صورة مجمعة
صورة مجمعة


بعد 4 سنوات| شومان يعود للتراشق مع عصفور: «منعا لتماديه مع الأزهر»

إسراء كارم

الإثنين، 01 فبراير 2021 - 03:24 م

تسبب الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، في حالة من الغصب داخل مؤسسة الأزهر الشريف، بسبب تصريحاته الأخيرة التي قال خلالها إنه ليس من حق الأزهر الإفتاء نهائيا.

وتناقلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات «عصفور» مع الهجوم على آرائه.

وتسبب ذلك في تجدد الخلاف بينه وبين الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف الأسبق، والدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، بعد عدة سنوات من المعركة الأولى التي دارت رحاها بين عامي 2014، إلى 2016، ولم يوقفه وقتها إلا تدخل شيخ الأزهر.

- الخلاف على المادة الثانية من الدستور

جاء ذلك بعد حواره ببرنامج «الحكاية» المذاع على فضائية «MBC مصر» كشفه عن أسباب اعتراضه على المادة 2 في الدستور، موضحا أن هذه المادة لم تكن موجودة من قبل، والتي تنص على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريعي»، قائلا: «مادة الشريعة الإسلامية تم وضعها عام 1923 عندما صنعوا الدستور وهذه المادة لم تكن من قبل».

 

- صناعة الدستور كانت تضم 3 من اليهود

ولفت إلى أن لجنة صناعة الدستور وقتها كانت تضم 3 أشخاص يهود، وحينها قال شيخ الأزهر: «أوليس مصر دولة أغلبيتها ينتمي لدين الإسلامية، إذن فلماذا لا ننص على أن الإسلام هو دين الدولة، وبالفعل أصبحت هذه هي المادة الثانية.

- المادة 2 فتحت مجالا للمتطرفين

 وقال إن اعتراضه أنه بهذه المادة نتج المتطرفون ممن يريدون مصر دولة إسلامية وأن الأولوية فيها للمسلمين، قائلا: «لا يوجد لمواطن أفضلية على آخر، فنحن نتحدث عن حقوق الإنسان والمواطنة، المواطنة لا تمييز فيها على الإطلاق، فلا يجوز انتقاص حقوق المسيحي في أي باب من أبواب الدولة، وعندما فصلت الإسلام حدث تمييز بين المواطنين على أساس الدين».

-عصفور: لا خلاف بيني وبين شيخ الأزهر

وأضاف أنه «لا يوجد خلاف بيني وبين شيخ الأزهر على الإطلاق كما أنه صديقي جدا وأحبه وأحترمه، وهذا ليس موضوعي»، قائلا إن مشكلته هي وجود مجموعة من المتشددين يقولون إن الأولوية للمسلم فيحدث تمييز ديني ويتسبب الأمر في فتنة طائفية ويقول العقلاء حينها إن الدين لله والوطن للجميع، قائلا: «أنا مصري وهذه هي هويتي ولا يجوز أن يقال مصري مسلم أو مصري مسيحي».

- التعليم الأزهري منهجه ازدواجي

ورفض نظام التعليم الأزهري واصفه بـ«الإزدواجية»، قائلا إنه قاصرا على المسلمين فقط، وهذا ما لم يوجد في أي دولة في العالم ففي أي دولة من حق الجميع الدراسة في أي تخصص وأي مكان، وقال إن التعليم الأزهري ليس مدني.

وأوضح أن «مدني» تعني الفصل بين الدين والدولة، وتفصل الدنيا عن الآخرة، أن تدخل لتعلم الطلاب علوم العصر وأفكار العصر، دون عمل دروس لدراسة العقائد والشرائع وما إلى غير ذلك.

- عصفور: يجب أن يخضع التعليم الأزهري لوزير التعليم

وقال إنه لابد وأن يكون التعليم الأزهري تحت إشراف وزير التعليم حتى يتم التعليم بشكله الصحيح، على يقوم شيخ الأزهر بمهامه الأخرى، قائلا إنه على الرغم من أن الدستور نص على المساواة إلا أنه لا يسمح لطالب مسيحي الدراسة في كلية الطب بجامعة الأزهر.

- الأزهر ليس من حقه الإفتاء

وذكر وزير الثقافة الأسبق أنه يجب اقتصار دور الأزهر على الفكر الديني والإشراف على رجال الدين وصيانة العقيدة ودفع الشبهات في إطار كونه مؤسسة ليست سياسية، كما ليس من حقه الإفتاء.

 

شومان يكشف أسرار لقاء عصفور بشيخ الأزهر لمراضاته

وعلق الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، قائلا: «لقد دخلت في حوار فكريّ قبل عدة سنوات على صفحات الأهرام بعد أن نسب الدكتور جابر عصفور لعلماء الأزهر القدامى ما هم منه براء، وكشفتُ بالأدلة عدم صحة ما ورد في مقاله الذي هاجم فيه الأزهر حينئذ».

وأضاف: «توقفت عن الرد على مقالاته وقتها بناء على توجيه من فضيلة الإمام الأكبر، بعد زيارة قام بها الدكتور عصفور للإمام الأكبر قدم فيها كثيرا من الترضيات للإمام بعد أن ضاق بالرد الأول الذي نشرته الأهرام، ومن العبارات التي كررها في حضوري أكثر من مرة للإمام الأكبر ولينكر ذلك إن استطاع جملة :( لك العتبى حتى ترضى) وعبارات أخرى مشابهة».

وقال إنه: «بعد توسط صديقه الراحل الأستاذ حمدي زقزوق عضو هيئة كبار العلماء ووزير الأوقاف الأسبق عند فضيلة الإمام لوقف هذا النزال وهو ما تم بالفعل، وبعدها أمسكت عن الرد على كثير من الفيديوهات والمقابلات والمقالات التي تعرض فيها الدكتور عصفور للأزهر».

- شومان: سكوت علماء الأزهر أغراه بالتمادي

واستطرد: « يبدو أن سكوت علماء الأزهر عن تجاوزاته أغرى الرجل بالتمادي، لذا وجب الرد من جديد على ما يقول، حماية لعقول الناس من هذا الاستهداف الذي يمارسه الدكتور عصفور، ومن ذلك هذا الذي ردده قبل أيام على شاشة إحدى الفضائيات، ويتلخص في النقاط التالية: انتقادُه الدساتيرَ من بداية دستور 1923م الذي جعل الإسلام دينا للدولة في مادته الثانية، زاعما أن هذا لم يكن موجودا فيما سبق، وهو ما يعني – حسب تعبيره-أن الأولويّة في مصر للمسلمين، وثانيا: ادعى أن الأزهر الشريف ليس من حقه الإفتاء نهائيا، وأن لكل مسلم عاقل حق الفتوى، وثالثا: يرى أن مهمة الأزهر الإشراف على التعليم الديني ليس أكثر من ذلك، ورابعا: يرى أن جامعة الأزهر تميّز بين المسلمين والمسيحيين، حيث إن جميع طلابها من المسلمين».

- ردود شومان على انتقادات عصفور

وأوضح شومان أنه سيرد على نقاط الاعتراض لدى جابر عصفور، وجاء رده الأول على انتقاده  الدستور لجعله الإسلام دينا للدولة المصريّة، كالتالي:

إن العرض الذي قدم به الدكتور عصفور حديثه عن دستور 23 الذي استحدث مادة لم تكن موجودة قبله، حيث جعل الدين الإسلامي دين الدولة الرسمي، يوحي بأن لمصر دساتير سابقة لم تنص على ذلك، وإني لأعجب كيف يُغفل الدكتور عصفور أو يَغفل عن أن دستور 23 يُعد أول دستور حقيقي لمصر، وأن ما سبقه لم يتجاوز كونه وثائق أساسيّة تعد مجرد مسوَّدات تمهِّد لوضع دستور، وهو ماتم في 19 أبريل 1923م.

حيث صدر أول دستور مصري صدق عليه الشعب المصري حينها، ولذا نقول مطمئنين إن كل الدساتير المصريّة التي صُدّق عليها وصدرت باسم الشعب المصري نصت على أن الدين الإسلاميّ هو الدين الرسميّ للدولة المصريّة.

 ومن هنا ينبغي التنبه والتنبيه على أن دستور 23 لم يبتدع حين عبّر عن كون الإسلام دينا للدولة، فغالب دول العالم الكبرى والصغرى تُعرف بدين معين هو ما يعتنقه أكثر شعبها، فأمريكا والدول الغربيّة ولبنان العربية مسيحية، وإسرائيل يهوديّة، وغالب الدول العربية إسلاميّة.

ولا يخفى أن هذه الدول بها ملايين من غير أتباع الدين الرسمي لدولهم، ولا يعني هذا تقديم أتباع الدين الذي وصفت به الدولة على بقيّة أتباع الديانات، فلماذا انتقاد الدستور المصري وحده دون دساتير وأنظمة العالم كافة؟!.

 هل يحق للدكتور عصفور أو غيره رفض اختيار شعب تم استفتاؤه طيلة قرن من الزمان على أن الدين الإسلاميّ دين الدولة الرسميّ؛ وهو من كان وزيرا يعلم أكثر من غيره وجوب احترام الدساتير والقوانين؛ وأن محل انتقادها يكون أثناء مناقشات الأعضاء الذين يصيغونها، فإن صدرت فمن خلال إجراءات معيّنة لتعديلها وإعادة الاستفتاء عليها؛ وليس من خلال شاشات الفضائيات أو الندوات؟.

ثم إن في كلامه ما يضعف اتهامه ويجعله غريبا حيث قال: إن لجنة دستور 1923م كان عضوا فيها شيخ الأزهر، وكان فيها ثلاثة من اليهود، حيث كان في مصر وقتها يهود ومسيحيون ومسلمون، ولست أدري كيف لم ير أصحاب الديانتين أعضاء لجنة الدستور المادة تنتقص حقهم وتجعلهم في المرتبة الثانية فوافقوا عليها، بينما اكتشف معاليه هذا بعد مرور هذه العقود، فلعلَّك ملكيٌّ أكثر من الملك!!.

وقد تحدثت وأنت تنتقد المادة الثانية عن المواطنة التي تسوّي بين المواطنين، وكأنك تعلن عن اكتشاف شخصي لم تسبَق إليه، ولست أدري وأنت المتابع للشأن الأزهري هل سمعت عن مؤتمر الأزهر العالمي عن (الأزهر في مواجهة التطرف والإرهاب) الذي عقد في 3 ديسمبر 2014م بحضور 140دولة من نتائجه:

«التأكيدُ على أنَّ المسلمين والمسيحيين في الشرقِ هم إخوةٌ، ينتمون معًا إلى حضارةٍ واحدةٍ وأمةٍ واحدةٍ، عاشوا معًا على مدى قُرون عديدة، وهم عازِمون على مُواصلةِ العيشِ معًا في دولٍ وطنيَّةٍ سيِّدةٍ حُرةٍ، تُحقِّقُ المساواةَ بين المواطنين جميعًا، وتحترمُ الحريَّات»، ولترسيخ المواطنة عقد مؤتمرا  لها بعنوان «الحريّة والمواطنة – التعدد والتكامل» في 28فبراير 2017م، ومثّل الحضورُ غيرُ المسلم فيه أغلبيةً بين الحاضرين، وبخاصة أتباع الكنائس الشرقيّة والغربيّة ،ومن توصياته:

- «المواطنة ليست حلًّا مستوردًا، وإنَّما هو استدعاءٌ لأوَّل ممارسةٍ إسلاميَّةٍ لنظام الحُكمِ طبَّقَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ‎هذه الممارسةُ لم تتضمَّن أيَّ قدرٍ من التفرقة أو الإقصاء لأيِّ فئة من فئات المجتمع آنذاك، وإنما تضمَّنت سياسات تقومُ على التعدُّديَّة الدِّينيَّة والعِرقيَّة والاجتماعيَّة، وهي تَعدُّديَّةٌ لا يُمكن أن تعمل إلَّا في إطار المواطنة الكاملة والمساواة».

- «الإيمان بالمساواة بين المسلمين والمسيحيين في الأوطان والحقوق والواجبات، باعتبارهم “أُمَّة واحدة؛ للمسلمين دِينُهم، وللمسيحيين دِينُهم».

‎- «إنَّ تبنِّي مفاهيم المواطنة والمساواة والحقوق يَستَلزِمُ بالضرورة إدانةَ التصرُّفات التي تتعارَضُ ومبدأ المواطنة، من مُمارساتٍ لا تُقِرُّها شريعةُ الإسلام، وتنبني على أساس التمييز بين المسلم وغيرِ المسلم، وما إلى ذلك من سلوكيَّات يَرفُضها الإسلام، وتَأباها كلُّ الأديان والأعراف».

- «إنّ طموح الأزهرهو التأسيس لشراكةٍ متجددة، أو عقدٍ مستأنَفٍ بين المواطنين العرب كافَّةً، مسلمين ومسيحيين، يقوم على التفاهم والاعتراف المتبادَل والمواطنة والحريَّة».

- «إن المجتمعين مسلمين ومسيحيين يُجدِّدون عهود أُخوَّتِهم، ورفضهم أيَّة محاولات من شأنها التفرقة بينهم».

وعلى شاشة التلفزيون المصري يوم الجمعة 19/1/2017م، قال الإمام عن مصطلح الأقلية: «إن المصطلح لا يعبر عن روح الإسلام ولاعن فلسفة الإسلام، ومصطلح المواطنة هو التعبير الأنسب والعاصم الأكبر والوحيد لاستقرار المجتمعات»، وكان قد ذكر هذا الكلام في المؤتمر العالمي لدار الإفتاء المصريّة في 17/10/2016م، وفي كلمات عدة في عدة دول زارها.

واستكمل: «لا أدري هل يتابع الدكتور عصفور جولات الإمام الأكبر وعلماء الأزهر، والحوار القائم بين  الأزهر و الفاتيكان ،ومجلس الكنائس العالمي، وكلمات الإمام التاريخية في قلب كنيسة كانتربي، والبوندستاج الألماني، وهذه المشاهد المتكررة لعلماء الأزهر ورجال الدين المسيحي في مشيخة الأزهر والكاتدرائية لتبادل التهاني في المناسبات، وهل سمع عن بيت العائلة المصريّة الذي يجمع علماء الأزهر ورجال الكنائس المصريّة في قلب مشيخة الأزهر أو لا؟.يا معالي الدكتور إن الفتنة نائمة وعلينا أن نعمل على بقائها خامدة في نومها إلى الأبد ما لم نستطع إماتتها، وللحديث بقية».

وهكذا ردت «صوت الأزهر» على جابر عصفور

أما صحيفة صوت الأزهر، الصادرة عن مشيخة الأزهر الشريف، فردت على هجوم الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، بطريقة مختلفة.

فأعادت الصحيفة نشر مقتطفات من مقالات نشرها عصفور ما بين عامي ٢٠١١ و ٢٠١٥ في جريدة الأهرام يتحدث فيها عن الأزهر وشيخه بمديح مفرط، وحينها قال إن الشيخ الطيب الحفيد الفكري للإمام محمد عبده، كما أن مشيخة الأزهر هي النبع الذي انبثقت منه الاستنارة المصرية وظلت تشع على ما حولها في تاريخنا الحديث.

والغريب أن الدكتور عصفور، هو من قال بنفسه إن الدكتور الطيب يؤكد أنه ليس في الإسلام سلطة دينية، والشرع نفسه يؤكد معنى الدولة المدنية القائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية، واصفا الإمام الطيب بالشيخ التنويري، وأن الماتريدية الأشعرية التي هي أقرب الاتجاهات إلى شيخ الأزهر التنويري، لا تعادي العقل السليم ولا تنكره.

وأضاف أن الحقيقة التي يؤكدها الإمام الطيب أن الأزهر ليس سلطة دينية، وأنه لا يمنع أحدا من الاجتهاد في شؤون الدين ما دامت توافرت له شروط الاجتهاد، لافتا إلى أن جموع المثقفين ترى في الأزهر حصنا أمينا للإسلام الوسطى المستنير، وقال: لا داعي لمحاولة الوقيعة بين المثقفين والإمام الذي هو منهم وفي طليعتهم الوطنية.

وإليكم رد «صوت الأزهر»:

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة