عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

متى تتكرر أم كلثوم؟!

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 04 فبراير 2021 - 07:48 م

 

أم كلثوم ظاهرة لن تتكرر.. هكذا يقرر البعض منا بشكل جازم.. وهؤلاء يقصدون بالطبع الموهبة العبقرية لأم كلثوم فى الغناء هى التى لن تتكرر، وليست تفاصيل صعودها إلى القمة لتصير سيدة الغناء العربى وكوكب الشرق كله، فهذه أمور بالطبع غير قابلة للتكرار.. وهذا يتعارض مع المقولة التى نعتز بها ونرددها كثيرا والتى تقول إن مصر ولادة، أى أنها قادرة على أن تقدم لنا دوما المزيد من المواهب، غير أنهم يقولون إنه قد مر علينا قرابة نصف قرن على افتقادنا أم كلثوم ولم نحظ بموهبة عبقرية فى الغناء مثلها حتى الآن، أو على الاقل تقترب من مستوى عبقريتها الفنية، ويشعر الكثيرون منا فداحة فقدها حتى الان ليس فقط فى ذكرى فقدها وإنما كلما سمعوا أغنية من أغانيها!

إلا أننا قد نجد التفسير لذلك فى طيات تفاصيل حياة كوكب الشرق منذ ان كانت طفلة صغيرة ابنة لرجل بسيط فقير كان يتولى الإنشاد الدينى فى قريته والقرى المحيطة بها ليتحصل على دخل إضافى.. فهذه الطفلة الصغيرة وجدت وهى فى عمر السابعة من يكتشف أولا موهبتها الفطرية فى الغناء، ثم من يرعى هذه الموهبة وأيضاً من يصقلها ويقدمها فى أفضل صورة للناس.. وهناك شخصيات عديدة قامت برعاية أم كلثوم ابتداء من والدها الشيخ إبراهيم البلتاجى الذى اكتشف موهبتها واصطحبها للغناء معه فى الحفلات التى كان يشارك فيها.. وتضم قائمة هذه الشخصيات الشيخ أبوالعلا محمد الذى أقنع والدها بالانتقال من قريته طماى الزهايرة إلى القاهرة للغناء على مسارحها، ثم تعهد بتدريبها وتشجيعها، وكذلك الشيخ زكريا احمد، ثم احمد رامى الذى فتح لها أبواب عالم الشعر على مصراعيه وكان يختار لها ما تتغنى به منه وكتب لها ١٢٧ أغنية، ومحمد القصبجى الذى أسهم فى إعدادها فنيا ومعنويا أيضا وجهز لها تختا موسيقيا حديثا لتغنى أمامه، وأيضاً أمين بك المهدى الذى أشرف على منحها دروسا فى الموسيقى.

وهكذا وجدت موهبة أم كلثوم من يتعهدها بالرعاية والصقل منذ الصغر ولذلك نضجت هذه الموهبة وتحولت بفضل هذه الرعاية المبكرة إلى أسطورة فى الغناء نتمنى أن تتكرر، بل يخشى البعض منا ألا تتكرر !.. هذا هو الدرس الأهم الذى نخرج به من حياة تلك الصبية الصغيرة الموهوبة التى صارت بفضل رعاية موهبتها كوكب الشرق.. لا يكفى أن تكون لدينا مواهب مختلفة، سواء فى الفن أو الأدب أو العلم أو الرياضة ليصير لدينا نجوم فى هذه المجالات وغيرها، وإنما هذه المواهب يجب أن تصادف من يرعاها لتصبح نجوما أو ظواهر فذة وعبقرية.. ولحسن حظنا أن أم كلثوم صادفت وهى صغيرة من اكتشف موهبتها وأيضاً من تولى رعاية هذه الموهبة.. أما إذا كنّا نريد ان تتكرر هذه النوابغ فى بلدنا فانه يتعين ألا نترك الامر للمصادفة وحدها، وانما يجب ان نفتش بشكل مخطط وممنهج عن المواهب وأن نقوم برعايتها وصقلها لنحول أصحابها نجوما ساطعة فى سماء بلدنا.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة