صبرى غنيم
صبرى غنيم


رؤية

لماذا اختاروا حى الزمالك فى سلسلة ذاكرة مدينة؟

صبري غنيم

الأحد، 24 يناير 2021 - 06:44 م

 

أعجبتنى مبادرات الجولات التراثية والتى أطلقتها وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم بغرض الحفاظ على المبانى التى لها تاريخ عمرانى وثقافى، لذلك وقع الاختيار على حى الزمالك على اعتبار أنه يدخل فى الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع الوطني، والمقصود من هذه الذاكرة عمل جولات ثقافية حضارية لأهم المناطق والشوارع المصرية العتيقة التى تطلب وزيرة الثقافة من المدارس والجامعات ومراكز الشباب المشاركة فى نشر الوعي للحفاظ على الهوية المصرية..

ومن هذه المبادرات عرفت لأول مرة أن حى الزمالك تم انشاؤه فى العصر المملوكى من حوالى ٨٠٠ عام، هذا الكلام على لسان أستاذ العمارة الدكتور أسامة النحاس..عضو اللجنة العليا بالتنسيق الحضاري.. وله فى هذا مقولة.. فهو يعتمد فى التعريف بالتراث الحضارى من خلال "الحجر والبشر" لذلك يقول، إن حى الزمالك كان فى عهد أسرة قلاوون، وعلى الأخص الكامل شعبان بن قلاوون وهو من العائلة التى بها السلطان حسن وقد بنوا فى حى الزمالك عدة قصور وكان يطلق على حى الزمالك "الزملك" يعنى العشة الصغيرة باللغة الالبانية، ولما جاء محمد على فى مصر الحديثة منذ حوالى ٢٠٠ سنة قام بتغيير الاسم واستبدله باسم الزمالك..

ويعلق د.أسامة على اطلاق مثل هذه المبادرات من جانب وزيرة الثقافة والمهندس محمد أبوسعده رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى بأن القصد منها التعرف على هوية هذه الاحياء، فقد كان حى الزمالك مليء بالاشجار والنوادى وبه مسطحات هامة قد تم إزالة بعضها وأقيمت مكانها عمارات شاهقة، وكنت زمان تحب تمشى فى شوارعه والاشجار على الجانبين وكأنها عقد من الخضرة، وكانت الفاكهة تتساقط فوق الرؤوس من ثمار القشدة والمانجو، ومن المحزن أنه قد تم هدم عدد كبير من الفيلات التراثية بسبب انفلات الجهات الحكومية والمجتمع الذى تهاون بالتفريط فى هذا التراث..

وتدخل المذيعة أمل نعمان فتقول، إن الشيء المؤلم أن تتحول الخضرة فى قلب حى الزمالك إلى مظاهر من القبح الآن بعد اقتلاع الاشجار، واختفاء الهدوء من شوارعها بسبب انتشار المحلات والباعة الجائلين.. وأنا معها لأن الادارة المحلية هى المسؤولة عن العشوائيات التى حلت على الزمالك..

الذى يؤسف له أن تتحول المساحات الكبيرة فى قلب حى الزمالك إلى عشوائيات يعنى إلى الفوضي، مع أن الزمالك كانت فى يوم ما مقصداً لسكن السفراء الأجانب، وكانت نخبة من الفنانين والفنانات الكبار يسكنونها مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وسراج منير وسعاد حسنى ومحمود المليجى وفاتن حمامة وبليغ حمدى ومن الرياضيين صالح سليم ونخبة من المهندسين ورجال الأعمال، ولكن حى الزمالك تغير الآن ومن يدرى بعد "المترو" قد يدخل "التوك توك"، كل شيء أصبح جائزاً بعد الفوضى التى حلت عليها، لقد أصبحت الزمالك تعانى من الزحام ولم تعد معروفة بالحى الهادئ..

أنا على يقين أن الجهاز القومى للتنسيق الحضارى لن يستطيع أن يفعل شيئا وبالتالى لن يحقق طموح وزيرة الثقافة لأنه لن يعيد الزمالك إلى ما كانت عليه، ثم أين هو هذا الجهاز لم نسمع عنه عندما حلت الفوضى على جزيرة الزمالك مع أنها ليست حى مثل مدينة نصر الذى يمتد إلى جبال، بينما تحيط بها مياه نهر النيل وكل يوم عن يوم تزداد قبحا بسبب اهدار الادارة المحلية التى تتربص بها.. مسكينة وزيرة الثقافة التى تحاول أن تعيد التراث لكن بعد فوات الأوان، بعد هدم الفيلات والقصور وهدمنا معها تراثنا المعمارى وتحولت المساحات الخضراء إلى قبح.. بعد أن ذبحنا مئات الأشجار منها وأقمنا بدلا منها علب كرتون تحمل اسم ابراج سكنية..

ولا أعرف لماذا لا نتعلم من رئيس الدولة، الرئيس السيسى يوم أن تبنى العشوائيات وأقام بدلا منها عمارات سكنية تتمتع بالقيم الجمالية والخدمات.. تحيط بها حدائق وممرات ومدارس ومكتبات.. ثم لماذا لا نستفيد أيضا بتجربة الرئيس فى مدينة العلمين أو مدينة المنصورة الجديدة.. يا جماعة طلوا على مبانيها وانظرو إلى القيم المعمارية الحديثة فيها..

أنا لست ضد مبادرات وزيرة الثقافة لكنى أشفق عليها طالما أن الأجهزة المحلية تهدم كل شيء جميل من تراثنا القديم وهذه هى مصيبتنا..

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة