هالة العيسوي
هالة العيسوي


من وراء النافذة

رصاصة الرحمة للحديد والصلب

هالة العيسوي

الأربعاء، 27 يناير 2021 - 09:22 م

فى قلب الجدل الوطنى الدائر حول عملية مصنع الحديد والصلب، برزت عدة ملاحظات مهمة توجب التوقف أمامها بكثير من التحاور ورحابة الصدر عند الإجابة على ما تثيره من تساؤلات عند الرأى العام. فقرار التصفية. جاء وكأنه انتهاج لسياسة القتل الرحيم لمريض يحتضر، أو فصل أجهزة التنفس الاصطناعى التى تحافظ عليه رغم موته إكلينيكيًا.

الملاحظة الأولى: هى محاولة وزير قطاع الأعمال إبعاد مسئولية قرار التصفية عن الحكومة، استنادًا إلى أنه قرار الجمعية العامة للشركة، وليس قرارًا حكوميًا.

قد يكون هذا الرد مقبولًا عند الحديث عن شركات القطاع الخاص، لكن بما أننا بصدد مناقشة مصير إحدى شركات إرث القطاع العام التابع الآن لقطاع الأعمال الذى تتولاه إحدى وزارات الحكومة، فهذا يعنى أن القرار حتى لو صدر بلسان الجمعية العامة للشركة فإنه لم يكن بمنأى عن التشاور مع الحكومة والوزير المختص بنطاق عملها. ومعروف أن الوزير هشام توفيق ينتمى لمدرسة القطاع الخاص فى الإدارة وقد أثبت نجاحه فى هذا المجال، بل ربما لا أبالغ إن تصورت أن نجاحه هذا كان سببًا فى اختياره للمنصب الوزارى لكى يخلص الحكومة من عبء الأعمال والشركات الخاسرة ليديرها وينهض بها بمنطق ومنهج القطاع الخاص.

الملاحظة الثانية أن الوزير كان واثقًا، صريحًا، حين أعلن بحسم وتحدٍ أن "القرار لا رجعة فيه"؛ وهو ما يدعونا للتساؤل عن مصير الاستجواب الذى قدمه النائب مصطفى بكرى بشأن هذه القضية، وعن جدوى الاستجوابات النيابية عمومًا وأهمية الحوار المجتمعى فى مثل هذه الحالات التى لا رجعة فيها.

الملاحظة الثالثة هى: تهديده بالتنحى، "لو اتقال لى إن نظام العمل الخاص بى غىر صحيح"!!. والسؤال للسيد الوزير: كيف ومتى يمكن الحكم على صواب قراراته من عدمه؟ هل بعد وقوع الفاس فى الراس، وبعد مرور سنوات ليتسنى تقويم التجربة، وبيان جدواها من عدمه؟ ولو تنحى الوزير، أو استقال، أو حتى استقيل، هل تغلق القضية ومن الذى يتحمل تبعات قراره لو ثبت خطؤه؟

الملاحظة الأخيرة هى أن ثمة جدلًا وخلافًا صارخًا فى الرؤى ووجهات النظر والمصالح، بين الوزارة واتحاد العمال الذى لا ينظر بارتياح للقرار.

فيما يخص هذه الأخيرة يبدو أن لدى رئيس اتحاد العمال تصورًا أعلنه فى كثير من تصريحاته طالب الحكومة بالنظر فيها، ومنها السماح للشركة بالعمل بالفحم والغاز الطبيعى لتوفير النفقات وتقليل الخسائر فى الفترة الحالية، والتحقيق فى أسباب تعطيل محطة الأوكسجين التى تغذى السوق المصرية فى أزمة انتشار فيروس كورونا، وبحث قرار فصل المناجم عن الشركة وما يترتب عليه من تأثير واضح على العوائد المالية للشركة، مؤكدا أن رئيس شركة الحديد والصلب قدم خطة تهدف إلى تطوير المصنع وعدم تصفيته ولكن لم يتم النظر له، ما يعنى وجود بدائل فى الأفق تم تجاهلها. وفى حين يؤكد الوزير أنه لم يكن ثمة خيار آخر أو بديل عن تصفية شركة الحديد والصلب، نجده يباهى بوجود شركة الدلتا للحديد التى تبنى تطويرها بنفسه كبديل عن الشركة المنحلة!.

أظن أننا نحتاج أيضًا للاستماع إلى مزيد من آراء الخبراء حول مدى نجاعة خطة الوزير لتحويل أصول النشاط الصناعى إلى النشاط العقارى فى بلد يفترض أنه ناهض ويعتمد على التصنيع فى التنمية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة