سليمان نجيب برع فى اقتباس المسرحيات والافلام وكتابة المقالات والتمثيل
سليمان نجيب برع فى اقتباس المسرحيات والافلام وكتابة المقالات والتمثيل


66 عاماً مضت ولا يزال سليمان نجيب «باشا» النجوم

الأخبار

الأربعاء، 27 يناير 2021 - 09:16 م

أعداد : عاطف النمر 

لا يمكن أن ننسى واحداً من عظماء السينما والمسرح والكتابة الصحفية فى ذكرى رحيله ال 66 التى تمر علينا فى 18 يناير من كل عام، 66 عاماً ومازال " باشا النجوم "

الفنان القدير سليمان بك نجيب يضحكنا ويمتعنا بأعماله السينمائية، نشأ سليمان بك نجيب وتربى فى بيت ذى حسب ونسب، والده الشاعر والمفكرمصطفى نجيب، وخاله أحمد زيور باشا رئيس وزراء مصر، وشقيقه حسنى بك نجيب مديرالإذاعة، وعمه محمود باشا شكرى رئيس الديوان الملكى، وفى 1938 أصبح أول مدير مصرى لدار الأوبرا بعد أن كان هذا المنصب حكراً على الإنجليز، وفى ذكراه نقدم ما كتبته عنه مجلة " الكواكب " فى ذكرى رحيله الأولى :

سليمان بك نجيب هو الرجل الذى كان يكره النوم، ويكره الراحة، ويكره الهدوء، دائب الحركة، عطوف يبكيه طفل مشرد فى الشارع، أو رجل أو أمرأة عجوز لا مأوى لها، ويفرح قلبه ابتسامة طفل صغير، كان من نجوم لعبة " التنس "، والمشى من احب الرياضات إليه، كان يسير كل يوم من منزله فى جاردن سيتى إلى النادى الأهلى ويعود منه مشيا على الأقدام.

وفى الطريق كان يتعرض لمواقف طريفة تحدث بينه والمارة، كان سليمان بك عصبياً جداً، وكان بعض الناس يستقبلون عصبيته بالضحك، أما الذين لم يكونوا يعرفون طيبة قلبه وتسامحه فكانت تدهشهم عصبيته، وبعد لحظات يضحك الجميع عندما يكتشفوا طيبة قلبه.

كان يسير ذات يوم فى شارع القصر العينى فى طريقه إلى النادى الأهلى، كان الشارع يومها مزدحماً بالمارة على غير العادة، جمع من الناس كانوا يتفرجون على حادث تصادم سيارتين، واصطدم كتف أحدهم بكتف سليمان بك نجيب وما كاد الفنان يلتفت لهذا الشخص حتى داس آخر على قدمه، فألقى سليمان بمضرب التنس على الأرض وصرخ يعبرعن رأيه من الشخص الذى اصطدم بكتفه والذى داس قدمه، وقف الناس يستمعون إلى شتائمه دون أن يفتح احدهم فمه ليرد التحية بأحسن منها، وفجأة توقف سليمان بك عن الشتم ورح يقول : " يعنى هو مفيش حد قبيح إلا أنا.. أشتمونى زى ما بشتمكم.. ريحونى "، فضج من كانوا حوله بالضحك وصفقوا له وكأنه يمثل أمامهم مشهداً تمثيلياً، وبرغم الشهرة التى كان يتمتع بها فى دنيا الفن والمجتمع إلا انه لم يكن يضع للمال اعتباراً، ولهذا مات فقيراً، كان ينفق بسخاء، ويعيش ليومه فقط، قرر ان يسافر إلى أوروبا، بحث فى جيوبه وراجع رصيده فلم يجد إلا بضعة جنيهات لا تكفى لشراء تذكرة الطيران، فتقدم إلى أحد البنوك يطلب قرضاً بضمان مرتبه، وفى اليوم الذى تسلم فيه قيمة القرض خرجت إحدى المجلات بموضوع عن ثروات النجوم، وجاء فى الموضوع ان سليمان نجيب يملك 50 ألف جنيه رصيداً فى البنك، فلعن المجلة التى زجت باسمه بين النجوم الأثرياء واستخرج شهادة بالقرض الذى اخذه من البنك وذهب إلى رئيس تحرير المجلة يقدم له الشهادة بعصبية وهو يكيل كل ألفاظ الغضب، ووعده رئيس التحرير بأنه سوف ينشر اعتذاراً مصحوباً بشهادة البنك، وكتب صديقه محمد التابعى فى " آخر ساعة " ينتقد الجهل بقواعد وأصول وشرف المهنية الصحفية.. وفى عام 1952 بلغ سليمان بك سن المعاش، ورأت الحكومة ان تمد خدمته خمس سنوات لتستفيد من خبرته فى رئاسة الأوبرا، وابلغه وزير المعارف الخبر : " لقد قررت الحكومة ان تبقيك فى منصبك خمس سنوات "، اعترض سليمان على المدة وهو يقول : " هو حد ضامن نفسه خمس دقائق.. خليها سنتين بس "، فتقررمد خدمته عامين، وبإنتهاء العامين فى يونيو 1954 تقرر مد خدمته عامين، لكنه أصرعلى الاعتذار وهو يقول : " خلاص.. العمر خلص.. انا عايز ارتاح "، وبعد ثمانية أشهر رحل إلى جوار ربه وحزنت عليه مصر حزناً كبيراً.

عاش سليمان نجيب حياته بلا زوجة وبلا ولد، وذات يوم كان مدعواً للعشاء لدى احد رجال الملك فاروق، وبعد العشاء دار حوار فى السياسة والفن والحب والزواج وسأل احدهم سليمان نجيب عن الزوجة التى يتمناها، فقال من باب الفكاهة والدعابة : " ان كان على.. انا عايز اتجوز بنت السلطان "، وبعد أيام فوجيء سليمان باستدعائه للقصر الملكى ليحقق بشأن ما بدر منه فى سهرة العشاء وطمعه فى الزواج من بنت الملك، واكتشف سليمان نجيب أن أحد من كانوا فى السهرة وشى به ونقل كل ما جاء على لسانه بالطمع فى الزواج من بنت " السلطان " الذى يقصد به " بنت الملك "، وكاد سليمان نجيب ان يفقد منصبه كرئيس لدار الأوبرا بسبب هذه الوشاية لولا محبة الملك فاروق له وثقته به.

كانت مآدب الأفطار التى يقيمها سليمان بك نجيب فى شهر رمضان موضع حديث الجميع، إذ كان يحتفل بالشهر الكريم احتفالاً كبيراً، وكان يدعو إلى مأدبة الإفطار 20 صديقاً كل يوم، ويقدم لهم ألواناً من الطعام التركى والمصرى، وكان يحرص على صيام شهر رمضان ويلتزم بأداء فريضة الصلاة، وذات مرة فى رمضان ارتبط بتصوير احد الافلام واقتربت الساعة من الخامسة، ورأى سليمان نجيب ان المخرج لا يضع فى حساباته موعد أذان الإفطار، فنبه المخرج إلى انه مضطر ان يغادر الأستديو فى الساعة الخامسة ليعود إلى منزله لتناول الإفطار، ولكن المخرج لم يهتم بما قال، الأمر الذى اثار أعصاب سليمان بك فانفعل فى وجه المخرج وغادر الاستديو، وعقب تناول الإفطار هدأت أعصابه وبدأ يشعر بتأنيب الضمير لأنه أهان المخرج، فبحث عنه حتى عثر عليه ودعاه ليتناول معه طعام السحور، وأعجب المخرج بأصناف الطعام وقال لسليمان بك : " ان هذا أحسن اعتذار وهو على استعداد بأن يثير أعصابه كل يوم بشرط ان يعتذر له كل يوم بهذه الطريقة ".

كان سليمان بك فناناً صادقاً يحترم فنه ولا يقيم وزناً للأجر الذى يتقاضاه، وحدث ان تعاقد أحد المنتجين مع موزع افلام لبنانى ليبيعه فيلماً جديداً من انتاجه، واشترط الموزع ان يكون سليمان نجيب من نجوم الفيلم، ووافق المنتج حتى يقبض عربون الأتفاق، ولما حان موعد توزيع الأدوار بحثوا عن دور فى الفيلم يليق بسليمان نجيب فلم يجدوا، ووقع المنتج فى ورطة، لكنه استجمع شجاعته وذهب إلى سليمان بك نجيب فى نادى السيارات يشرح له الموضوع، فقبل سليمان بك ان يقوم بدور صغير لا يستغرق عرضه على الشاشة دقائق قليلة لكى ينقذ المنتج من هذا المأزق، ومن الجدير بالذكر ان سليمان نجيب كتب للمسرح المصرى أكثر من 40 مسرحية اقتبسها من أصول أجنبية، وكتب للسينما 20 قصة، وكان يكتب فى افيشات المسرحيات والأفلام انها من اقتباسه ويرفض ان يدعى انها من تأليفه من باب الأمانة، وحدث ذات مرة ان كتب مسرحية قدمتها فرقة " انصار التمثيل والسينما " التى ظل رئيسها حتى يوم وفاته، وفوجيء بإنذار من احد ادعياء الأدب يقول فيه ان هذه المسرحية " ملطوشة " منه، فجن جنون سليمان بك لأنه مقتبس المسرحية من أصل أجنبى وكتب ذلك فى كل الإعلانات، واتصل بالمدعى وحاول ان يقعنه بخطأ دعواه قائلاً له ان المسرحية من ترجمته واقتباسه، ومن الغريب ان مدعى الأدب صاح فى وقاحة وهو يقول : " وماله.. تبقى مقتبسها منى " !

فلعنه سليمان بك وأقام عليه دعوى البلاغ الكاذب.. رحم الله هذا الفنان والإنسان المحترم.

الكواكب‮‬‭ - ‬24‭ ‬يناير‭ ‬1956

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة