صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


بتوَّنس بيك وأنت معايا..

حكايات من الزمن الجميل.. 50 سنة حب و«لسة مكملين»

أميرة شعبان

الأربعاء، 03 فبراير 2021 - 07:52 م

‮«‬من‭ ‬فات‭ ‬قديمه‭ ‬تاه»..‬‭ ‬جملة‭ ‬رددها‭ ‬لنا‭ ‬أجدادنا‭ ‬كثيرا،‭ ‬لكننا‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نعلم‭ ‬أنه‭ ‬سيحين‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نتمنى‭ ‬فيه‭ ‬العودة‭ ‬للزمن‭ ‬القديم‭ ‬الجميل،‭ ‬ففي‭ ‬وسط‭ ‬كثرة‭ ‬الأرقام‭ ‬والتقارير‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الطلاق‭ ‬والعنف‭ ‬الزوجي،‭ ‬مازالت‭ ‬مصر‭ ‬تحتفظ‭ ‬بوجهها‭ ‬الحقيقي‭ ‬البشوش،‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬تجاعيد ‭ ‬‮«‬الستات‭ ‬المصرية‭ ‬الأصيلة‮»‬،‭ ‬و«الرجال‭ ‬الطيبين»..‬ وبما‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬شهر‭ ‬الحب‭ ‬وقد‭ ‬بدأنا‭ ‬العد‭ ‬التنازلي‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالـ«فلانتاين‮».. ‬ألف‭ ‬عيلة‭ ‬وعيلة‮‬‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬ينبش‭ ‬عن‭ ‬روايح‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل‭ ‬ليستخرج‭ ‬أغلى‭ ‬حكايات‭ ‬حب‭..‬ حكايات‭ ‬حب‭ ‬عمرها‭ ‬تخطى‭ ‬نصف‭ ‬القرن..‭ ‬بين‭ ‬أزواج‭ ‬جمعهم‭ ‬الدفء‭ ‬والوفاء‭.‬ 

لم‭ ‬ينجبا..‭‬‭ ‬ولم‭ ‬يفكرا‭ ‬في‭ ‬الانفصال

في كل ضربة فأس من يد الحاجة هنية في قلب الطينة، كان يضرب مثلها في قلب عم رمضان الذي يروي لنا بدايتهما معا عندما كانت تذهب "هنية" الفتاة ذات الثامنة عشرة ربيعا للأرض قائلا: "كانت عيلة بضفاير.. تمسك الفأس وانا احاول أكتم ضحكتى عليها، كنت شاب لسة لكن حبها وقع فى قلبى من أول لحظة".

لترد الحاجة هنية قائلة: "كان من خيرة شباب البلد وكان واد حليوة"، وتضحك على استحياء وتوجه له الكلام" بصراحة كنت بتغزل فيك انا وبنات البلد".

لم تكمل هنية تعليمها فهى بالكاد انتهت من الثالث الابتدائى وحكم عليها العُرف والتقليد وقتها أن تساعد أمها فى أعمال المنزل، لكن كان اللقاء الوحيد لها مع رمضان فى الغيط ينتهى كل منهما من حصاد المحصول مع الفلاحين ويجتمعان معًا عند الصبى بائع الشاى والقهوة.. تقول الحاجة هنية "فى زمن المشى فيه بين البنات والولاد كانت حاجة بطالة رمضان كان فيه عرق صعيدى ومرضاش نمشى مع بعض واتقدملى علطول".

ومرت السنوات ولم ينجبا أى اولاد ولم يسعيا وراء معرفة من السبب فى ذلك منهما، بل اكتفى كل منهما بمواجهة الأهل بالحقيقة والتصميم على أن الله جمعهما لحكمة ولن يفرقهما أى أحد.. عانا كثيرًا فى البداية حتى نُسى الأمر أو تنساه الجميع مع الأيام، وعاشا لأكثر من 50 عاما وهما خير العون والسند لبعضها البعض.

بنت‭ ‬الأكابر‭ ‬تتحدى‭ ‬التقاليد وتتزوج‭ ‬الشاب‭ ‬الأسمر‭ ‬البسيط

"الراجل ميعبهوش إلا جيبه".. هكذا اعتادت بعض الفتيات أن يصفن الرجال فى عصرنا هذا، معتقدين أن الحب لا يقف فى وجه المستحيل إلا على شاشات السينما، لكن عدسة عبدالله حسام كان لها رأى آخر، وهو حفيد روميو وجولييت الفلاحين كما كان يطلق عليهما، فنشأ الشاب وهو يستمع لأساطير كثيرة لكن قصة حب جده حسن وجدته فاطمة كانت الأكثر غرابة.

زوجان جمعهما القدر لأكثر من 60 عاما، رويا لنا قصتهما المليئة بالمغامرة فى زمن كان البوح فيه بالحب جريمة فى حق حياء الفتاة لاسيما أنهم من الفلاحين، فهى فتاة جميلة غنية تقع فى شباك حب فتى أسمر على قد حاله، ويمشى السيناريو كالمعتاد فى رغبة الأهل بالزواج لابنتهم من شاب مناسب لهم اجتماعيًا وماديا، وهنا يؤكده لنا الحاج حسن " انا مسكتش وحاربت أصل اللى زى فاطمة ده يجى مرة فى العمر"، فعافر الشاب الأسمر الجميل ليتزوج من بنت النيل ودام زواجهما ستين عاما ولم ينته الحب ابدًا، ويعبر الحاج حسن قائلا:" الست دى فضلها وكرمها على راسى من فوق ولو عشت مية سنة مش هقدر أوفى جمايلها، دا بينا عشرة و13 ولد وبنت ". 

‮«‬قدرية» ‬‭ ‬رضيت‭ ‬بغرفة‭ ‬في‭ ‬بيت العيلة‭ ‬و‮«‬مهية‮» 3‭ ‬جنيهات 

"مسكنش في بيت عيلة".. كلمة كثيرا ما تتكرر على لسان العروس فى هذه الأيام، وكأن منزل العيلة الذى لطالما كان مصدرا للدفء أصبح الآن أساس كل المشاكل.

لكن ذلك لم يكن مانعا عند "قدرية عبدالله" الشابة الجميلة ذات الـ19 عاما، التى رحبت بالسكن داخل غرفة واحدة ضمن منزل عائلة زوجها "محمد دويس"، فتعهدا معا منذ أكثر من نصف القرن على العيش تحت أى ظرف.

وبالفعل بدأت الحياة الزوجية لهذا الثنائى بـ "مهية" تبلغ 3 جنيهات، ويحكى لنا الحاج محمد قائلا: " لما جيت اتجوز حبيبتى قدرية كنت موظفا فى مصنع الزيت والصابون فى طنطا ومهيتى كانت 3 جنيهات، ورضيت بيا وصبرت، لكن لما خلفنا نزلت اشتغل كمان باليومية عشان أكفى أولادي، وحبة حبة قدرت أعملها بيت لوحدها هى وولادنا الخمسة".

وبنظرة كلها حنان أضاف " اللى بيصبر دايما بينول.. قدرية وقفت جنبى ونزلت الغيط معايا عشان تساعدني، وكان عندنا 4 بنات وولد لازم نربيهم سوا، والحمد لله أهو جوزناهم كلهم، والولد عمل زى ما أبوه عمل زمان، اتجوز وقعد وسطينا فى البيت اللى بنيته أنا وأمه طوبة طوبة".. وهمس لنا فى النهاية قائلا: " قدرية دى حبيبتى ولسة بخاف عليها وكأننا صغار، يا بنتى العرسان دلوقتى لو اتحملوا بعض ووقفوا فى ضهربعض لا هنشوف مشاكل ولا طلاق ولا الكلام الغريب ده".

زوجان‭ ‬ع‭ ‬المرة‭ ‬قبل‭ ‬الحلوة

"ع الحلوة والمرة مش كنا متعاهدين..ليه تنسى بالمرة عشرة بقالها سنين"... كلمات جميلة لطالما أطربتنا، لكنها هذه المرة ليست فى محلها، فالزوجان لبنى ومحمد استطاعا إثبات "إن العشرة من المستحيل نسيانها فى المرة قبل الحلوة".

كان اللقاء بهما ممتعا فبدأت لبنى الحديث "زمان مكنش فيه التلاكيك اللى بتحصل دلوقتى أنا اتجوزت مثلا من غيرسفره ونيش او حتى مراية للتسريحة " ليضيف محمد "طبعا مش هنقول ان الحياة مثالية فكان بيبقى بينا مشاكل وزعل وخناقات بس عمرها ما استمرت كتير،عمر لبنى مثلا ما فكرت تسيب البيت وتغضب عند اى حد بالعكس حتى لما كان بيبقى فيه خصام مكانتش بتسيب اوضة نومها وتخرج".

وتنهد كأنه يسترجع شريط حياته قائلا :" خلونا نعرف ان الاحترام والصبر بين الزوجين شىء مفروغ منه لان الحياة عمرها ما هتمشى إلا لماكل واحد يضحى من ناحيته شوية، زوجتى فى وقت جالها خلل ما فى مناعتها مكانتش بتقدر تقف على رجليها كنت بصحيها وبدخلها حمامها وبحميها واكلها وبعاملها بالظبط زى الاولاد الصغيرة لغاية ما بدأت صحتها فى التحسن واحدة واحدة ولله الفضل".

وأكمل "كمان انا مريض سكر من زمان وجه عليا فترة رجلى جالها "قدم سكرى" وغرغرينا وعمليات كتير ورا بعض، كانت هى ونعم الزوجة طول مرضى فى الغربة، ولولا انها ست اصيلة مكانتش استحملت، فالحمد لله اللى بيقع مننا التانى لازم بيشيله".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة