نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

انسف «ترامبك» القديم

نوال مصطفى

الأربعاء، 20 يناير 2021 - 09:34 م

تتشبث معظم الشخصيات الدراماتيكية بسرقة الكاميرا حتى اللحظة الأخيرة. هذا ما فعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المنقضية ولايته فى 20 يناير2021 عندما خرج من البيت الأبيض مغادرًا واشنطن إلى فلوريدا وفى يده الحقيبة النووية. لم يكتف بكونه رابع رئيس فى التاريخ الأمريكى يرفض حضور حفل تنصيب الرئيس القادم جو بايدن، فقد سبقه جون آدامز وجون كوينسى آدامز وأندرو دونسون، بل أصر على أن يبعث رسالة إلى العالم يقول فيها إنه وحده يملك مفاتيح تدمير العالم إذا أراد!.

الشئ الذى لم يفكر فيه، ولم يحسب حسابه هو أن المسئولين العسكريين فى الولايات المتحدة سوف يقدمون حقيبة نووية ثانية للرئيس الجديد بايدن مؤمنة بكلمات سر وأكواد مختلفة، وبذلك تصبح حقيبة ترامب "فشنك" أى منتهية الصلاحية!

سيبقى الرئيس دونالد ترامب علامة فارقة فى تاريخ الولايات المتحدة، ليس بما قدمه من انتعاش اقتصادى غير مسبوق، لكن بالقرارات العنصرية التى سيلغى الرئيس بايدن 12 منها فور جلوسه على مقعد الرئيس فى البيت الأبيض.

أول القرارات التى سيتم إلغاؤها قرار حظر دخول رعايا دول ذات غالبية مسلمة الأراضى الأمريكية. هذا ما أعلنه رون كلاين الذى اختاره بايدن لتولى منصب كبير موظفى البيت الأبيض. أما شبكة السى إن إن فوصفت ما سيحدث بأنه "تمزيق لسياسات ترامب".

12 أمرًا تنفيذيا سيصدرها بايدن لإصلاح ما أفسده ترامب، بعضها يتعلق بالتصدى لجائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد الأمريكى، والبعض الآخر يتعلق بقضايا اللامساواة العرقية، والتغير المناخى، ومنح الجنسية الأمريكية لأحد عشر مليون مهاجر. سوف تعود الولايات المتحدة بمقتضى هذه الأوامر إلى اتفاقية المناخ الموقعة فى باريس.

الإدارة الحالية ومعظم النخب الأمريكية تعتبر الفترة الرئاسية الوحيدة التى تولى فيها دونالد ترامب الحكم كارثة عصفت بصورة أمريكا وشوهتها أمام العالم. يبدو أن الرئيس المنقضية ولايته لم يقرأ مواد الدستور الأمريكى الذى تنص بنوده على المساواة وعدم التمييز بين البشر على أساس اللون أو العرق أو الدين. وأغلب الظن أنه لم يقرأ تاريخ بلاده التى تأسست وازدهرت وأصبحت قوة عظمى بفضل ملايين المهاجرين الذين تركوا بلدانهم الأفريقية، الأوروبية الشرقية وراحوا يبحثون عن أرض بكر يحققون فيها أحلامهم بحياة أفضل.

الحلم الأمريكى فسره الرئيس ترامب بقوة الاقتصاد فقط، دون أن يدرك أن الهوية والأسس التى نشأت عليها الدولة هى الأهم حتى تحتفظ بدورها السياسى المحورى كقوة عظمى. ولأنه متواضع الثقافة فقد تعامل مع دولة كبرى بحجم الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها واحدة من سلاسل شركاته التجارية، ولم ينظر إلى أى جزء فى الصورة الكلية إلا الجزء المتعلق بالمكسب والخسارة. زيادة قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى كدليل على قوة الاقتصاد أثناء حكمه. أغلق باب الأمل فى وجه ملايين المهاجرين إلى الولايات المتحدة، ألغى معاهدات دولية فأظهر الدولة الكبرى بمظهر لا يليق بدورها الدولى المعهود عبر عقود من الزمن.

أما الكارثة التى لن ينساها له العالم كله فهو ما حدث فى مبنى الكونجرس يوم 6 يناير 2021 حينما اقتحم الحمقى، الخارجون عن القانون والذوق والعرف المبنى العريق، وعاثوا فيه تدميرًا وتخريبا يوم انعقاد المجلس للمصادقة على نتيجة الانتخابات، واعتماد الرئيس جو بايدن الرئيس المنتخب، وذلك بتحريض من الرئيس ترامب!

رغم كل ذلك، سيظل الرئيس ترامب فى ذاكرة الملايين حول العالم الرئيس الأكثر إثارة، الذى يتميز بخفة دم شديدة وغرابة تصل لحد اللامعقول. الحقيقة أنه أضحكنا كثيرا على مدى السنوات الأربع الماضية، ولا يزال، وكأن شر البلية ما يضحك!.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة