإنقاص الوزن، تعتمد على تناول صنف واحد فقط خلال يوم او اسبوع او 3 ايام على حسب كل شخص، حذر منه الأطباء مرارًا وتكرارًأ وأثبتت الدراسات أنه يسبب فقر الدم ومضاعفات صحية خطيرة لعدم حصول الجسم على احتياجاته لكن دون فائدة ولا يزال البعض يستخدم تلك الأنظمة سعيا وراء حلم نزول الوزن السريع، حتى أن البعض صار يتبع رجيم "المياه" أى شرب مياه فقط دون أى أطعمة لمدة 3 أيام لضمان نزول الوزن ما يقرب من 4 كيلو او 5 كيلو خلال هذه المدة.

هذا ما قالته جيهان أحمد، تبلغ من العمر 30 عامًا، بأنها اتبعت ريجيم المياه لمدة اسبوع، وبالفعل حققت نزول سريع فى الوزن ما يقرب 6 كيلو ولكن بمجرد عودتها لتناول الطعام لاحظت انتفاخ شديد فى جسدها خاصة منطقة القدمين واصبحت تعانى صداعا شديدا وضربات قلب سريعة وانخفاض فى الضغط، حتى مع توقفها عن هذا النظام عاد وزنها من جديد بشكل أسرع مما كانت عليه من قبل، ولا تعرف السبب.

"ندمانة كل الندم على الأنظمة السريعة دى لأنى عرفت من الأطباء ان الجسم لما تمنع عنه الأكل بشكل زيادة بيخش حالة مجاعة وبمجرد انك ترجع تاكل تانى يخزن الاكل فى شكل دهون" هكذا قالت جيهان والتى تحاول السير على انظمة صحية من جديد والبعد عن الأنظمة غير المتزنة.

تصلب الشرايين

في هذا الصدد، يعلق د. عبداللطيف المر، أستاذ الصحة العامة، بكلية الطب جامعة الزقازيق، بأن اتباع أنظمة "الرجيم" السريعة دون استشارة الطبيب فى غاية الخطورة على صحة الإنسان، وينتج عنها مضاعفات كارثية مثل تصلب الشرايين، والجلطات، والفشل الكلوي، وغيرها من المشاكل الصحية، لأنها ببساطة تحرم الجسم من عناصر غذائية هامة، مما يتسبب فى خلل بوظائف أعضائه.

ويتابع المر، بأن نظام غذائى مثل "كيتو"، يحرم الجسم من الكربوهيدرات، وهو الأمر الذى يمكن أن يؤدى إلى فقدان الوزن بشكل سريع، ولكن له تأثير سلبى على القلب والرئتين ووظائف الكبد، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من قبل من أنظمة فقدان الوزن التى تحرم الجسم من الكربوهيدرات والنشويات.

ويناشد أستاذ الصحة العامة، من يرغب فى اتباع نظام غذائى صحى يساعده على خسارة الوزن، فى اتباع منظومة غذائية متكاملة تعتمد على نظام متوازن يراعى فيه وجود المكونات الغذائية الخمس، وهم : الكربوهيدرات والبروتين والدهون والفيتامينات فضلاً عن المياه، وهى مجموعة من العناصر لابد من توافرها فى الوجبات بكميات محددة، مع ضرورة الابتعاد عن الوجبات السريعة ذات السعرات الحرارية المرتفعة، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة بشكل منتظم، مؤكداً أن جعل الطعام الصحى أسلوب حياة له مفعول السحر فى تجنب السمنة، التى تعد مرض خطير للغاية، وسبب رئيسى فى أمراض عديدة يعانى منها الإنسان مثل أمراض القلب و"الروماتيزم" والذبحات الصدرية.

مشاكل مدمرة

وتقول د. مروة شعير، خبير التغذية، والباحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، إن هناك العديد من الأنظمة الغذائية لفقدان الوزن تعتمد على أسس خاطئة، قد تؤدى إلى مشاكل صحية مدمرة، فالأنظمة الكيميائية وغيرها، تسبب فقدان للمياه والعضلات فى الجسم وليس الدهون فقط، وهو ما يترتب عليه أعراض خطيرة وأزمات صحية مثل سقوط الكلى نتيجة فقدان الدهون والعضلات بشكل سريع ومفاجئ، وكذا فقدان المياه مما يسبب أحياناً الجفاف، فضلاً عن أزمات الكلى والكبد، وتأثيرات سلبية على الخصوبة، ناهيك عن ما يسمى بمقاومة الأنسولين وينتج عنه الإصابة بمرض السكري.

وتحذر خبير التغذية من أن هذه الأنظمة قد تحقق نتائج جيدة فى البداية من حيث فقدان الوزن، ولكن سرعان ما يعاود الشخص فى اكتساب الوزن مجدداً، مع انخفاض معدلات الحرق بشكل كبير للغاية مستقبلاً.

وتابعت بأن أفضل نظام غذائى صحى يمكن اتباعه لإنقاص الوزن، هو نظام السعرات الحرارية، ويتمثل فى حساب السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم من خلال معادلة )وزن الجسم × 1.3 × 24(، لينتج عن هذه المعادلة متوسط عدد السعرات التى يحتاجها الجسم فى اليوم، وهنا يلجأ الشخص إلى خفض هذا المعدل بنسبة ٥٠٠ سعرة حرارية يومياً، مما يترتب عليه انخفاض الوزن نصف كيلو جرام أسبوعياً، دون أضرار صحية، لافتة إلى ضرورة الاعتماد على الطعام الصحي، مع الحرص على استهلاك كمية من السكر بمقدار ملعقتين يومياً لتنشيط معدلات الحرق.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة