جدارية الثورة للفنان الراحل عمر النجدى
جدارية الثورة للفنان الراحل عمر النجدى


علم مصر أيقونة جمالية

بعد عشرة أعوام على «يناير»

أخبار الأدب

الإثنين، 25 يناير 2021 - 01:12 م

فاطمة على

عام الثورة 2011 والعام التالى مرا مشحونين بانفعالات ثورة شباب وشعب من جميع الفئات وأيضاً بفنانى مصر فى جميع المجالات ومنها مجال التعبير بالفنون التشكيلية.. وكانت السنة الأولى من أخصب فترات الإنتاج الفنى كثافة وتنوعاً بين التوثيق الفنى التاريخى وبين إبداع من وحى الحدث ولم يُضاه تلك الفترة إلا فترات من فن الستينيات فى حيويته وقدرته التعبيرية..

جيل جديد مغرم بعلم مصر

 بعد دفق من اللوحات صاحب العام الأول والثانى على الثورة.. بدأ يتناقص فى الأعمال الفنية الإحساس بمظاهر الثورة.. واختفت مظاهرها من لوحات الفن ومن التماثيل النحتية المعبرة.. ولم يبق من الثورة مظاهرها ولكن بقى الرمز.. وأقصد بالرمز علم مصر الذى ساد كل الأماكن وطوال الأعوام وإلى اليوم.. فكان علم مصر ومازال بألوانه وهيئته رمزا أعلى من كل تفاصيل المشاهد الأخرى ممتدا فى اللوحات بحيوية تُغنى عن السرد البصرى لأى حدث آخر.. فكان العلم هو دلالة على الحدث الثورى والذى إمتد فى كثير من اللوحات التى ظهرت فى عامها الأول.. وإلى الآن قد نرى العلم ممتدا فى لوحات كرمز للثورة لم تنته دلالته..وليمتد أيضاً فوق الجدران وفى الشوارع والمبانى التى امتلأت بألوان العلم وهو أكثر ما تفاعل معه المصريون وخرج جيل جديد من رحم الثورة مغرماً بعلم مصر..
من الواقع الثابت فى كل اللوحات تقريباً هو أن «علم مصر» هو أيقونة الثورة وروحها المتأججة.. وهو سر وطاقة دفع الثورة الحقيقى.. ولأن أكثر ما ترتاح اليه أبصارنا ويهدأ من روعنا فى الأزمات هو رؤية علمنا مرفوعاً مرفرفاً وهو الرمز والفكر.. والذى تحت ظله يقودنا بمجرد ظهوره ثنائى الأبعاد ذى الهيكل الداخلى البسيط فى خطوط ومساحات ثلاث هندسية ملونة ذات المعنى الرمزى المعقد وبين النسر الكائن العضوى ليجمع علمنا بين العضوى والهندسى ككائن عضوى هندسى جمالى.. ويصبح العلم على بساطته المفرطة غامض كأنه كائن متوحد هو والتاريخ.. ولكن حين يتعامل معه الفنان فى لوحته يبدو فى بعضها وكأنه علامة معلقة على الجدار بل ربما معلق على سطح الجدار أمام اللوحة.. ليجعلنا نتساءل : لماذا نقول فى الغالب عن العلم المصرى داخل لوحات الثورة هو عمل فنى وليس بعلم ؟.. بينما العلم الذى نراه أيضا مرسوماً على جدار مبنى نراه كعلم وليس كعمل فنى.. فهل لأن العمل أصبح قطعة كلاسيكية محتفظ بذاته أو بتاريخه داخل اللوحة ؟.. أعتقد أن العلم لا يرجع للمكان أو الزمان الذى يطرحه ففى أى زمان ومكان نجد العلم مكتفياً بذاته كسيرة ذاتية للوطن.. وهو أيضاً رؤية ومضاهاة وبطولة.. وأيضاً أدبياً أدرك أحياناً العلم كأنه رواية عظيمة تجسد حقائق مؤكدة مُتداخله تخفى أحداثاً بسيطة وهائلة فى ذات الوقت..
 ومن أهم الفنانين الذين أجادوا وأبدعوا فى لوحات العمل جماليا ً ورمزياً الفنانين : سمير فؤاد.. فريد فاضل.. عمر عبد الظاهر.. وحلمى التونى.. وثروت البحر.. ومن الأعمال النحتية تميزت منحوتات امثال محمد العلاوى حول ضبابية الرؤية. وتمثال ناثان دوث جنازة الشهيد.. وإنطلاقة الثورة للمثال أحمد عبد العزيز .
فنون الجرافيتى والعالم الافتراضى

إضافة للوحات الفن التى ضمتها قاعات الفن.. شهد الشارع المصرى مئات من لوحات جدارية لفن الجرافيتى المرسومة بطريقة الإستنسيل والإسبراى الملون أو بالفرشاه والتى لم تخرج من مراسم فنانين بل وُلدت فى الشارع فوق الجدران وبفرشاة وألوان أشخاص لا ينتمون للفن..فكانت فن اللحظة الراهنة بكل شحنتها الانفعالية البصرية وبدلالات عدة لتوصل رساله لجمهور الشارع المار الى جوارها او حتى للذى يراها عن بُعد تعبيراً عن الثورة الخارجية والداخلية للشباب.. وقد شارك بعض شباب فنانين بتقنياتهم الحديثة على المزج بين الصورة الفوتوغرافية كولاجياً والكلمات والجمل المنقولة نصاً من ملصقات اواعمال جرافيتية ظهرت على جدران ميدان التحرير مضيفين إليها تقنيات عالية القيمة التعبيرية فجاءت أعمالهم جامعة بين الصورة الواقعية والرمز.. وشباب آخرون اعتمدوا على التعبير عن الثورة برسم وجوه شهدائها جرافيتيا تكريماً وتذكيراً بهم..
.. وإلى جانب رجل الشارع الموجهة اليه الرسالة نجد أن الرسامين المجهولين للجرافيتى كونوا بأعمالهم واجهة عرض أخرى موازية عبر العالم الافتراضى على شبكة النت والتواصل الإجتماعى ومن العالم الإفتراضى إلى الواقعى وبالعكس تتابعت الأعمال الفنية المذهلة فى سرعة إنجازها وبأفكارها الوهاجة بالأمل..

عام تنافسات قاعات العرض

فى العامين الأولين بعد الثورة بدت الأعمال الفنية التى خرجت من مراسم الفنانين إلى قاعات العرض مُحملة بشحنة انفعالية عالية فى التعبير والتنفيس بالفن عن الثورة وتأرجحها بين التوثيق التسجيلى والتعبير الفنى.. لنجد بعد شهور قليلة من الثورة أن تنافست قاعات العرض لعرض اللوحات المعبرة عن مظاهر الثورة إن كانت أعمالاً من قلب الحدث.. أو أعمالاً رُسمت تحية للثورة أو أعمالاً من صور فوتوغرافية.. واستمر اعتكاف الفنانين شباب وكبار فى مراسمهم فى الشهور الأولى ممتلئين بحماسة التعبير عن الثورة بمظاهراتها وشهدائها والمعتقلين والشباب والنساء وتجمعات البشر الهادرة وذلك فى عامهما الأول والثانى.. وممن قدم فى ذلك الوقت عرض قاعة الأوبرا لصور فوتوغرافية لمصورين صحفيين ضمن إحتفالية فنية بعنوان « سجل يا زمان ».. وعرض أتيليه القاهرة معرض بعنوان «كاريكاتور الثورة «.. وعرضت قاعة سفرخان بالزمالك عرضاً لثلاثة فنانين شباب هم باسم سمير وحسام حسن وعلاء طاهر.. وقاعة خان المغربى تلقت أعمال من وحى الثورة لكبار الفنانين وعرضتها.. وقاعة الزمالك للفن عرضت لفنانى القاعة الكبار عرضاً بعنوان «مصر الأم».. وقدمت قاعة بيكاسو بالزمالك خمسة لوحات هامة لخمس فنانين معبرين عن الثورة.. وعرض الفنان طه قرنى جانب من لوحاته الجدارية توثيقية أقرب للصورة الفوتوغرافية عن مظاهر الشارع فى الثورة فى قاعة بيكاسو بمظهرها المتمثل فى المظاهرات الشعبية دون الاقتراب او حتى محاولة طرح فكر الثورة معتمداًعلى التسجيل البصرى الحرفى بل والنقل من الصورة الفوتوغرافية حرفياً.. وعرضت القاعة أيضاً لأعمال فنانيها سمير فؤاد وحلمى التونى..

أول جدارية متكاملة للراحل النجدى

ويُعد أول عمل فنى متكامل عن الثورة جدارية أبدعها الفنان الكبير الراحل عمر النجدى بعنوان «25 يناير» وبلغت أبعاد جداريته الضخمة عشرة أمتار طولا وارتفاع مترين ونصف المتر وعُرضت مساء السبت 30 يناير وحتى 9 فبراير فى قاعة إيزيس بمتحف محمود مختار فى إحتفالية تليق بالفنان وبجداريته.. فى الجدارية سجل الفنان الكبير الأحداث الأولى للثورة فى أكبر ملحمة جدارية بدأها بالشهيد الأول خالد سعيد وإنتهت فى الجانب الآخر بالشهيد المبتسم.. مرورا عبر الجدارية بموقعة الجمل ومظاهرات الجماهير..

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة