هنا مشرحة زينهم.. موت مفاجئ لعروس وأسرتها في ليلة الدخلة 
هنا مشرحة زينهم.. موت مفاجئ لعروس وأسرتها في ليلة الدخلة 


حكايات| هنا مشرحة زينهم.. موت مفاجئ لعروس وأسرتها في ليلة الدخلة 

نادية البنا

الجمعة، 22 يناير 2021 - 03:30 م

 

«الحب لا يعرف المؤهلات الدراسية ولا الفروق الطبقية، فهو دائما لا يعرف المستحيل، ودائما ما يتعاهد المحبان ألا يتفرقا طوال حياتهما، ويدعون الله أن يجمعهما في الجنة بعد موتهما، فكثير من عهود الحب نطلقها وندعوا بها ولا نعلم هل سنفي بها، وهل سيستجيب الله ولا يتفرق الأحباب؟»

 

بين أروقة مشرحة زينهم في القاهرة، سمع طبيب التشريح الدكتور محمد الشيخ تفاصيل أغرب قصة حب، فلم يكن العهد بعدم الفراق بين الحبيب والحبيبة فقط، وإنما بينها وبين أمها وأخيها. 

 


لم تستطع وفاء وأمها وأخيها أن يفترقوا فجمعهم ملك الموت في مشرحة زينهم، ذلك المكان الذي تحاوطه أسوار عالية صعب اجتيازها إلا من مدخل محدد، ويغلق أبوابه على الكثير من الحكايات الغريبة، والمؤلمة في ذات الوقت؛ حيث يروي الدكتور الشيخ بعضها والتي قد يعتقد البعض أنها أسطورية وغير منطقية ولكنها حدثت بالفعل داخل المشرحة، وتعرضها «بوابة أخبار اليوم» في سلسلة حلقات.

 

الحلقة الثالثة.. ابتسامات الموت وملك الموت

 


عند الساعة الثالثة فجرًا، صعد مساعد دكتور التشريح إلى مكتبه ليبلغه بحضور جثة لفتاة في العشرينات متوفاة واليوم هو يوم زفافها.. في تلك اللحظة توقع الدكتور أن تكون الوفاة بسكتة قلبية بسبب الإجهاد والتوتر الذي تتعرض له العروس قبل الزفاف، أو أن زوجها اكتشف أنها ليست عذراء فقتلها، فنزل الطبيب مسرعا ليعاين الجثة ويعرف سبب الوفاة.

 

اقرأ الحلقة الأولى| هنا مشرحة زينهم.. جثث متحركة ولحظات رعب لطبيب التشريح

 

وفور نزوله طلب رؤية الزوج ليسمع منه ما حدث فقال الزوج: «بعد انتهاء الفرح ووصولنا لمنزل الزوجية وأصبحنا بمفردنا، طلبت مني وفاء أن تصلي ركعتين شكر لله على إتمام الزواج بعد 3 سنوات من المعاناة مع أعمامها ليقبلوا بزواجي بها، وقالت سأصلي ركعتين ثم أنادي عليك لنصلي معا، فغازلتها وضحكنا وقولت لها منتظرك».

 

وبالفعل دخلت العروس وبدلت فستان الفرح وارتدت «إسدال صلاة» وتوضأت وبدأت في الصلاة وكنت أسمع صوتها وهي تدعي وتبكي، فتركتها وأغلقت الباب وخرجت، ولكن طال الوقت وبعد ساعة إلا ربع، رأيت خيال على الحائط فتوقعت أنها قد انتهت من الصلاة، فدخلت وجدتها ساجدة فبادرها بسؤال ضاحك: «هل سنقضي ليلة الدخلة في قيام الليل؟»

 

ويحكي الشاب: «لم تحرك ساكنا، ولم أسمع صوت دعائها، فاقتربت منها أهزها وبمجرد لمسها وقعت على سجادة الصلاة ولا تتنفس، ووجهها مبتسم، خرجت كالمجنون أصرخ واستغيث بالجيران، ومنهم من سكب عليها الماء وحاول إفاقتها ولكن دون جدوى، وأخذناها وذهبنا للمستشفى، فعلمت حينها من الطبيب أنها توفيت، ولكن لعلمهم أنها عروسة في ليلة دخلتها شكوا بأن يكون هناك شبهة جنائية وحولوها للطب الشرعي».

 


هنا وجه الطبيب الشرعي سؤالا للشاب: «وماذا كان الخيال الذي رأيته؟»، فرد لا أعلم ولكنه خيال لإنسان طويل جدا من الأرض للسقف وخلفه شئ يشبه الجناحات.. في تلك اللحظة توقع الطبيب أن هناك شيئًا من الإثارة والغموض في قصة هذه العروس».

 

استدار الطبيب ليتوجه لغرفة التشريح، فوجد سيدة طيبة ووجهها برئ جدا على حد وصفه تقول له لو سمحت يا دكتور.. وقبل أن تكمل كلامها قال لها «أنتي أمها وعايزة تشوفيها» فقالت: نعم، ورغم أن ذلك ممنوع وافق الطبيب أن ترى ابنتها قبل التشريح، وطلب من مساعده أن يزيل أداوت التشريح حتى لا تراها الأم ويغطي جسد البنت ولا يظهر منها إلا وجهها فقط، ودخلت مع الطبيب لترى ابنتها في منتهى الهدوء والثبات.

 

 

 

بمجرد ما وقع نظر الطبيب على البنت لم ير إلا ملاك نائم مبتسم وهادئ ومطمئن، قائلًا: «شكلها كان يفرح ويواسي أي شخص حزين عليها»، وبمجرد ما رأت الأم ابنتها ابتسمت بهدوء، وقبلت جبينها وقالت لها: «طيبتي حية وميتة يا حبيبتي، إنا لله وإنا اليه راجعون، لا إله إلا الله».

 

واستدارت لتخرج من غرفة التشريح بمنتهى الهدوء والصبر ولكنها شعرت بدوار فسندها الطبيب وذهب بها لغرفة الأشعة لتستريح فطلبت منه مياه لتشرب وسجادة صلاة لتصلي، وتركها تصلي وتدعي وتبكي، وذهب لغرفة التشريح ليبدأ في عمله، وبالكشف المبدئي على البنت تبين أنها عذراء، ولا يوجد أي أثار عنف.

 

اقرأ الحلقة الثانية| هنا مشرحة زينهم.. صوت تعذيب «الدجال» مغتصب النساء قبل دفن جثته

 

في تلك الأثناء لمح الطبيب ضوءا أبيض على شكل إنسان يسير في اتجاه غرفة الأشعة وله جناحان فتذكر الخيال الذي رآه العريس فترك ما بيده وخرج مسرعا في اتجاه الغرفة فرأى ذلك النور يخرج ولمسه وهو خارج وشعر الطبيب وقتها أن برودة شديدة صعقته، فوقف مكانه لثواني ثم استجمع قواه ودخل ليرى الأم ساجدة فاقترب منها ولمس كتفها فسقطت متوفاة مبتسمة ووجها يضيئ بالرضا، فحملها للكنبة وبكى وقال لها ماذا بينك وبين الله أنت وابنتك لتموتا بهذا الهدوء والرضا والسلام».

 

 

ورجع الطبيب لغرفة التشريح وهو متوتر فسأله مساعده ماذا حدث فقال له إن الأم توفيت، كما توفيت الأبنة، ونظر لوجه البنت فوجد ابتسامتها زادت وعينيها أغمضت باطمئنان وسكينة، فذهب للزوج ليخبره بما حدث فزاد انهياره ومسك يد حماته وظل يقبلها، ويدعوا لها.

 

فسأله الطبيب هل يوجد أحد من أقاربهم هنا، فقال له لا يوجد سوى ابنها وهو جالس في السيارة بالخارج منهار، فقال الطبيب سوف أخرج لأخبره بما حدث، وخرج الطبيب وجيران العروس ينظرون إليه بترقب يريدون أن يفهموا ما يحدث، فصعد داخل السيارة وجلس بجوار الابن ولكنه لم يلتفت إليه، وعندما وضع الطبيب يده على الابن وجده ميتًا بنفس الابتسامة!!

 

ويواصل الطبيب روايته، قائلا: «في لحظات كانت الأم وابنتها وابنها مستلقيون على ترابيزات التشريح داخل مشرحة زينهم، بعد ساعات معدودة  من فرح الابنة».

 

رجع الطبيب إلى مكتبه وهو يتسأل ماذا بين هؤلاء الثلاثة وبين الله سبحانه وتعالى، وما هو العهد الذي تعاهدوا عليه أن يعيشوا ويموتوا مع بعض، وكيف ماتت الابنة في أول يوم بعدت فيه عن أهلها، وماتوا جميعا في أول يوم بعدت عنهم البنت، وما سر ابتسامتهم وهدوئهم؟.. في تلك الأثناء سمع الطبيب تلاوة قرآن الفجر من مسجد السيدة نفيسة بالآية الكريمة «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ۝ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ۝ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ».


عرض الطبيب على العريس محمود أن يدفع رسوم الغسل والأكفان للثلاثة ولكنه رفض، ورد قائلا: «وفاء مدياني فلوس وقالت لي هتحتاجهم، فأخذت رقمه وتواصلت معه وحضرت الجنازة وأصبحنا أصدقاء، وروى لي تفاصيل حياة الأم وكراماتها، وكيف عانت وبارك الله في رزقها وأبنائها، بعد وفاة زوجها ورفض أهله منحها ميراثها، فعملت وكافحت حتى تخرجت ابنتها من معهد، وابنها في كلية هندسة، وأحبت الابنه محمود الذي لم يحصل سوى على الإعدادية، وساندتهم الأم لأنها وثقت في محمود وكانت تعطيه نقودا في السر ليشتري الشبكة والهدايا لابنتها ومستلزمات الزواج».

 

ويمضي الطبيب في روايته التي قصها العريس عليه: «يوم الفرح تركت الأم لابنتها كيس كبير به نقود كانت النقطة، والعروسة أعطت ذلك الكيس لعريسها قبل دخولها للصلاة وقالت له (خليه معاك هتحتاجه.. تعجب وقال لها هحتاجه في إيه دي فلوسك، ردت هتحتاجه في أي ظرف طارئ).

 

لم يكن يتوقع العريس أن تنقلب فرحته إلى ظرف طارئ لن ينساه، فبعد ثلاث سنوات حب ومحاولات لإقناع أعمام حبيبته بحبه وصدقه، والزواج منها رغما عنهم بموافقة أمها وأخيها، وجهزا بيتهما ليبدأو حياة سعيدة.. انتهت تلك الحياة في أولى لحظاتها.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة