الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى


خواطر الإمام الشعراوي.. بذل المال

الأخبار

الخميس، 28 يناير 2021 - 08:48 م

التضحية إما أن يجود الإنسان بنفسه، وإما أن يجود بماله، ولذلك فمن المناسب أن نتكلم عن النفقة وهى الجود بالمال.

‎إن الله سبحانه وتعالى رفع عنا العذاب من أجل وجود الضعفاء بيننا، لأن فى الضعاف يوجد شيء من الخير، ولتظل فى الوجود خلية من الخير حتى إذا ما أراد الوجود أن يفيق إلى الرشد، فإنه سيجد من الخير ما يرشده. إذن لولا الاقتتال لعم الفساد، وانتهت المسألة، لكن الناس اختلفت، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر "وَلَوْ شَآءَ الله مَا اقتتلوا"؛ أى لظلوا على منهج واحد من الكفر أو من الفساد، لكن الله يفعل ما يُريد. وفى الاقتتال كما نعرف هناك تضحيات بالنفس، وتضحيات من أجل أن تظل القيم السماوية على الأرض.

‎وتقتضى التضحية إما أن يجود الإنسان بنفسه وإما أن يجود بماله، ولذلك فمن المناسب هنا أن نتكلم عن النفقة وهى الجود بالمال، خاصة أنه فى الزمن القديم كان المقاتل هو الذى يُجهز عدة قتاله: فرسه، رمحه، سيفه، سهامه، لذلك فهو يحتاج إلى إنفاق، ويتكلم الحق عن هذه المسألة لأن الأمر بصدد استبقاء خلية الإيمان المصورة فى المنهج السماوى الذى جاء به الرسل؛ ليظل هذا المنهج فى الأرض حتى يفيء إليه الناس إن صدمهم الشر أو صدمهم الباطل فيقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)".

‎ونحن نعرف أن كل نداء من الحق يبدأ بقوله تعالى: "ياأيها الذين آمنوا"؛ إنما يدل على أن ما يأتى من بعد هذا القول هو تكليف لمن آمن بالله، وليس تكليفاً للناس على إطلاقهم؛ لأن الله لا يُكلف من كفر به، إنما يُكلف الله من آمن به، ومن اجتاز ذلك وأصبح فى اليقين الإيمانى، فهو أهلٌ لمخاطبة الله له، فكأنه يجد فى القول الربانى نداء يقول له: يا من آمن بى إلهًا حكيمًا قادرًا مُشرعًا لك، أنا أريد منك أن تفعل هذا الأمر.

‎إذن الإيمان هو حيثية كل حكم، فأنت تفعل ذلك لماذا؟ لا تقل: لأن حكمته كذا وكذا. لا. ولكن قل: لأن الله الذى آمنت به أمرنى بهذه الأفعال، سواء فهمت الحكمة منها أو لم تفهمها، بل ربما كان إقبالك على أمر أمرك الله به وأنت لا تفهم له حكمة أشد فى الإيمان من تنفيذك لأمر تعرف حكمته.

‎ولو أن إنساناً قال له الطبيب: إن الخمر التى تشربها تفسد كبدك وتعمل فيك كذا وكذا، وبعد ذلك امتنع عن الخمر، صحيح أن امتناعه عن الخمر صادف طاعة لله، لكن هل هو امتنع لأن الله قال؟ لا، لم يمتنع لأن الله قال، ولكنه امتنع لأن الطبيب قال، فإيمانه بالطبيب أكثر من إيمانه برب الطبيب. أما المؤمن فيقول: أنا لا أشرب الخمر؛ لأن الله قد حرَّمها، ولماذا انتظر حتى يقول لى الطبيب: إن كبدك ستضيع بسبب الخمر، فالرحمة هى ألا يجيء الداء.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة