الجمعة، 29 يناير 2021 - 12:16 م

قبل أن تلتهم النيران عددا من محال سوق التوفيقية، الجمعة، تظل هذه السوق واحدة من أبرز البقع التاريخية في منطقة وسط البلد التاريخية بالقاهرة.

على مدار أكثر من قرن من الزمان، احتفظ سوق التوفيقية بشهرة واسعة كسوق للفاكهة؛ بل نال صيتا واسعًا بـ«فن رص الفاكهة» قبل أن تدخل له سوق قطاع غيار السيارات فيصير موقعًا شهيرًا للتجارة.

لسنوات طويلة، ظل سوق التوفيقية محتفظًا بزبائن من سكان وسط القاهرة من المصريين والجاليات الأجنبية المقيمة في مصر منذ زمن، وهو عبارة عن شارع واحد فقط يبدأ من شارع رمسيس وينتهي في شارع عرابي ويقطعه من المنتصف شارع البورصة.

لكن الغريب أن سوق التوفيقية بوسط القاهرة وعلى مدى سنوات طويلة يتميز عن كل أسواق الفاكهة بما يقدمه لزبائنه من فواكه وخضر كلها معروضة بطريقة فنية تشعر القادم إليه وكأنه يشاهد لوحة تشكيلية رسمها فنان مبدع، فضلا عن توافر معظم أنواع الفاكهة طوال العام حتى لو كانت في غير موسمها إلى جانب فاكهة أخرى مستوردة لا توجد إلا في هذه السوق. 

في التوفيقية فقط تستطيع أن تجد أشهر فواكه الصيف في عز الشتاء ولكن بسعر يزيد على سعرها العادي أربعة أضعاف، بداية من المشمش والبرقوق وصولا إلى البصل الإيطالي والزيتون اليونانى، والكريز المستورد والمصري، والعنب والتفاح بأنواعه والكرنب (الملفوف) المستورد والخس الأفرنجي.

وأمام تراجع عدد باعة الفاكهة بشكل كبير ابتلع تجار قطع غيار السيارات السوق فأصبح الجزء الأول منه من شارع رمسيس حتى شارع البورصة خاليا تماما من الفاكهة وهذه المساحة تشكل ثلثي السوق ولم يتبق منه سوى الثلث الأخير فقط الذي يبدأ من شارع البورصة وينتهي بشارع عرابي.

كان موقع سوق التوفيقية في مطلع القرن العشرين عبارة عن بركة ضحلة لا يقترب منها أحد لوجود نباتات غريبة تملأ المكان، ثم في أوائل عشرينيات القرن الماضي تم ردم هذه البركة وتمهيد الشارع.

لكن أول النازحين إلى هذا المكان، تاجر مصري يبيع النظارات وهو من أصل صعيدي ويدعى الحاج فهمي والذي اشترى حوالى 85% من أرض سوق التوفيقية، والذي سمي بهذا الاسم لقربه من ميدان التوفيقية نسبة للخديوي توفيق والذي أطلق عليه فيما بعد ميدان عرابي.

اقرأ أيضًا| محمد على يهدي ملك فرنسا أول «زرافة» تصل لباريس

وقام الحاج فهمي باستقدام مجموعة من أبناء بلدته وجههم جميعا للاتجار في الفاكهة والخضر لخدمة منطقة وسط القاهرة، وقام بتصنيع سيارات خشبية على نفقته الخاصة لتكون بمثابة محلات مؤقتة لهم وبعد مرور عام على بداية هذا المشروع الناجح بدأ الحاج فهمي في تحصيل إيجار شهري منهم بلغ عشرة قروش فى عام 1921.

واشتهرت التوفيقية أيضًا في فترة الخمسينيات والستينيات بعمارة «الإيموبيليا» التي سكن فيها كثير من الفنانين كـ«نجيب الريحاني»، و«استيفان روستي»، والمخرج الراحل «عثمان أباظة» وغيرهم من الفنانين.