صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


أسباب ومآلات توسع الدور الصيني في الشرق الاوسط

بوابة أخبار اليوم

السبت، 30 يناير 2021 - 05:51 م

 

 
بكين ـ عامر تمام:
 
لطالما حاولت الصين النأي بنفسها عن الشرق الأوسط، فهي منطقة تعج بصراعات وخلافات؛ اختارت الجمهورية الصاعدة اجتنابها، لكن هذا الوضع لم يدم طويلاً، فلا يصح لدولة تسعى لتكون قوة عظمى أن يطول هجرها لمنطقة بأهمية الشرق الأوسط. بالتوازي مع الصعود السريع، والإعلان عن مبادرة الحزام والطريق في 2013، زادت المصالح الاقتصادية لبكين في الشرق الأوسط، وبالتبعية زاد الانخراط السياسي والأمني لحماية هذه المصالح، خاصة، تأمين احتياجاتها من النفط، والأسواق لصادراتها، وشركاتها التكنولوجية، ناهيك عن توسيع نطاقها الجغرافي الاستراتيجي، ومواجهة النفوذ الأمريكي.
 من واقع المعطيات، يمكن القول إن بكين تتحرك بحذر في الشرق الأوسط؛ لتفادي ألغام الخلافات، وهو ما يفسر، انخفاض الاستثمارات الصينية في المنطقة التي تبلغ حوالي 200 مليار دولار بنسبة تصل 5 في المائة فقط من حجم استثماراتها في الخارج التي تبلغ قيمتها حوالي 2 تريليون دولار، بحسب تقرير لمعهد أمريكان إنتربرايز.
 
في عام2016، أصدرت الصين أول "كتاب ابيض" ـ تقرير حكومي حول ما تم إنجازه والخطط المستقبليةـ بشأن الشرق الأوسط والمخصص للدول العربية فقط وليس المنطقة ككل ـ، سلطت الضوء فيه على فرص التعاون المربح للجانبين في مجالات الطاقة والتجارة والبنية التحتية، وكذلك التكنولوجيا والفضاء والاستخدام السلمي للطاقة النووية.
 
ثمة بعض المعطيات الأخرى تشير إلى زيادة الاهتمام الصيني بالمنطقة، أبرزها أن بكين تحصل على حوالي نصف احتياجاتها من النفط من المنطقة، هذا إلى جانب استثماراتها في الموانئ والمناطق الصناعية في إطار الحزام والطريق في العديد من الدول مثل مصر)منطقة قناة السويس( والإمارات ) ميناء جبل علي( وسلطنة عمان )ميناء الدقم(، انتقالا إلى منطقة المتوسط عبر الاستثمار في موانئ تركيا بالإضافة إلى إسرائيل ما حدا بالولايات المتحدة إلى تحذير حليفتها من أن استثمارات بكين في ميناء حيفا الذي يستخدمه الأسطول الأمريكي السادس يعرضها للخطر.
 تتبنى الصين استراتيجية "السلام التنموي" في المنطقة لتحقيق الاستقرار، إدراكا منها للنتائج الكارثية لاشتعال الأزمات في الشرق الأوسط على مبادرة الحزام والطريق، وكذا إمدادت الطاقة، لذا تسعى إلى فرض" الدبلوماسية ذات الخصائص الصينية" التي تعتمد على إدارة الخلافات، والتعاون والبحث عن نقاط التقاء بين أطراف النزاع.
 تأكيدا على هذه الرؤية قال نيو شين تشون مدير دراسات الشرق الأوسط في معهد الصين للعلاقات الدولية، " إن سياسة وأمن الشرق الأوسط ترتبط ارتباطا وثيقا بالصين" مؤكدا في مقالة بمجلة فورين أفيرز الأمريكية أن هذه المرة الأولى التي تمتلك الصين مصالح سياسية واقتصادية وأمنية في الشرق الأوسط في آن واحد.
 
إدراكاً منها لمدى تغلل النفوذ الأمريكي، وتفهمها للمخاوف من تحول المنطقة إلى ساحة للصراع مع واشنطن، حافظت الحكومة الصينية على علاقات جيدة مع كل الدول مع اختلاف توجهاتها وأنظمتها، من السعودية وإيران وحتى إسرائيل، وقال نيو خلال مشاركته في ندوة عبر الإنترنت في 2020 إن الصين تعتبر منطقة آسيا والمحيط الهادئ وليس الشرق الأوسط ساحة المعركة الأساسية للخلافات مع الولايات المتحدة.
 رغم التسريبات الإيرانية التي تفيد بأنها على وشك توقيع شراكة مدتها 25 عامًا مع الصين من شأنها أن تؤدي إلى استثمار ضخم بقيمة 400 مليار دولار أمريكي لتطوير قطاعات النفط والغاز والنقل في البلاد؛ اقتصر تعليق الصين على رد دبلوماسي على لسان المتحدث باسم الخارجية تشاو لي جيان، لم يؤكد ولا ينفي هذه التسريبات قائلا" إن الصين وإيران تتمتعان بصداقة تقليدية، ويتواصل الجانبان بشأن تطوير العلاقات الثنائية". مضيفا "إننا على استعداد للعمل مع إيران من أجل تعزيز التعاون العملي بشكل مطرد".
 في نفس الوقت، أعلنت غير مرة عن استعدادها للوساطة بين الرياض وطهران، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عبر اقتراح منصة متعددة الأطراف للحوار بين البلدين، هذه التحركات يدفعها، الرغبة في إنهاء الحرب في اليمن وتهدئة الأوضاع في العراق.
 من الواضح أن الصين ستكون شريكا فاعلا مع نهج واضح المعالم لبناء وجود أقوى في المنطقة، على الصعيد السياسي والأمني إلى جانب الاقتصادي، في ظل تراجع النفوذ الأمريكي على الصعيد العالمي، وفي المنطقة بشكل خاص، ما يضيف المزيد من الخيارات للدول العربية ويمنحها القدرة على المناورة، وتطويع هذا الانخراط وتحويله إلى قوة دعم للقضايا العربية.

اقرأ أيضًا: الصين تعلّق الاعتراف بجوازات السفر البريطانية لما وراء البحار

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة