عاطف زيدان
عاطف زيدان


يوميات الأخبار

أنا وحبايبي.. وكورونا!

عاطف زيدان

الخميس، 28 يناير 2021 - 09:22 م

"لقد اكتشفنا، بعد هذه التجربة المريرة، الحب الكبير الذى يجمعنا. اكتشف كل منا قيمته عند الآخرين. أيقنت أن الصحة أعظم نعمة، والعيلة أكبر هدية من الخالق سبحانه وتعالى"

لن أنسى هذا اليوم ما حييت. أعراض نزلة برد عادية، أصابت زوجتى. لم نعر الأمر اهتماما، فى البداية. فكم أصابنا البرد، وداهمتنا الأنفلونزا، فى فصل الشتاء. أدوية البرد متوافرة فى البيت. نصحتها بتناول بعضها، وإن شاء الله، سوف تختفى الأعراض. قلت ذلك، بينما داهمتنى مخاوف أن تكون "كورونا". طالبت زوجتى من باب الاطمئنان استشارة، الدكتور هشام نجيب طبيب قريب لنا. فطلب منها الطبيب، إجراء بعض التحاليل وأشعة مقطعية على الصدر.

فى مساء اليوم التالى، ظهرت نتائج التحاليل والأشعة. وجاء التشخيص الصادم، اشتباه كوفيد 19. وقام الطبيب مشكورا، بكتابة روشتة العلاج، وأمرنا بالخضوع للعزل المنزلى. كل فرد فى غرفة، مع ارتداء الكمامة، فى حالة خروج أى منا، من غرفته. مع تخصيص حمام للمدام، لا يستخدمه سواها. كما تضمنت التعليمات تناول نفس الفيتامينات، التى وصفها للمدام، لتقوية جهاز المناعة. وعدم الخروج إلى أعمالنا. واذا ظهرت أية أعراض علينا كمخالطين، يجب تعاطى بروتوكول العلاج بالكامل.

أيام عصيبة

مرت الأيام ثقيلة مرعبة، وتولت آخر العنقود ابنتى الدلوعة رنا، مهمة تمريض المدام، وتوزيع جرعات الدواء علينا، فى المواعيد المحددة، مع قياس الضغط والحرارة ونسبة الأكسجين فى الدم للمدام، ولى أيضا.

تفاجأت ببراعة رنا، فى الطبخ وإعداد المشروبات الساخنة، وتوزيعها علينا، بين الحين والحين. وإصرارها على التزام كل منا غرفته. وقيامها بتزويد كل منا بالطعام فى غرفته. ورفضت تماما دخولى غرفة زوجتى، خوفا على. التزمت بالتعليمات الصارمة، وأصبح المحمول وسيلتى الوحيدة للاطمئنان على زوجتى فى الغرفة المجاورة.

ليلة طويلة

قمت من نومى مفزوعا فى رابع ليلة، على حالة هرج ومرج واضطراب، وما إن فتحت باب الغرفة، إلا فوجئت بابنتى رنا تمنعنى وتستعطفنى للبقاء فى غرفتى. وقبل أن أسأل عن حالة زوجتى، والدموع تخنق صوتى، أخذتنى الابنة الحانية فى حضنها، وطمأنتنى: ماما بخير، شوية سخونية والدكتور متابع معانا، والحرارة بدأت تنزل. لم أهدأ إلا بعد سماع صوت زوجتى على المحمول، والاطمئنان عليها. طبعا لم ننم جميعا حتى الصباح. وسبحان الشافى المعافى، تحسنت حالة زوجتى فى اليوم السابع، واستقرت درجة حرارتها. أما نحن، فلم تظهر علينا أية أعراض. فقررت العودة للعمل. أما الزوجة فأكملت فترة العزل لمدة أسبوعين، ثم قامت بإجراء التحاليل والأشعة، وكانت النتائج رائعة. وسمح لها الطبيب بإنهاء العزل.

الحب الكبير

لقد اكتشفنا، بعد هذه التجربة المريرة، الحب الكبير الذى يجمعنا. اكتشف كل منا قيمته عند الآخرين. أيقنت أن الصحة أعظم نعمة، والعيلة أكبر هدية من الخالق سبحانه وتعالى.

أعترف أننا بعد هذه التجربة القاسية، أصبحنا أكثر حبا وودا وتسامحا وتكاتفا مع بعضنا البعض. حفظنا الله وإياكم من كل شر، وحمى مصر وأهلها من ذلك الوباء الذى لا يرحم.

فرحة ما تمت!

الثلاثاء:

سعدت كثيرا، بالطريق الحر الجديد، الذى أنشأته الدولة، من ميدان روكسى إلى ميدان رمسيس، مكان قضبان مترو مصر الجديدة. وأصبح هذا الطريق، اختيارى المفضل يوميا إلى عملى، حيث تستغرق الرحلة من ميدان روكسى، صعودا عبر مطلع غمرة إلى كوبرى أكتوبر، وحتى مقر الجريدة بشارع الصحافة ببولاق 15 دقيقة فقط، بدلا من 45 دقيقة قبل ذلك. لم أصدق ما جرى، ودعوت من قلبى لكل من ساهم فى توفير هذا الطريق.

لكن فرحة ما تمت! فما هى إلا أيام، وتدخلت العشوائية لإفساد الفرحة بهذا الإنجاز. فقد استغل سائقو الميكروباص، الفتحة المخصصة لخروج قائدى السيارات، للخروج من الطريق، وصعود كوبرى أكتوبر، من مطلع غمرة، وتزاحموا على الفتحة عكس الاتجاه، مما جعل الخروج من الطريق لصعود كوبرى أكتوبر، شديد الصعوبة. وزاد الطين بلة، قيام بعض جنود المرور، بإغلاق مطلع كوبرى أكتوبر عند غمرة. لتجد نفسك مضطرا، لدخول معجنة ميدان رمسيس، أو الانحراف يمينا عبر أحمد بدوى إلى شارع شبرا. وتضطر فى نهاية المطاف، إلى عدم استخدام الطريق الجديد الرائع، الذى تكلف ملايين الجنيهات، بسبب سلوكيات سائقى الميكروباص، وإغلاق مطلع غمرة إلى كوبرى أكتوبر، فى معظم الأوقات. ما أتمناه قيام إدارة مرور القاهرة، بتصميم فتحة الطريق الجديد قبل كوبرى غمرة، بطريقة تمنع دخول أى سيارة، عكس السير، وكذا عدم إغلاق مطلع غمرة إلى كوبرى أكتوبر، باعتباره المطلع الوحيد لكوبرى أكتوبر، للقادمين من شرق القاهرة، بدلا من التزاحم على مطلع العروبة وشارع صلاح سالم. ارحمونا يرحمكم الله.

شهد كرم سنارة

الأربعاء:

وقف أسانسير الجريدة، فى الدور الرابع، أثناء صعودى إلى عملى بصالة التحرير. وما أن فتح باب الأسانسير، حتى فوجئت بوجه صبوح، أعرفه جيدا منذ أن كانت صاحبته طفلة، سألتها بشوق وترقب: شهد كرم سنارة؟

أومأت برأسها، وعلى وجهها ابتسامة، تتطابق مع ابتسامة صديق عمرى والدها، الكاتب الكبير الراحل كرم سنارة. عرفت منها، أن الكاتب الكبير المحترم خالد ميرى رئيس تحرير الأخبار، وافق على تدريبها بالقسم الخارجى بالجريدة. سعدت سعادة بالغة، وثمنت غالياً هذه الموافقة الكريمة من رئيس التحرير المحترم وقائد أخبار اليوم الكاتب الكبير أحمد جلال. دعوتها للنزول معى فى الدور الخامس، لكنها أخبرتنى أنها تريد الصعود إلى قسم التحقيقات، ووعدتنى بالمرور علىّ فى صالة التحرير، بعد ذلك.

تفهمت دوافع شهد النفسية، لزيارة قسم التحقيقات. فقد شهد هذا القسم إبداعات والدها طيب الله ثراه، منذ كان محرراً وحتى رئاسته للقسم، قبل أن يكلفه الكاتب الكبير محمد حسن البنا رئيس التحرير الأسبق بالإشراف على ملحق يومى بعنوان "قلب مصر"، يرصد آمال وآلام أهالى كافة المحافظات المصرية، ويقوم بترقيته مديرا للتحرير. هنا فى قسم التحقيقات، حلم والد شهد وأبدع، وعلم ونقل خبراته لأجيال عديدة، يحفظون له، بلا شك الجميل.

ظللت غارقا بعد نزولى من الأسانسير، فى آخر لقاء جمعنى بالصديق كرم سنارة، قبل رحيله ببضع أيام. حيث عبر لى بوجه مضطرب، عن قلقه على أولاده، شهد ومحمد. خففت عنه قائلا: كلنا قلقون على أولادنا يا كرم، لا تحمل نفسك فوق طاقتها، اتركها على الله مثلى، فمن خلقهم أولى بهم، ربنا يعطيك العمر، وتربيهم وتجوزهم، إن شاء الله. أخذ نفسا عميقا من سيجارته وغادرنى، بينما أرجوه العودة.

ها هي "شهد" تدخل علىّ وزملائى فى صالة التحرير. عرفتها بهم جميعا، فرحبوا بها أحسن ترحاب، وسألتها: رحتى التحقيقات؟ قالت وقد اغرورقت عيناها بالدموع: أيوه وشفت مكتب بابا كمان.

حاولت أن أخرجها من حالة الحزن، فقلت لها بجدية: أنا على يقين يا شهد، إن بابا سعيد بك الآن، فقد كان قلقا عليك وعلى محمد أخيك، وها أنت الآن، ما شاء الله، تدرسين فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، وتتدربين فى الأخبار. ثقى أن كل نجاح تحققينه، سوف يسعد والدك، فاحرصى دائما على التفوق والتميز، من أجله.

اطمئن يا صديقى، فقد عشت حياتك صحفياً مقاتلاً منحازاً للضعفاء، منتصراً للحق. وها هى ابنتك، تسير بثقة على خطاك. رحمك الله رحمة واسعة، وبارك فى أسرتك.

ارفع رأسك فوق

الخميس:

لم يكن أشد المتفائلين، يتوقع هذا الأداء البطولى، لمنتخب مصر لكرة اليد، فى دور الثمانية أمام بطل العالم، منتخب الدنمارك. قدم الفراعنة مباراة مبهرة، وكانوا الأجدر بالصعود للمربع الذهبى، أكثر من مرة. سواء فى الشوطين الأساسيين، أو الأشواط الإضافية. لكن التوفيق لم يكن حليفنا فى رميات الترجيح، ليصعد منتخب الدنمارك إلى المربع الذهبى، بفارق هدف من رمية ترجيح واحدة.

أثبت أبطال مصر، طوال مبارياتهم بالبطولة، إنهم فريق عالمى كبير، سوف يحسب له الآخرون ألف حساب. فقد حققوا الفوز فى أربع مباريات وتعادلوا فى مباراة واحدة أمام سلوفينيا، وخسروا فى أخرى أمام السويد.

لقد سطر أبطال كرة اليد، ملحمة بطولية أمام الدنمارك، وكانوا ندا قويا لحامل اللقب، رغم عدم استفادتهم من عامل الجمهور، الذى يمثل عامل دعم رئيسى للدولة المضيفة، بسبب جائحة كورونا.

ارفعوا رؤوسكم أيها الأبطال، فقد كنتم فخر مصر والعرب وأفريقيا. هنيئا لكم بما حققتم من إنجاز، وهنيئا لمصر أم الدنيا بالتنظيم الرائع، الذى أشاد به العالم أجمع.

آخر كلام:

أنا المصرى

أنا ابن النيل والأديان والهرم

أنا نبت الحضارة حين تزدهر

أنا التاريخ منقوش على الحجر

على أرضى تجلى الخالق المعبود

وقصص الأنبياء والرسل على شهود

بأن بلادى آمنة وأن جنودى خير جنود

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة